يبدأ الملك عبدالله بن الحسين زيارة رسمية إلى سورية غداً الأربعاء في سياق جولة عربية شملت السعودية ومصر وعُمان والإمارات وليبيا. وقال العاهل الأردني في تصريحات للصحافيين عقب عودته من ليبيا أول من أمس إن زيارة دمشق "ستكون بإذن الله بداية صفحة جديدة للعلاقات بين البلدين الشقيقين". وكانت العلاقات بين دمشق وعمّان شهدت تحسناً مضطرداً منذ مشاركة الرئيس السوري حافظ الأسد في جنازة الملك حسين في شباط فبراير الماضي والتي اعقبتها زيارة لنجله بشار. كما تبادل الزعيمان الرسائل الودية في مناسبات وطنية للبلدين. وتأمل الأوساط السياسية الأردنية بأن تشكل "الصفحة الجديدة" انطلاقة في العلاقات بين البلدين التي مرت بمراحل جزر خلال العقدين الماضيين. ففي الوقت الذي شهد فيه عقد السبعينات الفترة الذهبية في العلاقات من خلال توحيد المناهج الدراسية للصفوف الأساسية في البلدين، شهد عقد الثمانينات "خلافاً استراتيجياً" بينهما في الموقف حول الحرب العراقية - الإيرانية. وتكرس هذا الخلاف في حرب الخليج الثانية مع بداية عقد التسعينات. كما أسهمت معاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية في منتصف التسعينات في اتساع الفجوة بين البلدين. ويشار إلى أن بث التلفزيون الأردني يتعرض للتشويش في سورية منذ بداية عقد التسعينات. وألقى الخلاف بين البلدين في المواضيع السابقة بظلاله على مسألتي مياه نهر اليرموك والمعتقلين الأردنيين في سورية الذين يقارب عددهم أربعمئة معتقل أو مفقود. ويصف الاقتصاديون الأردنيون التبادل التجاري مع سورية بأنه "متواضع" على رغم امكانية مضاعفته في حال توافر الإرادة السياسية. وتعتبر الأوساط السياسية في عمّان ان الانفتاح السوري يعكس رغبة القيادة السورية في ترتيب علاقات الجوار في إطار تهيئة أجواء "خلافة" نجل الرئيس السوري بشار الأسد. وكان الرئيس السوري حافظ الأسد قال في رسالة إلى الملك عبدالله لمناسبة إحياء ذكرى أربعين وفاة والده: "لن تورث الأجيال الصاعدة الأخطار الماثلة حالياً". ويؤكد المسؤولون الأردنيون رغبتهم في بناء علاقات جديدة مع دمشق تقوم "على التعاون في القضايا المتفق عليها، وهي كثيرة وتجاوز الخلافات في المسائل الاجتهادية، وهي قليلة"، واعتماد مبدأ "الشفافية في معالجة كل الملفات". ويعتبرون ان علاقات الأردن مع تركيا أو إسرائيل "في إطار ثنائي وليست على حساب الاشقاء العرب أو تحالفاً استراتيجياً" ويشيرون إلى أن تلك العلاقات "يمكن الاستفادة منها في خدمة الأشقاء". كما يحصل في دعم المسار التفاوضي الفلسطيني. وتظل "المسألة العراقية" هماً مشتركاً بين الأردنيين والسوريين الذين يتأثرون بصورة مباشرة مع أي تداعيات تطرأ عليها. وكان الملك عبدالله شدد في أكثر من تصريح أن بلاده لن تكون ممراً أو مقراً لأي تغيير في العراق، إلا أنه يعتبر الحصار المضروب على العراق "عبئاً اخلاقياً". ومما يذكر ان تعزيز علاقات الأردن العربية ثابت يشدد عليه "العهد الجديد" في الأردن، ويحظى باجماع شعبي ورسمي، غير أنه يثير قلق الجوار الإسرائيلي المشغول حالياً بالانتخابات التي يتابع الأردنيون والسوريون نتائجها.