تفتتح اليوم في الجزائر العاصمة الدورة ال35 لقمة منظمة الوحدة الافريقية بحضور حوالى 40 رئيس دولة من بينهم رئيس جنوب افريقيا تابو امبيكي الذي يشارك للمرة الأولى، بصفته رئيساً. وتناقش القمة موضوعاً رئيسياً هو الحرب الاثيوبية - الاريترية المندلعة منذ ايار مايو 1998. الى جانب معالجة مشكلة الانقلابات الثلاثة التي حصلت هذا العام في كل من النيجروغينيا بيساو وجزر القمر وكيفية التعاطي مع حكامها العسكريين. وستبحث في تشديد العقوبات على حركة "يونيتا" الانغولية، اضافة الى إقرار الصيغة النهائية لإعادة هيكلة منظمة الوحدة الافريقية وديون القارة. تتصدر الحروب والنزاعات الافريقية جدول أعمال الرؤساء الأفارقة في قمتهم ال35 التي تبدأ أعمالها في الجزائر العاصمة اليوم الاثنين. ويأتي ذلك على رغم اجواء التفاؤل التي سادت قاعة المؤتمرات في نادي الصنوبر نتيجة اعلان اتفاقين لانهاء القتال في كل من جمهورية الكونغو الديموقراطية وسييراليون. اثيوبيا - اريتريا وعلمت "الحياة" ان اريتريا طلبت من القمة عرض قضية نزاعها الحدودي مع اثيوبيا والحرب المندلعة بين البلدين، في نقاش مفتوح أمام الرؤساء الأفارقة خلال أيام القمة الثلاثة، ذلك ان الجهود التي جرت خلال الأشهر الستة الماضية أي بعد موافقة الطرفين على خطة اطار العمل الافريقي مطلع العام، لم تنجح. وكانت الجهود الأخيرة خلال الاسبوع الماضي عندما حاول الزعيم الليبي معمر القذافي جمع الرئيس الاريتري اساياس افورقي مع رئيس الوزراء الاثيوبي. ووصل زيناوي وافورقي أول من أمس الى الجزائر حيث تواصلت المحاولات لاقناع الرجلين بالتوصل الى صيغة لوقف النار والبدء بتنفيذ اتفاق "اطار العمل". ونشط في هذا الاطار اعضاء القمة الافريقية المصغرة الذين وضعوا هذا الاتفاق وهم: رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري الذي يرأس القمة الحالية ورئيس زيمبابوي روبرت موغابي ورئيس جيبوتي اسماعيل عمر غيلي والأمين العام للمنظمة الافريقية سالم أحمد سالم. وأجرى هؤلاء محادثات استمرت حتى وقت متقدم من ليل أمس مع كل من زيناوي وافورقي. ولم يعلن أي شيء عن هذه المحادثات التي ربما تظهر نتائجها خلال القمة اليوم. انعكاسات على الصومال وتُشغل هذه الحرب الرؤساء الافارقة بسبب الأعداد الكبيرة لضحاياها خلال فترة قصيرة. وكانت اسمرا واديس ابابا اعلنتا عن سقوط أكثر من 26 ألفاً بين قتيل وجريح خلال خمسة أيام من المعارك جرت من 10 الى 14 حزيران يونيو الماضي. وتسببت هذه الحرب بنزوح أكثر من 600 ألف مواطن من البلدين الأشهر ال15 الماضية. وتوسعت هذه الحرب لتنعكس على الصومال المجاور اذ تتهم اريتريا اثيوبيا بالتوغل داخل الأراضي الصومالية ودعم بعض الفصائل فيها، في حين تتهم اثيوبيا اريتريا بارسال أسلحة وعناصر اثيوبية معارضة للقتال ضدها عبر الحدود الصومالية. أما بالنسبة الى الصومال فإن القمة ستتبنى توصية المجلس الوزاري الذي يحمل زعماء الفصائل الصومالية مسؤولية عدم تنفيذ اتفاقات عدة وقعوها لانهاء القتال وعقد مؤتمر مصالحة تمهيداً لتشكيل حكومة انتقالية. كما يتوقع ان تتبنى القمة دعوة المجتمع الدولي الى مواصلة تقديم الدعم الى الاقاليم الصومالية التي تشهد هدوءاً وذلك لتشجيع بقية الاقاليم على انشاء ادارات محلية الى حين عقد مؤتمر المصالحة. وفي اطار الحروب ايضاً، يتوقع ان تتبنى القمة توصية المجلس الوزاري الافريقي التي تُحمل زعيم حركة "يونيتا" جوناس سافيمبي مسؤولية استمرار الحرب وعدم تنفيذ اتفاق لوساكا الذي وقع عليه. كما يتوقع ان تتخذ قراراً بتشديد العقوبات التي قررها مجلس الأمن ضد "يونيتا"، وانشاء آلية جديدة لمتابعة الوضع في هذا البلد، لإيجاد أفضل الحلول لانهاء الحرب فيه. الانقلابات وفي اطار الانقلابات التي حصلت خلال هذا العام فعلمت "الحياة" ان القمة ستأخذ بتوصية المجلس الوزاري في شأن انقلاب غينيا بيساو الذي قاده الجنرال انسوماني ماني في 6 أيار مايو الماضي وأطاح خلاله بنظام الرئيس خوا برناردو فييرا. اذ كان المجلس الوزاري أجمع على أن الرئيس فييرا اعلن أخيراً تنازله عن حقه في العودة الى الحكم الذي أجبر على تركه بقوة السلاح. لذلك لا يوجد أي مبرر لعدم الاعتراف بالنظام الجديد. وربما ينسحب الأمر نفسه على الانقلاب الذي قاده رئيس أركان الجيش في جزر القمر الكولونيل ازالي اسوماني في 30 نيسان ابريل الماضي ضد الرئيس الموقت تاج الدين بن سعيد ماسوندي. ولكن القمة ستضع شروطاً أمام الحاكم العسكري أبرزها تطبيق اتفاق انتانانا ريفو الذي يضع اطر نظام دستوري مشترك للجزر. وبالنسبة الى انقلاب النيجر الذي قتل خلاله الرئيس ابراهيم باري مايناسارا على يد الحرس الرئاسي في التاسع من نيسان فإن القمة ستناقش هذا التطور الذي عين على أثره قائد الحرس الرئاسي داودا مالام وانكي. ويعتقد انها تفرض مقاطعة على النظام الجديد. الكونغو وسييراليون ويتوقع ان تعلن القمة تأييدها لاتفاق السلام الذي وقع أول من أمس في لوساكا زامبيا والذي ينهي 11 شهراً من الحرب في جمهورية الكونغو الديموقراطية والتي تورطت فيها ثماني دول مجاورة على الأقل. وستدعو القمة فصيلي المتمردين الرئيسيين اللذين لم يوقعا على الاتفاق بسبب خلافات بينهما، الى الانضمام الى الاتفاق والالتزام ببنوده. كما ستعلن القمة تأييدها لاتفاق السلام الذي وقع الاربعاء الماضي في لومي توغو وينهي ثمانية سنوات من الحرب الأهلية في سييراليون. كما ستناشد المجتمع الدولى الى تقديم المساعدة لهذا البلد من أجل إعادة بناء ما دمرته الحرب وتأهيل مؤسسات الدولة. الأمناء المساعدون وستنتخب القمة خمسة مساعدين للأمين العام لمنظمة الوحدة الافريقية. ويتنافس على هذه المناصب 13 مرشحاً من الجزائر وتونس وليبيا شمال افريقيا السودان والسيشل شرق ومن نيجيريا وبوركينا فاسو وموريتانيا غرب ومن تشاد والغابون وجمهورية الكونغو الديموقراطية وسط ومن موزامبيق شاغل المنصب الحالي وموريشيوس جنوب القارة. الأمن وعلى صعيد الاجراءات الأمنية، اتخذت السلطات الجزائرية المعنية اجراءات مشددة في العاصمة، خصوصاً في أماكن انعقاد الاجتماعات ومقار اقامات الوفود. وتحرص السلطات الجزائرية على عدم حصول أي حادث يعكر أجواء القمة التي يعتبر نجاحها أيضاً تثبيتاً لمشروع "الوئام المدني" الذي عرضه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، ويعطيه دعماً داخلياً في اطار تعزيز السلم الأهلي.