مع انتهاء حرب الخليج صرح الرئيس الاميركي جورج بوش في جو احتفالي ان الولاياتالمتحدة شفيت من داء فيتنام. اذ ان بلاده لم تنتصر فقط على العراق فحسب بل ايضاً على نفسها عبر اعادة الاعتبار الى الذات القومية التي اهتزت بشكل كبير اثر انتهاء حرب فيتنام عام 1975. منذ ذلك التاريخ لم يهدأ بال الولاياتالمتحدة في محاولتها محو ما اعتبر مرضاً ينخر احساسها بالتفوق. فتاريخ بناء هويتها منذ ان حط المستعمرون الاوائل ترحالهم في القارة الجديدة منذ قرون عدة هو تاريخ انتصارها المستمر على الآخر. اذ لا تستطيع الهوية الاميركية اعتماد مفهوم التهادن مع الآخر لئلا تفقد احساسها بالخصوصية. فهي مميزة لأنها قادرة باستمرار على تجديد نفسها عبر الامتداد في الزمان والمكان. ولكن في خضم الازمة اليوغوسلافية الحالية يبقى مثال فيتنام حاضراً، اذ تبقى الاولوية الاساسية بالنسبة للاميركيين هي استعمال كل الوسائل الكفيلة بحفظ المسافة مع الآخر، العدو. في الحرب الفيتنامية سعت الولاياتالمتحدة الى تطوير تقنياتها العسكرية بشكل دائم لأن الانتصار على الفيتناميين لم يكن سهلاً. فمع عدم قدرتها على حسم المعركة على الارض انتهت الى اعتبار السماء العامل الاساسي في انتصاراتها في الحروب المستقبلية. فعبر صواريخها وطائراتها تخاض الحرب. أما الموت فهو من نصيب الآخر. المهم بقاء الذات الاميركية قوية ولا يساورها القلق او التساؤل حول ماهيتها. لندن - أياد سكرية