وزير الطاقة: نتطلع لتوطين سلسلة توريد «المعادن».. وطموحنا يتجاوز المحتوى المحلي    الموافقة المسبقة من الجهات الحكومية.. شرط للتعاقد من الباطن    كل الطرق تؤدي إلى«الصفقة»    «المتصدر والوصيف» يواجهان الفتح والرائد    بعد دخولهم «الحرة».. إدارة الوحدة تفاوض 4 لاعبين للتجديد    "المتاحف" تحتضن معرض العبقري "هوكوساي" للفن المعاصر    عام التأثير.. الأثر الذي لا ينتهي    فيصل بن خالد يُدشّن استراتيجية إمارة الشمالية    سعود بن بندر يطلع على جهود الأمر بالمعروف بالشرقية    اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.. والإفراج عن الرهائن على مراحل    ثلاثة قتلى في سورية بضربة إسرائيلية استهدفت قوات السلطة الجديدة    رابطة العالم الإسلامي ترحّب باتفاق وقف إطلاق النار في غزّة    إستراتيجية لتعزيز السياحة البيئية بمحمية الملك عبدالعزيز    ارفع رأسك فوق.. أنت سعودي    العدالة والعربي في قمة ملتهبة.. الزلفي يلاقي نيوم    مجلس شراكة سعودي - سنغافوري    حسين العليان: ضحى بمستقبله الكروي إخلاصاً للهلال    مقتل سعودي في محافظة الكرك بالأردن    تسخير التقنية والذكاء الاصطناعي في أعمال الدفاع المدني    متحدث الداخلية يؤكد أهمية تكامل الجهود الإعلامية بمنظومة الحج    مدير الأمن العام: أمن وسلامة ضيوف الرحمن ركيزة أساسية    الغامدي يصدر قراره بتمديد تكليف العتيبي مديراً لإدارة الخدمات المشتركة    تشديد العقوبات الأميركية يحد إمدادات النفط الروسية للصين والهند    جسم بشري بعقل إلكتروني!    الدارة جسر حضاري    «إثراء» يطلق أضخم ماراثون للقراءة بمشاركة 19 مكتبة عربية    فليم فلام    المعتدي على الآخرين    ندوة (الإرجاف وسبل مواجهته)، في نسختها الثالثة    إنجاز طبي سعودي.. تطوير دعامة لفقرات الرقبة    قافلة تجمع الرياض الطبية تنطلق السبت إلى الخرج    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يجري استبدال مفصل ركبة بتقنية الروبوت الجراحي    الفنان عبدالله رشاد يحتفل بزفاف أسرار وإياد    تدشين جمعية التنمية الزراعية بالمدينة المنورة    «البلاد» ترصد أسرع 20 هدفًا في تاريخ الدوري السعودي    أنشيلوتي.. المدرب الذي كسر القاعدة    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال11 لمساعدة الشعب السوري    3000 موقع جديد في سجل التراث العمراني    الإعلامي إبراهيم موسى يحصل على دبلوم إدارة الأعمال    أمير الشرقية يرأس اجتماع مجلس أمناء «قبس»    إتاحة خدمة الدفع Google Pay    محمية الملك عبدالعزيز تطلق إستراتيجية لتعزيز مكانتها البيئية والسياحية    أمير القصيم يؤكد على السلامة المرورية    تعزيز مكانة محمية الملك عبدالعزيز البيئية والسياحية    مركز الملك سلمان يواصل إغاثته للشعب السوري    آل باعبدالله وآل باجميل يحتفلون بعقد قران عبدالرحمن    الشتاء.. نكهة خاصة    الذكاء الاصطناعي يتنبأ بمكونات الوجبة المثالية    وللشامتين الحجر!    ابتكاراً لضيوف الرحمن    لا تنمية دون تصنيع!    إنطلاق فعاليات معرض مبادرتي "دن وأكسجين"    صلاح للأهلي    كشف الحساب السعودي من أجل فلسطين... والحقيقة    أيام قبل وصول ترمب!    السعودية ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتثمن الجهود المبذولة من قطر ومصر وأمريكا    هدنة مشروطة تحت الاختبار في غزة    الامير سعود بن نهار يلتقي وزير التنمية الاجتماعية لجمهورية سنغافورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الآن تستطيع عيني أن تراك
نشر في الحياة يوم 13 - 06 - 1999

كانت عينا يوسف قد دمعتا وهو يغلق باب شقته غصباً عنه لا لشيء، إلا لأنه رأى جارته أم صابر تعنف صغيرها صابر، الى درجة أنه لم يحتمل النظر، خصوصاً وأنه لمح في يدها سكيناً من ذلك النوع الذي يخشى مجرد الإمساك به، لا استعماله.
ما أن نزل يوسف السلم ووضع قدميه على رصيف الشارع، حتى شعر بالخجل أو شيء كهذا لأنه أولاً لم يكن قد عرف حقيقة الأمر، وأن المسألة كانت بالنسبة له دوماً، لا أن تقوم أم بتعنيف ابنها أو حتى ضربه، بل أن تكون لهذا الشخص أو ذاك أم أصلاً.
قال يوسف ربما كان هذا هو السبب إذاً.
خرج يوسف من الشارع الجانبي، ودخل الطريق الرئيسي، فوجد الكثير من الأمهات يمسكن بأيدي، أو رقاب، الكثير من الأولاد، فظن أن هناك احتفالاً ما، ولكنه استغرب الأمر، وكان على أي حال ذاهباً للقاء صديقته سلمى، التي راحت تصر، خصوصاً في المرة السابقة التي التقاها فيها بأنها ليست مجرد صديقة وإنما هي أكثر من ذلك، ولم تتركه حتى قال بلسانه بأنها "حبيبته"، مع أنه كان يقصد ذلك على وجه التحديد.
حتى وان كان قد نطق بغير ذلك.
لم يكن الكازينو الذي سيلتقي فيه سلمى بعيداً، إذ سرعان ما وصل فوجدها جالسة في انتظاره، ولأنها كانت قد اعتادت على تأخره، فإنها لم تهتم، ولكنها اهتمت حين راح يرمق سيدة في عمر أمه كانت تجالس شخصاً في عمر ابنها، لكنها، لم تتحدث بشيء عن هذا الموضوع في بادىء الأمر، ولكنها حين لاحظت أنه راح يكرر نظراته الى تلك المرأة، نبهته الى أن ذلك قد يكون أمراً غير ملائم، خصوصاً وأنها لاحظت أن الشاب الصغير الذي يرافق المرأة الكبيرة، كان يشعر بالحرج، ولكنها حين نظر مرة أخرى وكانت تحدثه عن أمر كانت تراه مهماً للغاية، يتعلق بمستقبلهما معاً، اضطرت لتنبيهه بشكل مباشر.
قالت سلمى: ما الذي يجعلك تواصل النظر لهذه المرأة الكبيرة؟
قال يوسف: لا. إنني أنظر للرجل الصغير.
قالت سلمى بعناد: لا، أنت تنظر للمرأة.
قال: لا. انني أنظر للرجل.
قالت: لا. انه ليس رجلاً حتى. انه مجرد شاب صغير.
قال: إذاً أنت لاحظت ذلك؟
قالت: ما الذي لاحظته؟
قال: ان الرجل شاب صغير، والمرأة امرأة كبيرة.
قالت: ومن الذي لا يلاحظ ذلك. ان الفرق واضح جداً.
قال: لكن الرجل الصغير يبدو سعيداً على أي حال.
قالت: ربما يكون الأمر أمر مصلحة.
قال: وما الذي يدفعك لقول ذلك؟
قالت: الأمر واضح كالشمس.
قال: الأمر واضح هنا، لكن يمكن أن يكون مختلفاً في مكان آخر.
قالت: أي مكان آخر؟ ما الذي تقصده؟
قال: قد يكون هو سعيداً معها. هذا ما أردت قوله.
قالت: لا. أنت تقصد شيئاً آخر.
قال: ربما.
قالت: هذه الدنيا...
قال: ما الذي تقصدين؟
قالت: أف. الدنيا مليئة بأشياء غريبة.
ثم أردفت: هذه الأيام.
قال: هذه الأيام فقط؟ كانت الدنيا مليئة بهذه الأشياء طوال الوقت. لكننا لا نريد أن نرى.
قالت بشبه غضب: آه. وهل سنستمر في الحديث في أمر الرجل الصغير والمرأة الكبيرة. هل سنستمر طويلاً؟
قال: لا. يمكننا أن نتحدث في شيء آخر.
قالت: هيا. تحدث.
قال: في أي شيء؟
قالت: في أي شيء آخر. ألم تقل أنت ذلك؟
كان الغضب قد وصل الى قلب يوسف، لكنه لم يكن قادراً على التعبير عنه، خوفاً من انكشاف أمره، كما أنه، وقد كان يود مواصلة النظر الى المرأة الكبيرة، وجد أن الأمر لا يحتمل، فطلب أن يتركا المكان.
خرج يوسف ومعه سلمى وتعمد أن يسير بها وسط الزحام.
لم يكن يوسف يعرف ما الذي جرى إذ يجد في نفسه رغبة لا يستطيع مقاومتها للبحث عن ذلك الشاب وتلك المرأة على الرغم من أنه كان قد تركهما للتو هناك، في ذلك الكازينو، لكنه، ولأن تلك الرغبة كانت أقوى من أن يتخلص منها وجد نفسه يندس بين الزحام حتى ابتعد عن سلمى وتاه.
أخذ يوسف يمشي زائغ العينين لا يعرف ما الذي جرى.
عاد يوسف من نفس الطريق.
لم يكن يبحث عن سلمى.
عاد يوسف الى بيته.
وضع المفتاح في ثقب الباب ونظر خلفه.
قال: أين هي؟
* روائي مصري مقيم في الكويت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.