أسعار النفط تستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين    تحديات "الصناعة والتعدين" على طاولة الخريف بهيئة الصحفيين السعوديين بمكة اليوم    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سورينام بذكرى استقلال بلاده    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    نهاية الطفرة الصينية !    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اسحق شامير : نحتاج الى أراض أكثر ! الجولان اهم لنا منه الى سورية !
نشر في الحياة يوم 28 - 06 - 1999

اذا اردنا ان نفهم اسرائيل الحديثة علينا ان ندرك ان سياسياً يمينياً مخضرماً مثل اسحق شامير لا يزال يمثّل قطاعاً مهماً من الرأي العام فيها - القطاع الذي يطالب، بصراحة ومن دون خجل، بضم الأراضي العربية المحتلة ويرفض ارجاع شبر واحد منها، بل يرى ان اسرائيل بحاجة الى المزيد من الأراضي، والأهم من ذلك، المزيد من المهاجرين اليهود.
ولد شامير في شرق بولندا في 1915، أي أنه الآن في الرابعة والثمانين. لكنه يبدو اصغر سناً. انه ضئيل القامة، لكنه بالغ الحيوية، وبعينين لمّاحتين تحت شعر ابيض وحاجبين ببياض الثلج، تعبران عن المرح وفي الوقت نفسه عن الشك العميق بالعالم اللا يهودي. كما توحي نظرته بالتصميم الفولاذي الذي لا يلين، من رجل لا يساوره الشك في أحقية موقفه.
من المهم ان نتذكر ان هذا الرجل كان في السنين ال15 ما بين 1977 و1992 على قمة السلطة الاسرائيلية أو قريباً منها، اذ شغل رئاسة الحكومة نحو سبع من تلك السنين.
جاء شامير الى فلسطين في 1935 عندما كان عمره عشرين سنة، وانضم بعد سنتين الى "ايتزيل" المنظمةالعسكرية الوطنية، وهي حركة ارهابية معادية للبريطانيين قادها مناحيم بيغن. بعد ثلاث سنوات، أي في 1940، غادر شامير "ايتزيل" لينضم الى حركة "ليهي" المقاتلون من اجل حرية اسرائيل، التي تفوق الحركة الأولى تطرفاً وعنفاً. وتعرف هذه الحركة عادة باسم "عصابة شترن"، نسبة الى مؤسسها ابراهام شترن، الذي قتلته الشرطة البريطانية في 1942، وأصبح بعد ذلك اسطورة بالنسبة الى اتباعه. في 1946 اعتقل البريطانيون شامير بسبب نشاطاته الارهابية وسجنوه في جيبوتي، لكنه تمكن من الهرب في 1948، وعاد ليشهد ميلاد دولة اسرائيل في أيار مايو من تلك السنة.
كانت الأمم المتحدة وقتها أرسلت الكونت فولكه برنادوت السويدي للوساطة في الصراع العربي - الاسرائيلي الذي فجره اعلان الدولة. لكن "ليهي" من منظورها المتطرف اعتبرت الوساطة جزءاً من مؤامرة بريطانية لتدمير الدولة الوليدة. وفي 16 أيلول سبتمبر من السنة نفسها اغتال ناشطون من "ليهي" المبعوث السويدي في القسم اليهودي من القدس، وتم ذلك بأمر من القيادة الثلاثية للحركة، التي كان شامير واحداً من اعضائها. ولا تزال الجريمة غامضة الى حد ما، ولم يتبعها اعتقال او محاكمة. أمضى شامير عدداً من السنوات بعد ذلك في عالم الأعمال، ثم قضى العقد ما بين 1955 الى 1965 في جهاز الاستخبارات الخارجية الاسرائيلي موساد، الذي استغل خبرة شامير بالعمل السري ومهاراته التنظيمية وصلابة تصميمه.
في 1969 انضم شامير الى حزب "حيروت" بقيادة زعيمه القديم بيغن، وانتخب للكنيست في 1977. وكان بيغن المنتصر في تلك الانتخابات وعيّن شامير رئيساً للكنيست. في 1980 استقال موشي دايان، وزير الخارجية، من منصبه، وحل شامير محله. وعندما اعتزل بيغن الحياة السياسية في أيلول 1983، بعدما انهكته حرب لبنان، تسلم شامير قيادة ليكود ورئاسة الحكومة. شارك شامير في حكومة الوحدة الوطنية التي شكلها شيمون بيريز في 1984، وتسلم رئاستها في 1986. واحتفظ بالمنصب الى 1992 عندما هزمه اسحق رابين.
وكان شامير خلال كل هذه السنوات من دعاة التدخل السري في الشؤون العربية وبيع السلاح الى العالم الثالث من ضمن ذلك بيع السلاح سراً الى الارجنتين خلال حرب الفولكلاند في 1982، والى ايران أثناء وبعد ازمة الرهائن بينها وبين وأميركا.
خلال حرب الخليج بين التحالف الدولي والعراق في 1991رفض شامير ضغوطاً قوية للتدخل من "الصقور" في حكومته، خصوصاً وزير الدفاع موشي آرينز. لكنه كان أيضاً الرافض الأكثر عناداً لعملية السلام، ولم يحضر مؤتمر مدريد الذي أطلق العملية إلا بعد ضغوط شديدة من وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر.
هذا هو الرجل الذي استقبلني بحرارة في مكتبه في تل أبيب أوائل الشهر الجاري.
السوريون يحقدون علينا
شامير: المصريون ليسوا أصدقاءنا الأقرب، لكنهم لا يحقدون علينا مثل السوريين. الشيء نفسه ينطبق على الأردنيين. العرب - الطيبون منهم، المثقفون - ليسوا حقيقة اعداء اسرائيل. سورية هي العدو. انها قضية شعور، وسورية كانت دوماً متشددة في القومية. انه امر يعود الى القرن الثامن عشر والتاسع عشر، حتى منذ زمن معاوية! سورية هي قلب العروبة.
يشعر السوريون ان حدودهم اضيق مما يجب. انهم يرون ان أرضهم تعرضت للتفتيت، بعدما اعطى الفرنسيون قسماً منها، واعطى البريطانيون قسما آخر.
- من في العالم لا يعرف ان اسرائيل هي البلد الأصغرفي الشرق الأوسط؟
لكن هذا ليس منظور العرب. انهم ينظرون اليها على انها الأقوى.
- نحن بحاجة الى المزيد من الأراضي. لا تتكلم عن "اسرائيل الكبرى"، اننا بلد قزم يستعمل تعبير "ليليبوت" من رواية رحلات غاليفر. في العالم الآن نحو 40 مليون يهودي ونرغب في ان تكون غالبيتهم هنا.
لبنان والجولان
"هل تعتبر الجولان جزءا من أرض اسرائيل؟"
- اذا نظرت الى التاريخ القريب تجد ان الجولان تكاد ان تكون جزءاً من اسرائيل، من أرض اسرائيل.
تكاد؟
- الكل يعرف ان اسرائيل مستعدة للسلام؟
لكنها ليس مستعدة لتسليم الأرض.
- الأرض! لا نملك ارضاً! نحن الأفقر من هذه الناحية.
مرتفعات الجولان عقبة حقيقية بين بلديكما.استمراركم في الاحتفاظ بها يعني استمرار الصراع الى الأبد. انكم تحكمون على اسرائيل بالعداء الدائم مع جيرانها.
- ما هي مساحة الجولان؟ انها لا شيء... قطعة أرض صغيرة.
اذا كانت لا شيئاً يجب ان تكونوا مستعدين لردها.
- لدينا 30 الفاً من السكان هناك.
كلا، اقل من ذلك. ما بين 15 الف و18 ألف.
- لكن الناس قادمون الى الجولان! ونحن بحاجة اليها. انها أهم لنا مما هي لسورية.
يمكن ان تقول الشيء نفسه عن جنوب لبنان.
- لا نريد شيئاً هناك. قلنا مراراً ان ليست لنا مطامح في ارض لبنان. لبنان ايضاً بلد صغير، بل بالغ الصغر. لا اعرف اذا كان بلداً. انه دولة.
كلا، انه بلد وله شخصيته المتميزة.
- سورية هي المتحكمة هناك.
هل انتم مستعدون للانسحاب من طرف واحد من لبنان؟
- بالطبع. بالطبع. لكن نريد ضمان أمن حدودنا الشمالية.
هل تربط ما بين المسارين السوري واللبناني ام هل ترى امكاناً لصفقة منفصلة؟
- لبنان كما تعلم هو لبنان وسورية هي سورية. انهما ليسا البلد نفسه. لكن هناك وضعاً شاذاً الآن. ان سورية تتحكم بلبنان، وتفعل ذلك منذ زمن طويل. انه ليس وضعاً طبيعياً. على لبنان ان يكون بلداً مستقلاً. انه صغير جدا لكنه عليه ان يكون مستقلاً. لكنهم ليسوا مستقلين. ما هي نسبة مرتفعات الجولان الى بقية اراضي سورية؟ انها جزء ضئيل، ربما واحد في المئة. انها لا شيء.
قد تكون المساحة صغيرة لكنها قضية بالغة الأهمية.
- يمكنك اختلاق قضية مهمة من أي شيء! الكل في العالم يعرف ان الأسد عدو لاسرائيل".
الجنرال اوري ساغي، الذي كان وقتها رئيس الاستخبارات العسكرية، اخبرك في 1991 ان هناك تغيراً في سورية، وأن الرئيس الأسد يريد السلام. ماذ كان رد فعلك؟
- استغربت ان اسمع ذلك من اوري ساغي. رجل من جيشنا، بل جنرال! هل يمكن ان تتصور جنرالاً سورياً يقول للأسد: لديك الكثير من اراضي اسرائيل؟
شعر اوري ساغي ان الأسد كان بالفعل يريد التوصل الى صفقة.
- لا أعرف. الأسد لم يقل ذلك. لم يقله أبداً.
قاله الآن، ويكرره دوماً.
- انه يرفض لقاء مسؤولينا. السادات اتخذ المبادرة وربح الكثير منها.
الأسد يختلف عن ذلك.
مؤتمر مدريد
- في مدريد مؤتمر مدريد في العام 1991 كان هناك وفد من سورية، لكننا لم نسمع كلمة تعاطف واحدة منهم.
هم لم يسمعوا منكم اي شيء ينم عن تعاطف! هاجمتموهم اولاً، ماذا كان موقفكم عندما وافقتم على الدخول في عملية مدريد؟
- أردنا العثور على حلّ وسط.
ولكنه ليس حلاً وسطاً جغرافياً
- لا.
أردتم الاحتفاظ بكل شيء…
- نحن صغيرون جداً بالفعل مساحةً لجهة قدرتنا على ان تكون لدينا عشرة ملايين نسمة على الاقل في ارض اسرائيل.
بناء على ذلك انتم تريدون الاحتفاظ بكل الضفة الغربية؟
- يهودا والسامرة؟ نعم، طبعاً. لا نريد طرد العرب. في وسعهم ان يبقوا هناك. لكننا نريد مزيداً من الناس اليهود هنا. هذه هي مشكلتنا. نحن البلد الوحيد في العالم، حسب ما اعتقد، الذي يتوق الى عدد اكبر من السكان. في الشرق الاوسط كله، كما تعلم، الجميع يقول ان عدد السكان لديهم كبير. في وسعك ان تقول هذا عن مصر، على سبيل المثال. انها مشكلة فظيعة بالنسبة اليهم. نحن البلد الوحيد الذي يريد ان يجلب الى هنا جزءاً من أمتنا. هذا هو حلمنا. كان هناك قدر من الوعد في مؤتمر مدريد كما تعلم، لكن المؤتمر كان قصيراً جداً. لو انه استمر بضعة ايام اخرى…
لكنك غادرت فوراً، يا سيدي، بعد خطابك!
- غادرت، لكن الوفد بقي.
أكنت تود ان يستمر مدة اطول؟
- نعم، وددت ان يستمر مدة اطول، وان نصل الى مفاوضات حقيقية. أردت ان أتفاوض. بالنسبة اليّ كان انجازاً عظيماً، كان لدينا، للمرة الاولى، مؤتمر يضم جميع جيراننا، وان يبدأوا مفاوضات مباشرة معنا.
لكنك كنت متمنعاً عن الذهاب الى مدريد.
- لا، لا. مؤتمر مدريد كان مبادرتي. لقد كان مبادرتي. لكنني لا استطيع ان اقول انني اردت فعلاً ان يعقد في مدريد. فضّلت ان يعقد في بلد ما اقرب الينا. كان اقتراحي ان تعقد جلسة في بلدنا واخرى في بلد عربي. لكن العرب عارضوا ذلك.
تفاوضت بالطبع على شروط المؤتمر مع جيمس بيكر، كنت متشدداً جداً. تمكنت من فصل المسارات، ومن ادراج الفلسطينيين مع الاردنيين.
- لم أرد تقديم اي تنازلات في التفاوض على الشروط. الشروط لم تكن سيئة بالنسبة الينا.
كانت جيدة جداً بالنسبة اليكم.
- الاميركيون قبلوا بها، لكنهم وعدوا الجانب العربي بأنهم، في النهاية، سيؤيدون الجانب العربي. كانت تلك سياسة الرئيس جورج بوش. وكنا نعلم ذلك.
تعني ان الاميركيين قبلوا بشروطكم للمفاوضات لكنهم كانوا عازمين على مساعدة العرب في استرداد اراضيهم. الواقع ان الوعود التي قدموها للعرب كانت غامضة جداً.
- العرب اعتقدوا بأنه لو أُعيد انتخاب بوش، فان ذلك سيكون افضل لهم. حسناً، كانت تلك فرصتنا…!
للتخلص منه!
- وبوش خسر في حملته، وكان هذا امراً طيباً لنا. كان بوش ضدنا. قال لي بوش ذات مرة: "العرب محقون بخصوص الاراضي وبخصوص مطالبهم الجغرافية من اسرائيل". قلت: "لا. الامر ليس كذلك". كان بيكر رجُلَ بوش. انه رجل ذكي جداً وألمعي جداً. لقد كتب في كتابه اشياء كثيرة جيدة عني. لقد احترمني، وكان هذا جيداً في حينه بالنسبة اليّ. ثم ستتبع البقية.
بيكر قال ان "اسرائيل يجب ان تتخلى عن حلم اسرائيل الكبرى غير القابل للتحقيق".
- اسرائيل الكبرى! أي اسرائيل كبرى؟ هذا بلد صغير. انه بلد "ليليبات"*Lilliput، كما قلت. كيف يمكنك ان تقول اسرائيل الكبرى؟
ان هذا يعني انكار حق الفلسطينيين في اقامة دولة.
- الفلسطينيون عرب. لقد اعطيناهم… لقد حصلوا على التنازلات اللازمة للاعتراف بهم كأمة، أمة صغيرة، لكنها أمة. لديهم الاردن. كم بلد عربي يوجد في الشرق الاوسط؟ بلدان عربية كثيرة. نحن لدينا بلد واحد فقط، صغير، بلد "ليليبات" ونريد الاحتفاظ به. هذا هو حلمنا. من دونه لن يكون لشعبنا وجود.
حلم 10 ملايين يهودي
الان حلمي هو ان أجلب الى هنا غالبية الشعب اليهودي. يجب ان يكونوا هنا. لا اعتقد ان سكان اسرائيل، على الاقل الجزء الاكبر منهم، يفهمون ذلك. بالنسبة الينا المشكلة الكبرى هي مشكلة الهجرة، الهجرة اليهودية الى هنا! تعلم انني عندما كنت رئيساً للوزراء، كانت نتيجة فترتي في الحكم مليون يهودي روسي، كان هذا انجازاً عظيماً! عليك ان تشتغل لتحقيق ذلك، فهو لن يتحقق تلقائياً. والآن لا بيبي نتانياهو صنع شيئاً منهم، ولا حزب العمل بالتأكيد. حلمي هو ان اجلب الى هنا غالبية الشعب اليهودي. يجب ان يكونوا هنا.
سيكون مكاناً مزدحماً جداً.
- سيكون مزدحماً جداً.
أليسوا أفضل حالاً في نيويورك حيث يساعدون في تمويلكم؟
- لست مضطراً للاهتمام بالاميركيين. لديهم اراض كافية وعدد كاف من الناس.
اذن انت قومي من الطراز القديم؟
- لست من الطراز القديم.
لكنك لست متعولماً! انت تعتقد بأن من المهم ان يعيش جميع اليهود هنا؟
- اعتقد بأنه يجب ان تكون لنا غالبية من الشعب اليهودي في هذا البلد.
أتستطيعون إعاشة عشرة ملايين او عشرين مليون نسمة؟
- نعم، ولمَ لا!
أأنتم كبار بما فيه الكفاية؟
- ليست المسألة ان نكون كباراً ما فيه الكفاية. الآن لدينا خمسة ملايين يهودي. اعتقد اننا نحتاج لخمسة ملايين اخرى. عشرة ملايين على الاقل!
تقول ان اتفاقات سلام مع جيرانكم ليست أولويتك العليا. اولويتك العليا هي الهجرة، ونسيان حلّ الصراعات مع العرب.
- نريد ان يحلّ السلام وان نعيش معاً. هضبة الجولان هي واحد في المئة من سورية، لكنها بالنسبة الينا اكبر بكثير، اكبر بكثير… انت تعيش الآن في لندن - في بريطانيا توجد غالبية من الناس الانكليز، وفي فرنسا توجد غالبية من الناس الفرنسيين. في بلدنا ليست لدينا بعد غالبية من شعبنا. وهذه هي مشكلتنا الكبرى وهذا هو حلمي.
لو قدّر لحلمك بجلب خمسة ملايين يهودي اميركي الى اسرائيل ان يتحقق، فان تلك العلاقة الوثيقة بينكم لن تعود قائمة. لن يكون لديكم اللوبي اليهودي!
- لا ادري. فلنقل اعطني ثلاثة ملايين. ضحك. اننا نحتاج اليهود الاميركيين حاجة كبيرة جداً جداً. نحن الاسرائيليين لنا لغة مشتركة مع الاميركيين. اننا قريبون جداً بعضنا من بعض. تلقائياً. بالاحساس. نحب ان نسير معاً - اقتصادياً، وسياسياً وبكل طريقة…
مفهوم شامير للسلام
قل لي اذن، ما الذي على المرء ان يفعله الآن بشأن السلام؟ أتقول انه لا ينبغي عمل شيء؟
- كنت على علاقة جيدة مع ايهود باراك. كان جنرالاً جيداً، ورجلاً ذكياً. نود ان نكون على سلام مع سورية كسلامنا، مثلاً مع الملك حسين. كنت على علاقات جيدة جداً مع حسين.
كان هذا لأن اسرائيل كانت لها علاقات وثيقة مع الاردن على مدى سنوات كثيرة.
- لم نفعل شيئاً ضد الأردن. شارون اعطاهم مزيداً من المياه، ونحن فقراء جداً في المياه. نحتاج لمرتفعات الجولان لأن ثمة مشكلة مياه هناك ايضاً. علينا ان نتحدث، بادئ ذي بدء ان نتحدث. ان تكون بيننا علاقة حديث. سورية هي رمز كراهية لاسرائيل. انهم يكرهوننا. لا ادري لماذا. ما سبب ذلك؟ اننا لن نفعل ابداً شيئاً ضدهم. تعلم انهم، قبل ان أخذنا مرتفعات الجولان، جعلوا حياة شعبنا في الشمال مستحيلة. مستحيلة!
موشي دايان شرح ان اسرائيل هي التي كانت البادئة بمعظم الحوادث.
- لا اعتقد ذلك.
هذا ما قاله في المقابلة التي نُشرت بعد وفاته. قال ان اكثر من 80 في المئة من الحوادث بدأتها اسرائيل، وانا متأكد من انه كان مصيباً. كانت تلك في معظمها حوادث في القطاعات المنزوعة السلاح التي كان الاسرائيليون يبسطون سيطرتهم عليها منتهكين بذلك اتفاقات الهدنة الموقّعة في 1949. على اي حال هذا كله تاريخ مضى.
- نعم، طبعاً… لكن الجولان هي واحد في المئة من الاراضي السورية.
انه واحد في المئة مهم. الامر كقطع إصبع. أي اصبع تريد ان تفقد؟ انه صغير لكنه مهم.
- العرب يضفون قيمة مثالية على كل ميلليمتر من الارض!
بإمكان المرء ان يقول الشيء نفسه بطريقة معكوسة.
- لسوء الحظ، انا لست راضياً عن طريقة تمسكنا بأراضينا. انها غير كافية!
أتود المزيد؟
- اننا نحتاج للمزيد!
في أي اتجاه تنظر؟ نحو الاردن؟ نحو سورية؟
- نريد الاحتفاظ بما لدينا، وان لا نذهب الى ابعد. قلنا هذا للاردنيين، قلناه لهم. جميعم. ولن نأخذ من سورية ميلليمتراً واحداً اكثر.
لست تريد دمشق، على سبيل المثال؟
- لا، لا، لا. ليس دمشق! دمشق مدينة جميلة، برغم انني لم أزرها قط. لكن عليهم ان يحاولوا ان يكونوا على علاقات افضل معنا.
اعتقد بأنهم يريدون علاقات افضل ولكن على أساس إعادة اراضيهم.
- الحد الاقصى! دائماً يريدون الحد الاقصى. لن تكون لنا ابداً علاقات جيدة معهم. انهم لا يحبوننا. انهم يكرهوننا.
اعتقد انكم لو كنتم مستعدين لتسوية المسألة الجغرافية لوجدتم الكثير من الارضية المشتركة.
- نقطتنا الاضعف هي الاراضي. لدينا بعض القدرات، وبعض المزايا النوعية، ولكن ليست لدينا اراض. انها نقطتنا الاضعف! لدينا خمسة ملايين يهودي في اميركا، على الاقل، واود ان يكونوا هنا. من ناحية التكنولوجيا المتقدمة نحن في الدرجة الثانية بعد اميركا فقط. هذا رائع! الاميركيون أناس طيبون جداً، أناس طيبون جداً. وهم أعطوا الشيء الكثير للمصريين، على سبيل المثال. مرات كثيرة تحدثت مع بوش، ومع بيكر وسألت لماذا لا يساعدون الاردنيين؟ يجب عليهم ان يفعلوا ذلك، طبعاً. حاولت، ونجحت في اقناعهم الى حد ما. ولكن ليس لدرجة كافية، ليس لدرجة كافية. وكان الملك حسين يعلم ذلك. كان يعلم انني كنت احاول المساعدة. الاميركيون ليسوا على افضل علاقة مع سورية. والآن وقد خرجت روسيا السوفياتية وانتهت، اذا أرادوا ان يعيشوا في علاقات طيبة مع الولايات المتحدة، فان عليهم ان يحسّنوا علاقاتهم معنا! عليهم ان يقبلوا بحلول وسط في شأن حدودهم.
حلول وسط؟ اذن يبدو انك مستعد للتخلي عن بعض الأراضي؟
- أنا لم أقل ذلك ابداً. ولن أقول ذلك ابداً! لأننا فقراء جداً جداً من هذه الناحية. كل الناس في العالم يتحدثون عن اسرائيل، ولكن لا احد يعرف ابعادها مساحتها. وهكذا تركت مكتب شامير مكتئباً اكتئاباً عميقاً بهاجس الارض والهجرة المسيطر عليه، شاكراً الله كل الشكر على ان رجالاً مثله لم يعودوا موجودين في السلطة في اسرائيل.
* هذه اشارة الى كتاب "أسفار غوليفر" وهي قصة ساخرة عن الحياة السياسية البريطانية نشرها دين سويفت عام 1726 وفيها ينتهي غوليفر، وهو جراح في سفينة تجارية، على جزيرة ليليبات بعد تحطم سفينته هناك، وقد أذهله وسرّه اكتشافه ان السكان هناك صغار لا يزيد طول الواحد منهم على ست بوصات، وان ادعاءاتهم والمشاحنات بينهم مثيرة للضحك والسخرية بدرجة مساوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.