في الوقت الذي تستمر فيه عملية فرز الاصوات في اندونيسيا تدور اسئلة حول قدرة الاندونيسيين على احتواء نفوذ العسكر المستمر منذ اكثر من اربعة عقود خصوصاً وان البلاد تشهد تفجراً في الصراعات الطائفية والعرقية الى ازمة اقتصادية حادة. فالمؤسسة العسكرية لم تقم سوى بمراجعة طفيفة لدورها المؤثر في الحياة العامة. في هذا الصدد منع كبار الضباط من تسلم وظائف وزارية حسب قرار اعلنه اخيرا قائد الجيش الجنرال ويرانتو معتبرا انه يجب الفصل بين الحيزين المدني والعسكري.الا ان المؤسسة العسكرية لا تزال تحتفظ من جهة اخرى بحق تعيين 38 نائباً في البرلمان المؤلف من 500 مقعد. وما يساعد على استمرار حضور الجيش في الحياة السياسية انه يستمد مبررات دوره السلطوي في محاولته ضبط جغرافية اندونيسيا المفككة منذ الاستقلال عن الاستعمار الهولندي. ففي غياب خطر خارجي يهدد البلاد توجهت انظار العسكر الى الداخل اخذين على عاتقهم دمج الاعراق والثقافات المتنوعة التي يتكون منها الارخبيل في دولة واحدة. تحت شعار عملية بناء الدولة-الامة اصبح الجيش اهم مؤسسة في البلاد.اذ حكم الجنرالات بقيادة سوهارتو اندونيسيا منذ انقلابه على الجنرال سوكارنو عام 1965 بيد من حديد مانعين تشكل اراء اخرى عن كيفية ادارة البلاد. لكن استقالة سوهارتو منذ اكثر من سنة اثر تظاهرات عارمة اجتاحت العاصمة جاكارتا طرحت احتمال ازاحة الجيش عن دوره المركزي في الحياة السياسية. هل تستطيع الاحزاب التي تتصارع في الانتخابات ان تدير البلاد باسلوب اكثر سلمية بعد اكثر من اربعين عاماً من سلطة العسكر. ام ان الاحزاب الفائزة ستلجأ كما حدث في اميركا اللاتينية مطلع التسعينات الى اعادة الجيش الى الثكنات بعد ان يطمئن الاخير الى بقاء نفوذه وان بطرق غير مباشرة عبر تدخله ما وراء الكواليس لحسم اي صراع سياسي. لندن - أياد سكرية