بحزن عميق، يصف «أبو ماهر»، بائع التذاكر في إحدى صالات السينما الشعبية في سورية، الوضع الذي آلت إليه، بعد المقارنة بين واقع الصالات السينمائية في ستينات القرن الماضي وسبعيناته وواقعها اليوم. ويقول: «كان الذهاب إلى السينما مظهراً من مظاهر الرقي الاجتماعي. كان يرتادها جميع الناس للتسلية المفيدة». لكنها غدت اليوم «حكراً» على فئة اجتماعية معينة خاصة بعد الحالة التي وصلت إليها الصالات إذ بات بعضها خالياً من كل الطقوس السينمائية المعاصرة. في المقابل، افتتح أول مجمع سينمائي خاص باسم «سينما سيتي»، مجهز بأحدث تقنيات العرض بما فيها ثلاثي الأبعاد بحيث انه «أعاد ثقافة السينما لناس وناس» على حد تعبير «أبو ماهر». لا يشبه واقع السينما السورية المعاصر غيره من بعض البلدان العربية. فظهرت حالة من الغربة بين السينما والحياة الاجتماعية، إضافة إلى قلة عدد صالات السينما، بحيث لا يتجاوز 30 في جميع المحافظات السورية، وفق إحصاءات غير رسمية. وقد دارت «حرب كلامية» لسنوات بين «المؤسسة العامة للسينما» وأصحاب دور السينما في دمشق حول ما آلت إليه تلك الدور والخسائر الفادحة التي مني بها أصحابها. ويعتبر بعضهم أن قانون حصر استيراد الأفلام في «المؤسسة العامة» الصادر عام 1969 أي بعد ست سنوات على إنشائها، من أهم الأسباب التي ساهمت في تدهور هذه الصالات وابتعادها عن الشارع السوري. فيما يعتبر آخرون أن المسؤولية تقع عاتق أصحاب الصالات الذين امتنعوا عن تجديد صالاتهم لتتناسب مع متطلبات العصر الحديث، «خصوصاً أن القانون ألغي منذ عام 2000، بالتالي لا يمكن اعتباره سبباً للهبوط التي تعيشه صالات السينما اليوم». وفي خطوة تهدف إلى رفع مستوى الحالة السينمائية في سورية أصدر الرئيس بشار الأسد حديثاً المرسوم 118 القاضي بإعفاء صالات السينما القائمة، والتي تعمل على تحديث خدماتها، أو التي ستنشأ بعد صدور هذا المرسوم من الرسوم الجمركية على التجهيزات المستوردة للغاية المذكورة، من ضريبة الدخل ورسوم الإدارة المحلية لمدة 5 سنوات. وفي حديث إلى «الحياة»، قال المدير العام ل «المؤسسة العامة للسينما» أحمد الأحمد إن «القرار أشبه بحلم، إذ يتيح لكل من يرغب استيراد معدات السينما من دون تكاليف الضرائب والجمارك»، مؤكداً أن أهميته تكمن في «إعادة واقع صالات السينما السورية إلى عصرها الذهبي». ويشدد على ضرورة استخدام التجهيزات المعفاة خلال 18 شهراً من تاريخ تسلمها، وإلا فرضت كل الغرامات والضرائب المترتبة عليها مع غرامة تعادل خمسة أمثال قيمتها. ونوه ب «الدور الفاعل» الذي تؤديه «المؤسسة العامة للسينما»، منتقداً «تذمر» البعض وتحميل المؤسسة ما «يفوق طاقاتها بكثير». وقال إن المؤسسة «تنتج الأفلام الطويلة والقصيرة وأفلام المناسبات. كما تطبع الكتب وتصدر المجلة السينمائية وتشرف على مهرجان دمشق السينمائي، إضافة إلى إقامة الأسابيع السينمائية». وأضاف إنها «المؤسسة الحكومية الوحيدة في الوطن العربي التي تنتج الفيلم بالكامل، وتوفد مخرجه إلى جميع أنحاء العالم لعرضه».