أنهى ولي العهد السعودي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الامير عبدالله بن عبدالعزيز زيارة لدمشق، امس، استمرت يومين عقد خلالهما ثلاثة اجتماعات مع الرئيس السوري حافظ الأسد، واستمر ثالثها المغلق حتى الساعات الأولى من صباح أمس. وكانت عملية السلام في صلب محادثاتهما. اعلن الناطق الرئاسي السوري السيد جبران كورية ان محادثات الامير عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس الاسد تناولت "مسائل تتعلق بالمستجدات على الساحة الاقليمية وانعكاساتها على الاطراف العربية وعملية السلام، والوضع العام في المنطقة"، اضافة الى "مسائل متصلة بالوضع العربي والعلاقات بين البلدان العربية وطرق تعزيز التعاون العربي الموجه للدفاع عن القضايا العربية القومية المشتركة ومواجهة التحديات الماثلة". وأكد كورية ان "وجهات النظر كانت متفقة حول المواضيع التي تهم سورية والسعودية والمصالح القومية للأمة العربية". وأضاف ان الأسد والأمير عبدالله "بحثا في المسائل الخاصة بالعلاقات الثنائية، وان هناك ارتياحاً مشتركاً لوضعها ورغبة في تطويرها لمصلحة الجانبين". واعتبرت دمشق زيارة الأمير عبدالله "فرصة مناسبة للتشاور والتباحث في كل القضايا المصيرية والتحديات التي تواجه الأمة العربية وإيجاد انجح السبل الكفيلة بتحقيق الاهداف التي يعمل من اجلها البلدان الشقيقان". وأكدت الوكالة العربية السورية للأنباء سانا "ان دمشق والرياض تنطلقان في رؤيتهما السياسية ازاء التطورات في المنطقة وعملية السلام من فهم مشترك يلتزم الثوابت الجوهرية في ما يتعلق بالمصالح القومية العليا للأمة العربية". ورأت في تعليقها ان زيارة الأمير عبدالله لدمشق "تأخذ ابعاداً مهمة على صعيد العلاقات الثنائية اولاً، والعلاقات العربية - العربية ثانياً"، وأشارت الى ان "التعاون السوري - السعودي ليس وليد صدفة بل مؤسس تاريخياً على قواعد متينة". ونوهت بالتنسيق بين البلدين الذي بلغ مرحلة متقدمة وتمثل باجتماعات اللجنة العليا المشتركة التي تعقد اجتماعاتها كل ستة اشهر وتهدف الى تطوير التعاون بين البلدين في كل المجالات. وخلصت الى ان "زيارة الامير عبدالله لدمشق ستكون دافعة جديدة لعمل عربي منهجي يكون قاعدة انطلاق تضامن عربي فاعل يخدم قضايا الأمة العربية كافة". وبعد ظهر امس غادر الأمير عبدالله دمشق متوجهاً الى عمان، وكان الرئيس الأسد في وداعه في المطار. وأعلن وصول الأمير عبدالله الى العاصمة الأردنية حيث كان في استقباله الأمير محمد بن طلال وكبار رجال الدولة عند سلم الطائرة ثم استقبله العاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين في المقصورة الملكية في المطار واصطحبه الى مقر اقامته. وبدأت على الفور محادثات ركزت على التطورات العربية والدولية وعلى تعزيز العلاقات بين البلدين. واستمرت جلسة المحادثات الموسعة حتى ساعة متأخرة من مساء امس. وقال وزير الاعلام الأردني ناصر اللوزي ان البلدين "متفقان على ضرورة تنقية الاجواء العربية وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة". وبالنسبة الى مسيرة السلام اوضح ان "تحقيق المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، هما اساس العملية السلمية، وهذا محل اتفاق بين البلدين". واعتبر ان زيارة ولي العهد السعودي تؤكد "عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وتؤسس لمستقبل يليق بحاضرها وماضيها". وزاد ان "السعودية هي عمق الأردن وسنده، والأردن هو كذلك للسعودية". وقال السفير السعودي في عمان الشيخ عبدالله السديري ان الزيارة "تكتسب اهمية خاصة"، مؤكداً التزام بلاده "استمرار دعم الأردن في المجالات كافة". وأوضح ان ولي العهد السعودي سيستعرض مع العاهل الأردني نتائج جولاتهما الاخيرة و"مختلف القضايا التي تهم العالمين العربي والاسلامي"، مشيراً الى "تطابق وجهات النظر" حول تلك القضايا. ويرافق ولي العهد السعودي في زيارته الثالثة للأردن في غضون عام وفد رسمي 14 عضواً من بينهم وزير الخارجية الامير سعود الفيصل اضافة الى وفد اعلامي. وتعكس الزيارة التطور الذي بلغته العلاقات بين البلدين، اذ كانت السعودية أول بلد يزوره الملك عبدالله "رسمياً" بعد توليه العرش. ومن المنتظر زيارات اخرى قريبة لمسؤولين سعوديين، بينهم رئيس مجلس الشورى ومسؤولون اقتصاديون. ويغادر ولي العهد السعودي عمان اليوم متوجهاً الى القاهرة. وفي القاهرة رحب وزير الخارجية عمرو موسى بزيارة الامير عبدالله لمصر، وأشاد بمستوى التنسيق القائم بين البلدين والعلاقات المتميزة بين القيادتين لدعم القضايا العربية والاسلامية. ولفت موسى الى العلاقة الاخوية التي تربط الرئيس مبارك وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، مشيراً الى ان محادثات الرئيس مبارك والامير عبدالله ستتناول حاضر ومستقبل العالم العربي ومستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط وسبل دعم التعاون العربي - العربي والأمن والاقتصاد. وقالت مصادر مصرية ل"الحياة" ان زيارة المسؤول السعودي تأتي في اطار اللقاءات والمشاورات المستمرة بين البلدين وتطوير العلاقات الثنائية بينهما. وأشارت الى ان الزيارة تأتي في وقت يشهد تغيرات في المنطقة منها فوز ايهود باراك برئاسة وزراء اسرائيل، وان المحادثات تهدف الى تنسيق المواقف العربية للفترة المقبلة.