يتوقع خبراء اقتصاديون ان تتحرك العجلة الاقتصادية في لبنان بعد إقرار الموازنة لسنة 1999 والمتوقع نهاية الاسبوع الجاري، خصوصاً على مستوى احياء حركة تلزيم المشاريع. ورصدت الحكومة في الموازنة اعتمادات مخصصة للانفاق الاستثماري تبلغ قيمتها 857 بليون ليرة لبنانية، أي ما يعادل 572 مليون دولار أميركي. وتم تخصيص هذه الأموال بهدف توفير التمويل للمشاريع المنوي تلزيمها. واتخذت الحكومة قراراً بمنع أي انفاق لا تقابله اعتمادات تلافياً لتراكم مستحقات على الدولة تعجز عن تسديدها، ومنعاً لتكرار الديون المستحقة للمقاولين منذ سنة ونصف السنة والتي تصل الى نحو 603 بلايين ليرة لبنانية. ويذكر أن هذه الديون المتوجبة على الدولة لا تقتصر فقط على قطاع المقاولات، بل هناك أيضاً ادارات ومجالس دائنة معنية بتنفيذ المشاريع الانمائية والاجتماعية، ليصل مجموع المستحقات الى 1242 بليون ليرة. ولا تقتصر عملية إنعاش الحركة الاستثمارية على اقرار الموازنة، بل تتعدّاها الى دفع الكشوفات المستحقّة للمقاولين الّذين نفّذوا المشاريع. وعلى رغم إقرار المجلس النيابي القانون الرقم 95 تاريخ 18 حزيران يونيو الماضي والذي ينظّم عملية تسديد هذه المستحقّات، بموجب سندات خزينة بالدولار الاميركي يصدرها مصرف لبنان تستحقّ بعد ثلاث سنوات وبفائدة تعادل الليبور، الا ان عملية الاصدار لم تتمّ بعد. يذكر ان وزارة المال اللبنانية ونقابة المقاولين توصلتا الى هذا الحل بعد اجتماعات عدة، لعدم قدرة الدولة على دفعها نقداً، بسبب العجز الذي تعانيه خزينة الدولة. وقال رئيس نقابة مقاولي الاشغال العامة والبناء اللبنانية، السيد فؤاد الخازن، ل"الحياة" انه "على رغم صدور القانون قبل شهر ونصف الشهر، الا ان عملية الاصدار والتسليم لم تتمّ بعد". واعتبر انّ "الروتين الاداري هو المشكلة الاساسية التي نعاني منها منذ 40 عاماً وهو المسبّب للتأخير في سير المعاملات وسرعة انجازها، لأنّ ادواته لا تزال بدائية". وأشار الخازن الى انّ "هذا التأخير يزيد الاعباء المالية التي تترتب على المقاولين لدى المصارف، نظراً الى الكلفة المرتفعة للفوائد على القروض التي استدانوها بعدما شحّت السيولة، فضلاً عن أعباء اضافية سيتحمّلها المقاولون بسبب الفارق بين معدّل الفائدة على سند الخزينة بالدولار وهو الليبور وفائدة الحسم لدى المصارف ويصل الفارق الى 3 في المئة وسيراوح بين 9 و11 في المئة مع استحقاق هذه السندات بعد ثلاث سنوات". ولفت الى ان "هناك ايعازاً الى المصارف بالعمل على تقليص هذا الفارق". ولم يغفل الخازن "انعكاسات التأخير في التسديد وفي اصدار هذه السندات على قطاع المقاولات وحركة المشاريع التي تشهد تباطؤاً الآن"، متوقعاً ان "تنشط بعد انجاز هذه العملية وصدور الموازنة العامة لتتضح الصورة في شأن المشاريع المستقبلية". ورجّح ان "يكون عددها اقل مما كنا نتصوره". واستوضحت "الحياة" مصادر في وزارة المال عن أسباب التأخير والمراحل التي قطعتها الاجراءات للطلب من مصرف لبنان اصدار هذه السندات. وقالت المصادر ان الوزارة بدأت في اعداد كتب الى الادارات العامة والمجالس الدائنة تطلب فيها لائحة بالاشخاص الدائنين وقيمة دين كل منهم مع عنوانه، تمهيداً لإصدار سندات الخزينة بالدولار لهذه الديون المستحقة على الدولة. وقد بلغت قيمتها بعد التعديل واصدار القانون المنظم لهذه العملية من المجلس النيابي 1242 بليون ليرة لبنانية منها 603 بلايين ليرة لصالح المقاولين اللبنانيين. وقالت مصادر الوزارة ل"الحياة" انها تتوقع ان يصدر المرسوم التنفيذي للقانون المنظم لهذه العملية والصادر عن المجلس النيابي في 18 حزيران يونيو 1999، في الجلسة الاولى لمجلس الوزراء والمرتقبة الاسبوع المقبل. وتعد الوزارة الآن قراراً تتألف بموجبه اللجنة التي ستتولى عملية التدقيق في الديون وتحديد قيمها بحيث تباشر عملها في اليوم التالي لصدور المرسوم. وعلمت "الحياة" من المصادر نفسها ان الوزارة ستطلب من مصرف لبنان اصدار سندات خزينة بالدولار لعدد من الدائنين كدفعة اولى من اجمالي الديون وفقاً لقرارات اللجنة المخوّلة تحديد قيمها، لتسريع الاجراءات. وحدد القانون الرقم 95 قيمة الديون المتوجبة على الدولة وتبلغ 1242 بليون ليرة لبنانية، وهي تعود للسنوات 1998 وما قبلها. وينص على تنظيم عملية دفع هذه الديون بموجب سندات خزينة بالدولار الاميركي. وأجاز لمجلس الوزراء تنظيم عمليات الدفع بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء في اول جلسة يعقدها وهي الاربعاء المقبل. اما الآلية والاجراءات التي سيتم اعتمادها، فانها تقضي بأن يتقدم الدائن بطلب من الادارة المعنية محدداً قيمة الدين المستحق له ويرفق معه كل المستندات التي تثبت الدين. فتدرس الادارة الطلب وتحدده استناداً الى الوثائق، ثم يبلّغ هذا الطلب مرفقاً برأي الادارة الى اللجنة المعينة من وزير المال والمخوّلة تحديد هذا الدين. وتدرس اللجنة الطلب وتبلغ الوزارة قرارها النهائي. بعد ذلك، ترفع وزارة المال كتاباً الى مصرف لبنان تطلب بموجبه تسليم سندات الخزينة الى الدائن بالمبالغ المحددة، ويتسلم مصرف لبنان بدوره تنازلاً على كل الحقوق. ويمكن للدائن ان يسيّل هذه السندات ببيعها الى المصرف الذي يتعامل معه او من قرض تكون هذه السندات بمثابة ضمانة له. وعما اذا كان المقاولون مستعدون لالتزام مشاريع جديدة بعد اقرار الموازنة التي لحظت الاعتمادات اللازمة لهذا القطاع، قال الخازن ان "المشاريع الجديدة التي ستعرض للتلزيم رصدت لها اعتمادات في موازنة 1999". وأشار الى ان "النقابة ستدرج في كل عقد تلزيم بنداً يعطي المقاول الضمانة، في حال التأخير في تسديد الكشوفات، بدفع الفوائد. وكان يتم ادراج هذا البند في عقود المشاريع الممولة من الخارج". وأكد الخازن "ضرورة قيام تنسيق تام وكامل بين مختلف الوزارات والادارات المعنية بالمشاريع، لينجز اي مشروع مرة واحدة تلافياً للمزيد من الاهدار".