حتى اوائل التسعينات، كان أرشيفي الخاص بالسينما الفلسطينية يحتوي على مواد تخص مخرج واحد، هو ميشيل خليفي. اضافة لقصاصة او اخرى حول تجربة وحيدة، او مشاريع تجارب لم ير معظمها النور. اذا استثنينا الأفلام التي حققها مخرجون عرب من غير الفلسطينيين، غابت السينما الفلسطينية وغاب المخرجون الفلسطينيون طويلاً عن مسار الانتاج السينمائي العربي، بسبب حالة الشتات التي عاشها هذا الشعب. هناك بضعة افلام روائية انتجتها المؤسسة العامة للسينما في سورية، فترة السبعينات مثل: "كفر قاسم" للمخرج برهان علوية، و"المخدوعون" للمخرج توفيق صالح. اضافة لما انتجته دائرة السينما في منظمة التحرير الفلسطينية، من افلام وثائقية، كان ابرزها تلك التي اخرجها عرب، مثل قيس الزبيدي ومحمد ملص. وضاعت بعض الاسماء التي كان يمكن لها ان تبرز فلسطينياً، في السبعينات والثمانينات، بسبب انها حسبت على ذلك الفصيل او ذاك، اذ تقيدت حظوظها في فرص الانتاج بمحدودية حصص التمويل لكل فصيل. من هؤلاء المخرجين، جبريل عوض، خريج ألمانيا الغربية، الذي قدم عدة افلام، من بينها "برلين المصيدة" عن حالة الضياع التي يعيشها بعض الشبان العرب في تلك المدينة، وفيلم "صباح الخير يا بيروت"، وهو عن تجربة الحصار الاسرائيلي لتلك المدينة. اضافة لثلاثة افلام من انتاج ألماني، احدها، وهو فيلم "انا بخير" كان روائياً. ومنذ اواخر الثمانينات، انشغل جبريل المقيم في دمشق، بالنشاط السياسي على ما يبدو، وخفت صوته المحسوب على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وتشكل المخرجة الفلسطينية المقيمة في بيروت، مي مصري، ثنائياً سينمائياً مع زوجها المخرج اللبناني جان شمعون، فيوزعان فيما بينهما المهام ما بين الاخراج والانتاج. قدم الثنائي العديد من الافلام عن تداعيات الحرب الأهلية اللبنانية. اما في ما يخص القضية الفلسطينية، فقد اخرجت مصري ثلاثة افلام هي: "أطفال جبل النار" عن اطفال الحجارة في مدينة نابلس و"حنان عشراوي" وهو عبارة عن بورتريه للمرأة التي شاركت في مفاوضات السلام، وتتولى الآن منصب وزيرة في الحكومة الفلسطينية، ثم فيلم "اطفال شاتيلا" عن اطفال المخيم الفلسطيني في لبنان. الا ان التسعينات شهدت، خاصة في نصفها الثاني، قدوم اسماء جديدة الى ساحة السينما الفلسطينية. وأول القادمين كان عمر قطان بفيلمه التسجيلي "أحلام في فراغ" عام 1992، الذي صوره في الأردن قبل واثناء حرب الخليج، وهو عن حلم الرجوع الى الوطن. وقد اخرج قطان المقيم في لندن، فيلمه الثاني بعنوان "العودة" بعد ذلك بسنوات. وفيه يصطحب ضابطاً بريطانياً سابقاً الى مدينة يافا، حيث يتذكر الميجر كيف ساهم الجيش البريطاني في تسليم المدينة الى الحركة الصهيونية. ومن الأسماء التي برزت في السنوات الاخيرة، المخرج ايلي سليمان، الذي قدم فيلماً أثار ضجة عند مشاركته في مهرجان قرطاج في حينها، وهو الفيلم الروائي "سجل اختفاء". سبب الضجة، تضمين النشيد الوطني الاسرائيلي في نهاية الفيلم، ما أثار نقداً حاداً جائراً اقتطع المشهد من السياق العام للفيلم، ومنحه تفسيراً أيديولوجياً مباشراً. من ناحية اخرى، قدم المخرج رشيد مشهراوي فيلمين روائيين: "حتى اشعار آخر" الذي صوره في غزة اثناء الانتفاضة، و"حيفا" ويحكي محاولة عودة شخص الى بيته في تلك المدينة. يمكن القول ان جيلاً جديداً ظهر في السنوات الاخيرة، يعيش في الأراضي الفلسطينية، ويلامس همّ الواقع اليومي، الذي لم يعد يراوح عند حلم العودة. اننا امام واقع جديد، يعيش فيه الفلسطينيون اشكالات يومية، سواء مع سلطات الاحتلال او السلطة الوطنية، او الاصولية التي تضغط باتجاه تقييد حرية المرأة، وسلب مكتسباتها النسبية التي حققتها في عقود التحرر الوطني. هناك عدد من المخرجين يعملون الآن على الافلام الوثائقية داخل الأراضي الفلسطينية، سنكتفي هنا بالحديث عن اثنين منهما، كانت كاتبة المقال التقتهما في لندن مؤخراً. عزة الحسن، درست السينما في كلية جولدسميث البريطانية، وعملت مع محطة "إم بي سي" في لندن، قبل ان تعود الى عمان للاستقرار والعمل. هناك قرأت اعلاناً من جامعة هوبكنز الاميركية، عن تمويل سلسلة افلام بعنوان "نساء تتكلم"، وهو عن نساء أثّرن في محيطهن الاجتماعي والسياسي. واشترط الاعلان ان تتقدم للمسابقة مخرجات نساء، من مصر وتونس واليمن ولبنانوفلسطين. وكان ان حصلت على العرض، ودخلت الى نابلس عام 1996، لانجاز الفيلم. بعد ذلك، عندما قررت عزة ان تستقر هناك، فوجئت بحقيقة غياب مصادر التمويل. وللتغلب على المأزق المالي، اتجهت الى اخراج افلام دعائية قصيرة لمؤسسات ذات طبيعة اقتصادية، كي تمول، من خلالها، افلامها الاخرى. وبسبب محدودية الميزانية، قررت ان تصور بنفسها فيلمها اللاحق، وبذلك طورت جانباً من قدراتها بفضل مأزق التمويل. في فيلم "كوشان موسى" تتابع المخرجة، مصير شهادات تملّك البيوت والأراضي الخاصة بفلسطينيين مقيمين تحت سلطة الاحتلال، وتعود هذه الأوراق الى ايام الحكم العثماني. ومن هنا جاءت تسمية كوشان، وتعني باللغة التركية، صك ملكية. هذا الفيلم نموذج ناجح للأفلام التلفزيونية الأقرب الى التحقيق الصحافي في ملاحقته للقضية المطلوبة وكشفه للسلبيات، ومن حيث منطق السنياريو الذي كتبته المخرجة بنفسها، وأدته بصوتها الذي يعلق على تفاصيل الاحداث. الا ان فيلمها الاخير "هي السندباد" مشوش الهدف. وفيه تلاحق المخرجة يوميات رجال ونساء، احدهم كان يوماً بين اطفال الحجارة، يروون حكايات مختلفة. منها حكاية تلك المرأة التي كسر متطرفون رجلها وشوهوا وجهها، بسبب رفضها الانصياع لأوامرهم بترك السوق والعودة للبيت، كونها المرأة الوحيدة التي تعمل هناك. وفتاة تحكي عن تحرّش الشباب بها كلما خرجت لمكان عام. وشاب يعمل سائقاً، يروي تفاصيل زيارته لشاطئ تل ابيب، حيث يتفرج على أجساد النساء اليهوديات!. لا يتسق فيلم "هي السندباد" مع عنوانه، وهو على النقيض من الفيلم السابق يشكو من تشوش في السيناريو وفي الهدف وكان على المخرجة، ان تبحث عن خانة اخرى، تجمع تحتها تلك التفاصيل الغنية من يوميات الفلسطينيين، لأنها وحسب ورودها في الفيلم، لا تحيل الى دلالة السندباد في قلق الترحال. معضلة التمويل واجهها ايضا زميلها صبحي الزبيدي، المخرج الذي لفت الانظار اليه العام الماضي في معهد العالم العربي، عندما حصل فيلمه "خارطتي الخاصة جداً" على جائزة احسن فيلم وثائقي قصير. مع ان الفيلم صور على أشرطة بيتكام مستعملة لعدم توفر التمويل. تخرج الزبيدي من كلية الاقتصاد بجامعة بير زيت، ثم غادر الى نيويورك حيث حصل على الماجستير في السينما. اخرج بعد عودته بعض الافلام القصيرة لحساب مؤسسات دولية، تتناول جوانب من حياة الناس في فلسطين، وبعضها يتعلق بالبنية التحتية مثل المياه والمجاري والنفايات، ما اعطاه دفعة وخبرة في التعامل مع الموضوع المحلي والمكان تحديداً. اذ تجول كاميرا فيلمه الأول هذا في مخيم الجلزون بغزة، وهو المخيم الذي يعود تكونه الى عام 1948. يقترب الفيلم من مشاعر سكان المخيم، مبتعداً عما هو سياسي مباشرة. وقد تجاوز في هذا الفيلم الخطاب الاعلامي الذي يركز على تقديم الفلسطيني كضحية، الوجه الآخر لتقديمه كإرهابي. يستعين المخرج بقصائد الشاعر محمد القيسي، كخلفية صوتية لبعض المشاهد. الفيلم الذي يمتد الى واحد وعشرين دقيقة، هو وثيقة لتاريخ المخيم وسكانه، وقد استعان المخرج بصور وأفلام أرشيفية، ورسائل متبادلة بين القيسي وصديق مقيم في المخيم. وتبرز قدرات زبيدي في سيطرته على مونتاج مضمون فيلم شائك، عنوانه "نساء في الشمس". يتناول الفيلم اوضاع المرأة في غزة، بعد قيام السلطة الفلسطينية. فهناك صدام بين الحركة النسائية وقوى التطرف. ينقل الزبيدي الكاميرا بين اجتماعين، لنرى مسؤول الحركة الاسلامية يكفر الجمعية النسائية، وكل من تدخل الى موقعها. بينما تركز عضوات الجمعية ومن بينهن محامية، جهودهن على تطوير قانون الأحوال الشخصية، ومواجهة حالات الاغتصاب التي تتعرض لها المرأة خصوصاً من ذوي القربى، اذ ان المرأة هي الضحية التي تقع عليها العقوبة الاجتماعية، لا الرجل المغتصب. المصدر: الحياة العنوان: فيلم روائي قصير لنجل أسامة أنور عكاشة الكاتب: ت.م: 16-07-1999 ت.ه: 03-04-1420 جهة المصدر: العدد: 13278 الصفحة: 18 - ملحق سينما اختار المخرج هشام عكاشة كلاً من فتحي عبدالوهاب وانتصار وطارق مندور وداليا مصطفى ومحمود البنا لأداء بطولة فيلمه الروائي القصير "أن تكون هنا" الذي كتبه عاطف أبو دوح. وتدور أحداث الفيلم حول حالة عدم اكتمال الاشياء، من خلال شاب يعاني إحباطاً في حياته الشخصية كما في علاقته بالاشخاص والأشياء المحيطة به. وقال عكاشة ل"الحياة": "جذبني الفيلم لايقاعه القريب جداً الى نفسي حيث أننا نطرح من خلاله تساؤلاً مهماً عما سيفعل هذا الشاب لو وجد الدفء والحب الكافيين"، واشار الى أن الفيلم ستبدأ أحداثه برباعية لصلاح جاهين تعبر عن مضمونه وهي "بحر الحياة مليان بغرقى الحياة، صرخت خَش الموج في حلقي ملاه.. صرخت قارب نجاة وقالوا مفيش غير بس هو الحب قارب نجاة". المصدر: الحياة العنوان: ساهم في تأسيس السينما السورية واللبنانية ويرأس لجنة صناعة السينما والتلفزيون . تحسين قوادري: "المؤسسة العامة عائق في وجه الانتاج الجيّد" الكاتب: سعاد جروس ت.م: 16-07-1999 ت.ه: 03-04-1420 جهة المصدر: العدد: 13278 الصفحة: 18 - ملحق سينما ما زال الاختلاف على مفهوم السينما في سورية "هل هي ثقافة أم صناعة؟" محور الاشكال القائم بين القطاع العام الممثل بالمؤسسة العامة للسينما، والقطاع الخاص الممثل ببعض الشركات ورجال الاعمال العاملين في هذا الحقل. وهذا الاختلاف خلق شرخاً واسعاً بين هذين القطاعين. وقد ظلت السيطرة للقطاع العام كونه يستمد قوته من قوانين وأنظمة وضعتها الدولة عندما انشأته وبقيت مستمرة حتى الآن، رغم التغيرات التي حصلت في ساحة الانتاج الفني. وهذا ما أثر سلباً على نشاط القطاع الخاص الذي كان يستثمر في السينما، حيث توقف عن الانتاج مع بداية التسعينات، متجهاً نحو التلفزيون، بعد اتساع السوق الفنية واختلاف القيم والمعايير الترويجية والتسويقية للعمل الفني. حول واقع السينما كصناعة وتسويق، التقينا رئيس لجنة صناعة السينما والتلفزيون في سورية المنتج تحسين قوادري. وهو معروف اضافة الى صفته هذه، بوصفه واحداً من اقدم المنتجين والموزعين للفيلم السينمائي في سورية ولبنان. وهو كان، خلال الستينات واحداً من الذين ساهموا في انبعاث صناعة سينمائية في هذين البلدين. من هنا استناداً الى خبرته المزدوجة هذه، كان معه هذا الحوار. ما هي طبيعة عمل لجنة صناعة السينما والتلفزيون التي ترأسها؟ - من مهامها الرئيسية حفظ حقوق المنتج السوري وتحصيل امواله من المحطات التلفزيونية ومراقبة محتوى الأعمال التلفزيونية المعدة للتصدير، من انتاج القطاع الخاص. هل ثمة تعاون بينها وبين المؤسسة العامة للسينما السورية؟ - مؤسسة السينما تجلس فوق قمة خاصة بها، وهي لا تعترف بوجود القطاع الخاص. هل هذا هو السبب وراء توقف القطاع الخاص عن الانتاج السينمائي منذ عام 1990. - كانت ولادة السينما السورية الحقيقية عام 1963 مع فيلم "عقد اللولو"، وهو من بطولة دريد لحام وصباح وفهد بلان، واستقطب فرقاً فنية من وزارة الثقافة ووزارة الاعلام، وهو فيلم فولكلوري له علاقة بتراثنا. أما ما سبقه من افلام فكان عبارة عن سينما هواة، وكانت تجارب مرتبكة لكن يعود الفضل لروادها في ادخال السينما الى سورية. وأنتج القطاع الخاص قرابة 170 فيلماً، غير ان المؤسسة العامة للسينما لم تعترف بهذا الانتاج معتبرة انه "هابط فنياً"، وتعتبر نفسها من انقذ السينما في سورية! المؤسسة لم تقدم الدعم للقطاع الخاص لذلك توقف، وهي لا يهمها ان تقدم ما يغطي حاجة السوق، لأن العاملين فيها موظفو دولة. وموظف الدولة لا يصنع سينما، السينما لا يقوم بها الا القطاع الخاص. دور العرض مثلاً الموجودة في دمشق بناها القطاع الخاص، وزارة الثقافة لم تبن دار عرض واحدة. كما ان استيراد الافلام محصور بالمؤسسة العامة للسينما وحدها، ولا يحق للقطاع الخاص استيراد الافلام. كيف تمت صياغة حصر الاستيراد بالقطاع العام، اي المؤسسة العامة للسينما؟ - تم ذلك ضمن مرسوم حصر الاستيراد الصادر عام 1963، باعتبار ان القطاع السينمائي العام قطاع يمول نفسه بنفسه لذلك حصر الاستيراد فيه لتأمين مورد مادي له. وكان من المفترض ان يكون هناك تعاون بين ادارة المؤسسة والقطاع الخاص لتنشيط الانتاج، لكن منذ تسلم الاستاذ مروان حداد رئاسة المؤسسة لم تجتمع ولا مرة مع القطاع الخاص لذلك توقف هذا الاخير عن الانتاج السينمائي. وهذا عكس ما تم مع وزارة الاعلام، فقد قدمت الوزارة تسهيلات كبيرة للقطاع الخاص فوفرت المعدات اللازمة للمنتجين مقابل نسخة مجاناً للتلفزيون، وهذا سبب الاقبال الكبير للشركات الخاصة على الانتاج التلفزيوني وكانت النتيجة مشجعة جداً اذ اكتسحت الدراما السورية السوق، حيث تجاوز انتاج سورية السنوي في القطاعين الخاص والعام 300 ساعة سنوياً. كل دولة تساعد القطاع الخاص وتدعمه تشهد نجاحاً. أنت تعتقد اذن ان مؤسسة السينما تضع عوائق امام تطور سينما القطاع الخاص في سورية، على اي اساس تبني هذا الاعتقاد؟ - المؤسسة هي التي تعطي الفيلم شهادة منشأ سوري او غير سوري من اجل عرضه في سورية. اذا كان سورياً لا بد من موافقة المؤسسة على السيناريو. لذلك نحن نعطي اعمالنا الى مؤسسة السينما قبل الانجاز وتعمل الرقابة وفق مزاجها دون قواعد او اسس واضحة. اما اذا لم يمنح الفيلم شهادة منشأ سوري فالمسألة تصبح اكثر تعقيداً. حين تجتمع لجنة من الموظفين وتقر ان الفيلم غير سوري، كأن يكون عدد العاملين فيه من الجنسيات الاخرى اكثر عدداً من السوريين، لا يأخذ الفيلم شهادة منشأ وبذلك يصبح فيلماً غير سوري. وهكذا يعامل كفيلم مستورد حين عرضه في سورية، كما ولا بد ان تستورده المؤسسة لتأخذ عمولتها وهي 40 في المئة. في هذه الحالة كيف يقوم القطاع الخاص بعمله؟ فيلم "جمال عبدالناصر" الذي اخرجه ابني انور قوادري بقي في الرقابة اربعة اشهر واعتبر الفيلم مصرياً وليس سورياً رغم ان المخرج والمنتج وبعض الممثلين سوريون. هناك ايضاً مشكلة صالات العرض، لقد اصبحت غير مريحة للمشاهد... - صالات العرض وجدت قبل أيام المؤسسة العامة للسينما. وقبل صدور قانون حصر الاستيراد فيها. كان هناك في سورية حوالى 170 صالة، لم يتبق منها حالياً سوى 35 صالة في سورية كلها. والسبب غياب الفيلم عنها، ما جعل كثيراً من الصالات يتحول الى مستودعات. في دمشق هناك الآن ما لا يزيد عن 14 صالة، منها اربع للعاطلين والمتسكعين، حيث يدخلون اليها ليقضوا غرضهم بين الكراسي او يناموا. لكنها، مع ذلك، لا يمكن ان تغلق الا باذن من المجلس السياحي الاعلى. سينما "السفراء" مثلاً تبلغ قيمتها 200 مليون ليرة سورية ولكن غير مسموح اغلاقها لأن ترخيصها صالة عرض. وحين احدث المجلس الأعلى للسياحة تحولت الى معلم سياحي لذلك فتغيير هويتها يتطلب موافقة المجلس. لكننا نسمع عن مشروع لتحديث الصالات... - ماذا يجدي اصلاح الصالات اذا لم يتوفر الفيلم الجيد!! من الملاحظ ان فيلم "نسيم الروح" لمخرجه عبداللطيف عبدالحميد وهو من انتاج مؤسسة السينما عرض اخيراً في صالة سينما "دمشق" وهي صالة قطاع خاص، بدلاً من عرضه في صالة "الكندي"، الا ينم هذا عن توجه نحو القطاع الخاص؟ - ليس السبب هو التعاون مع القطاع الخاص انما لأن سينما "الكندي" لا تمتلك اجهزة عرض جيدة وهذا الخلل واضح، بينما سينما "الشام" تجلب افلاماً جيدة وغير خاضعة لقانون حصر الاستيراد. سينما "الشام" تتبع قانون مجلس الشعب كمنطقة سياحية ضمن مجمع الشام السياحي الذي يتمكن من استيراد كافة مستلزماته بشكل مباشر. أصحاب هذه المنشأة كان من شروطهم الاستيراد مباشرة وتمت الموافة على ذلك، بينما الصالات الاخرى لا يمكنها الاستيراد مباشرة وهي تأخذ افلامها عن طريق المؤسسة العامة للسينما. وعلينا ان نلاحظ هنا ان معظم الأفلام التي تستوردها المؤسسة تخرب ذوق الجمهور لأنها كلها افلام كاراتيه وعنف. الا يتنافى هذا مع الهدف الثقافي الذي انشئت بموجبه المؤسسة؟ - انا اشكك بالهدف الثقافي الذي تدعيه المؤسسة. انهم لا يستوردون سوى الافلام الهابطة ويبيعونها في المزاد العلني. علماً بأن شركات الانتاج السينمائي العالمية مثل "والت ديزني" و"كولومبيا" و"ام جي ام" لديها قرار بألا تبيع افلامها الى جهات تعمل بقانون حصر الاستيراد، بمعنى انهم لا يبيعون الا لأصحاب الصالات مباشرة، لا عبر مؤسسة تنتخب فيلماً او اثنين لتبيعهما لصالات عدة. من خلال تجربتك الطويلة في التوزيع برأيك ما هو سبب غياب الفيلم السوري عن الصالات العربية؟ - السبب هو ان المؤسسة العامة للسينما لا تمتلك جهاز توزيع ينشط علاقاتنا مع الخارج. بالنظر الى واقع صالات العرض في دمشق، هل يمكن الحديث عن آفاق مستقبلية تستعيد فيها دورها في انعاش السينما؟ - جغرافية البلد اختلفت كثيراً عن العقود الماضية. في دمشق كان التنقل بين البيت وصالات العرض مشياً على الأقدام، هذا صعب في وقتنا الحاضر، بعد اتساع مدينة دمشق. لذلك علينا ايجاد صالات عرض في المناطق المكتظة مثل المزة ودمر وغيرهما. كما ان الجيل الحالي تغيرت متطلباته، صار ضرورياً ان نبني صالاتنا حسب متطلبات هذا الجيل. لو قارنا صالات دمشق بصالات بيروت لرأينا ان صالات بيروت تتنافس على اجتذاب الجمهور، عبر الخدمات المقدمة او نوعية الفيلم. هذا الأمر غير موجود عندنا. السينما تتطلب طقوساً خاصة واختصاصيين لا موظفين. فالسينما صناعة اولاً، قامت على ايدي تجار وصناعيين. انا عندي القدرة على اقناع المستثمرين بانشاء صالات جديدة على غرار ما هو موجود في مصر، ولا سيما صالات في الاحياء السكنية. وهذا شيء ممكن اذا تعاملنا مع السينما كصناعة، وأخذنا بالاعتبار دراسة الجدوى الاقتصادية لأي مشروع. كان سكان الشام نصف مليون نسمة فقط، اليوم صاروا ستة ملايين، كيف لثماني صالات ان تستوعب هذا العدد، خاصة وان معظم الصالات لا تتمتع بالشروط التقنية التي تجعل من عرض الفيلم متعة ما يؤدي بالتالي الى عودة الجمهور الى الصالات. انا مثلاً اعمل على انتاج فيلم اسمه "الجزيرة المحرمة" ولن اعرضه في سورية لأنه لا توجد صالة عرض مناسبة. بينما سيعرض في 12 صالة في بيروت. كما انني احمضه وأطبعه في اثينا اذ لا يوجد هنا معامل تحميض ولا خبراء!