ردت القاهرة على انتقادات وزارة الخارجية الاميركية في شأن قانون الجمعيات الجديد، وأكدت أن التشريع لا يتضمن قيوداً إدارية على النشاط الطوعي والأهلي، وأتاح للمؤسسات مساحة أوسع من استقلال القرار. وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية الدكتورة ميرفت تلاوي أمس، في أول رد رسمي على الانتقادات الاميركية التي صدرت السبت الماضي: "لو قرأ الناطق باسم الخارجية الاميركية النص الكامل للقانون سيتأكد من عدم وجود قيود". ولفتت تلاوي، التي كانت تتحدث في مؤتمر صحافي أمس، الى أن "الوزارة طبقاً للقانون الجديد لا تستطيع إغلاق أي مؤسسة، ولا تملك حق تغيير مجلس الإدارة، أو تعديل قراراتها، أو تعيين أي موظف حكومي في الجهاز الإداري للجمعية إلا وفقاً لرغبتها، والقضاء اصبح هو الفيصل والحكم في كل هذه الجوانب". وشددت الوزيرة على أن الناطق باسم الخارجية الاميركية قال في تصريح "إنه ما زال يدرس القانون، وربما يكون جزء منه مقيداً"، وأضافت: "المعارضون يحاولون مساندة وجهة نظرهم التي لا يمكن الدفاع عنها، والجانب الاميركي تقبل وجهة نظرنا". وحملت تلاوي بعنف على معارضي القانون من جمعيات حقوق الإنسان، وقالت إن "عددهم لا يتجاوز أقل من واحد في المئة، وشاركوا معنا في إعداد القانون، وكان لهم ممثلون مثل منى ذو الفقار وسعد الدين ابراهيم وأمير سالم. ولا أريد توصيف انتقاداتهم بأنها كاذبة، لكنها غير صحيحة، فقد عقدنا 19 لقاءً في محافظات عدة شاركت فيها نحو 400 جمعية، وتم تعديل القانون مرات كثيرة استجابة لرغباتهم. وعلى رغم أقليتهم يحاولون تدمير الصورة بأكملها". وأكدت الوزيرة على أن "القانون الجديد قلّص سلطة الحكومة على الجمعيات في أكثر من 29 مادة كانت قائمة في التشريع القديم، واعتمد مبدأ إتاحة الأنشطة والنص على المحظورات بدلاًَ من تحديد مجالات العمل كما كان في السابق". ورداً على سؤال عن مستقبل المنظمات الحقوقية أكدت تلاوي أن الوزارة "ستقبل طلبات تسجيل منظمات حقوق الإنسان، ومجال العمل مفتوح ومتاح لها طالما ابتعدت عن النشاط السياسي الحزبي أو النقابي، ولن يُسمح في ظل القانون بتأسيس 14 ألف حزب سياسي أو نقابة". واكدت تلاوي أن القانون لا يستهدف الإغلاق، بل يعطي مساحات وحريات أوسع، ويفتح ابواباً كثيرة لحقوق الإنسان وفي مقدمها الحقوق الاجتماعية والاقتصادية وليس السياسية فقط. ودعت الوزيرة المنظمات الحقوقية الى تسجيل أوراقها رسمياً، وقالت: "نحن نرحب بهم كمبدأ للعمل تحت مظلة القانون، ولا نملك من حيث المبدأ أي شيء ضد تسجيلهم قانونياً". الى ذلك قدم مندوب عن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أول طلب رسمي لتسجيل جماعة حقوقية رسمياً وفقاً للقانون الجديد. وقال مقدم الطلب عضو مجلس أمناء المنظمة الدكتور أيمن نور النائب في البرلمان "حصلت على تفويض من رئيس المنظمة السيد عبدالعزيز وقدمنا صباح أمس طلب التسجيل رسمياً وننتظر موقف الوزارة". ورحبت الوزيرة، في المؤتمر الصحافي بهذه الخطوة، وقالت: "إن الحكومة ترحب بكل من يرغب في العمل تحت مظلة القانون، وكمبدأ لا يوجد ما يمنع تسجيل من يرغب". لكن عضو مجلس أمناء المنظمة السيد هاشم قاسم وصف التطور الجديد بأنه "تحرك فردي" وقال: إن "مجلس الأمناء لم يبحث في هذا القرار، وهو تصرف فردي، وسأستقيل وآخرون إذا لم تتم مراجعة هذا الموقف. نحن لسنا ضد التسجيل الرسمي لكن هناك شركاء يجب مراجعتهم". ويذكر أن 14 منظمة منها "المصرية" أعلنت قبل صدور القانون من البرلمان أنها ستمتنع عن التعامل معه، إذا لم يعدل. ويُعد التطور الأخير بمثابة بوادر انقسام في المنظمات الحقوقية على خلفية بروز اتجاهات لدى بعض هذه الجماعات للتعاطي مع القانون الجديد، وتسجيل انفسهم رسمياً مع الاستمرار في معارضته، فيما يتمسك الاتجاه الثاني بموقف الامتناع عن التعامل مع القانون.