أعلن مساعد وزيرة الخارجية الاميركية السفير مارتن انديك ان سياسة التقارب التي تعتمدها ايران مع دول الخليج هي نتيجة "قرار جماعي" من القيادة الايرانية ككل. ولاحظ في شهادة شاملة عن أوضاع المنطقة تطرقت الى عملية السلام وايرانوالعراق والتحولات والتغييرات هناك، وردود الفعل على انتصار حلف الاطلسي في كوسوفو، ان طهران قللت سياساتها المعترض عليها، خصوصاً في مجال "أعمال التخريب، وتشجيع الارهاب، ضد هذه الدول". وقال ان الايرانيين "أوقفوا هذه الاعمال، مما يشير الى ان هناك قراراً جماعياً بهذا الشأن". وحذر من "أخطار تطوير ايران أسلحة الدمار الشامل"، وقال: "علينا ان نعمل مع اسرائيل وحلفائنا العرب وتركيا لمساعدتهم في تقوية قدراتهم لمواجهة هذه الاخطار". وركز على دروس أزمة كوسوفو لافتاً الى ان فاعلية القوة الجوية التي استخدمت هناك تمكن مضاعفتها ثلاث مرات "عندما يتعلق الأمر بالعراق". قدم انديك الذي كان يتحدث ليل الثلثاء أمام لجنة العلاقات الدولية التابعة لمجلس النواب تقويماً لسياسة الرئيس الايراني محمد خاتمي، وأعرب عن اعتقاده انه "يتحكم بالسياسة الخارجية لكنه لا يسيطر على سياسة الأمن القومي ومؤسساته مثل الحرس الثوري وذراعه الارهابية أو وزراء الاستخبارات علماً أن لديه بعض النفوذ هناك". واستدرك انه على رغم وجود نوع من صراع القوى داخل ايران "يبدو ان هناك نوعاً من عملية صنع قرار جماعي في ما يخص مسائل الأمن القومي، وخاتمي يتصرف في هذا الاطار". وزاد ان ما استطاع الايرانيون اتخاذه من خطوات ايجابية وتقارب ومصالحة مع دول الخليج "يمكن ان يترجم أيضاً في قدرتهم على اعتماد سياسة مشابهة في ما يتعلق بالارهاب الموجه ضد الولاياتالمتحدة، ولا نزال قلقين من النشاطات المراقبة والتحضيرات التي تقوم بها طهران، ومن الارهاب الموجه ضد عملية السلام". وعرض انديك صورة متوازنة عن التطورات الايرانية مرحباً بالسياسة الجديدة التي اعتمدها خاتمي، وأبدى استعداد الادارة الأميركية لحوار رسمي مع طهران، لكنه جدد الاعراب عن قلق واشنطن من سياسات ايران لجهة "تطوير أسلحة الدمار الشامل خصوصاً الصواريخ واستمرارها في دعم الارهاب والمعارضة العنيفة لعملية السلام". ورحب بخفض التوتر بين ايران ودول الخليج لكنه أكد قلق الادارة من موقف ايران المهدد في نزاعها على الجزر الثلاث مع دولة الامارات. وتابع ان الادارة ستواصل فرض عقوبات على ايران على رغم خفض بعضها والسماح باستيراد الغذاء والدواء، وستواصل أيضاً معارضة معاودة جدولة ديون ايران عبر نادي باريس، وحصولها على القروض من المؤسسات المالية الدولية، ناهيك عن الاستمرار في معارضة الاستثمارات في قطاع النفط الايراني الى أن تبدل طهران سياستها. وحذر انديك من أخطار تطوير ايران الصواريخ البالستية وأسلحة الدمار الشامل، وقال: "علينا ان نتحرك بسرعة لوقف سباق تسلح، وأن نعمل مع اسرائيل وحلفائنا العرب وتركيا لمساعدتهم على تقوية قدراتهم لمواجهة هذه الأخطار". ولفت الى ان المساعدات الايرانية الى "حزب الله" مستمرة، مشيراً الى ان حركة "حماس" لا تحتاج الى مساعدات مالية من طهران "إذ ليست لديها مشكلة في هذا الشأن"، مؤكداً ان العلاقة معها هي لجهة "التدريب والارتباطات السياسية". وأضاف ان ايران تقدم أيضاً مساعدات مالية الى حركة "الجهاد الاسلامي" في فلسطين. وعرض انديك سياسة الادارة تجاه العراق، وقال: "طالما بقي الرئيس صدام حسين في السلطة سنعمل لاحتوائه لخفض التهديدات التي يشكلها لجيران العراق وشعبه، وستعمل الادارة مع مصادر داخل العراق وخارجه، ومع جيرانه لاحداث تغيير هناك، ومن أجل قيام حكومة جديدة تمثل حاجات الشعب العراقي وطموحاته، وتنضم الى المجموعة الدولية". وكرر تحديد الخطوط الحمر التي وضعتها الادارة للتدخل عسكرياً ضد النظام في بغداد، وهي "معاودة بناء أسلحة الدمار الشامل وتهديد جيرانه وتحدي الطيران الحليف فوق منطقتي الحظر الجوي، وإذا تحرك ضد سكان المناطق الكردية في الشمال". ولاحظ أن التغيير في العراق كي ينجح يجب أن يأتي من داخل أي من العراقيين أنفسهم، وقال: "على قوى الأمن والشعب أن يقفوا معاً ضد صدام"، علماً ان نجاح ذلك يتطلب دعماً للمعارضة في الخارج من جيران العراق. واعترف بوجود اختلاف في وجهات النظر لدى الجيران في شأن كيفية تحقيق التغيير هناك. رايدال وفي هذا الاطار قال المسؤول عن قسم الشرق الأوسط وجنوب غربي آسيا في مجلس الأمن القومي الأميركي بروس رايدال في تصريحات ليل الثلثاء ان واشنطن لن تعارض أي عملية تؤدي الى تغيير النظام في بغداد، موضحاً ان سياستها هي "الضغط على كل الجبهات ومن كل النقاط" لاحداث التغيير الذي "لن يكون سهلاً". ورأى ان المطلوب التحرك على عدة مسارات بما في ذلك دعم المعارضة وجعلها صوتاً يسمعه العالم. وزاد: "من الصعب التكهن بما ستكون عليه أداة التغيير أو الحدث الذي سيؤدي الى ذهاب صدام، لكننا لن نعارض أي عملية تؤدي الى تحقيق ذلك". وتحدث انديك عما وصفه ب"تغيير الأجيال" في الشرق الأوسط، وعن ظاهرة التحديث على المستويين القيادي والشعبي، التي وصفها بأنها "مهمة المطلوب متابعتها، خصوصاً عملية انتقال السلطة الى الجيل الجديد". وذكر ان التغيير الى الجيل الجديد حصل في اسرائيل مع وصول بنيامين نتانياهو الى السلطة ومن بعده ايهود باراك، وحصل أيضاً في الأردن بوصول الملك عبدالله بدلاً من الأمير الحسن، وحصل في البحرين "ونرى الآن في دمشق طبيب عيون يحضره والده لتسلم الزمام، ويحضّر الملك الحسن الثاني ابنه لتسلم السلطة. هناك جيل جديد يجري تحضيره لتسلم السلطة، جيل شاب معظمه تعلم في الغرب، وسيجلبون الى الحكم نظرة عصرية". وعن دروس أزمة كوسوفو ومدى تأثير انتصار حلف الأطلسي قال انديك: "كان لوقوف الحلف بقيادة الولاياتالمتحدة الى جانب الكوسوفيين الألبان المسلمين تأثير واضح في العالم الاسلامي، خصوصاً في العالم العربي، وساهم ذلك في وضع حد للانطباع الذي كان سائداً بأن الغرب يكيل بمكيالين". ونبه الى ان تماسك دول حلف الأطلسي ارسل اشارة مهمة في شأن "التزامنا وحدة أوروبا وحقوق الانسان. ولقي ذلك أصداء في الشرق الأوسط". وأشار الى ان نجاح الحملة الجوية في البلقان كان مهماً خصوصاً ان المقارنة جرت في بداية الأزمة بين صعوبة الأرض في صربيا وسهولتها في العراق، و"أظهر الحلف فاعلية القوة الجوية في كوسوفو اذ حقق أهدافه". واعتبر ان هذه الفاعلية يمكن مضاعفتها ثلاث مرات عندما يتعلق الأمر بالعراق "خصوصاً إذا خرق صدام الخطوط الحمر". وزاد ان "الاشارة واضحة مع استمرارنا في مواجهة صدام، وهي أن لدينا القدرة على تحقيق أهدافنا في العراق". وأسهب في الحديث عن دروس أزمة كوسوفو وقال ان النتائج تخدم الرسالة التي تريد واشنطن ايصالها في المنطقة، وهي ان أمام زعماء المنطقة خيار الوقوف الى جانب التغيير البناء الايجابي، واتباع قواعد المجموعة الدولية، والتخلي عن تبني الارهاب والتوقف عن تحدي قرارات مجلس الأمن، ودعم جهود صنع السلام في المنطقة. وقال: "ليس صدفة ان تسلم ليبيا بعد عشر سنين الارهابيين المتهمين بتفجير طائرة بان اميركان الى المحاكمة"، ملاحظاً ان ليبيا قدمت التزامات لتنفيذ قرارات مجلس الأمن. ولفت أيضاً الى رغبة سورية في استئناف عملية السلام مع اسرائيل.