أكدت بريطانيا للولايات المتحدة ان سياسة عزل ايران التي تنتهجها واشنطن لن تجدي، ودعت الى اعتماد استراتيجية اميركية - أوروبية موحدة في التعامل مع طهران. واعتبر وزير الخارجية البريطاني روبن كوك الذي بدأ زيارة لواشنطن أول من أمس انه "طالما لا توجد استراتيجية موحدة لن يكون هناك ضغط فاعل على ايران، وستكون طهران الرابح". وقال ان على الولاياتالمتحدة ان تلغي أولاً قانوناً يشدد العقوبات على شركات اجنبية تستثمر في قطاع النفط والغاز في ايران "لأننا لا نستطيع التوصل الى شراكة ما دام خطر العقوبات مسلطاً علينا". وكان أبرز المواضيع التي تضمنها الحوار الاميركي - الأوروبي من خلال المحادثات التي اجراها كوك تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي مع وزيرة خارجية الولاياتالمتحدة مادلين اولبرايت قضايا العراقوايران وعملية السلام في الشرق الأوسط. وعكس المؤتمر الصحافي الذي عقدته اولبرايت وكوك في وقت متقدم ليل الخميس اتفاقاً تاماً في وجهات النظر في شأن الأزمة الجديدة مع العراق، والتقاء محدوداً في شأن ايران تناول المساعي المشتركة لمنع طهران من تطوير برامج اسلحة الدمار الشامل. لكن الجانبين اختلفا على كيفية تطبيق العقوبات الاقتصادية على ايران بعد الاعتراض على قانون داماتوا الاميركي الذي يفرض عقوبات على الشركات غير الاميركية التي تعقد صفقات مع صناعة النفط والغاز الايرانية تتجاوز قيمتها 20 مليون دولار سنوياً. وأشادت اولبرايت بالوحدة التي أظهرتها المجموعة الدولية من خلال البيان الأخير لمجلس الأمن في شأن العراق. والذي أكد دعم رئيس اللجنة الخاصة المكلفة نزع أسلحة الدمار الشامل ريتشارد بتلر والتي يجب ان تتم "بحرية تامة ومن دون أي شروط". وقالت الوزيرة ان المجموعة الدولية حضت الرئيس صدام حسين 39 مرة على تنفيذ القرارات التي أصدرها المجلس. واعتبرت ان "اللجنة الخاصة تشكل أفضل أداة لدفع صدام حسين الى التخلص من أسلحة الدمار الشامل". وكررت ان اللجنة كانت مسؤولة عن تدمير أسلحة دمار شامل عراقية أكثر مما دمرته حرب الخليج. وزادت: "علينا ان نجد الوسىلة الأكثر فاعلية لابعاد صدام عن امكان حصوله على أسلحة دمار شامل. كنا ولا نزال نعتقد ان الطريق الديبلوماسي طريق جيد خصوصاً انه مدعوم بالتهديد باستعمال القوة. لم يسقط أي من الخيارات، لكننا لسنا الآن في تلك المرحلة". وأكدت اولبرايت وكوك ان على العراق ان يسمح للمفتشين الدوليين بالوصول الى أي موقع من دون شروط. وأعلن الوزير البريطاني ان الرئيس العراقي "يسعى الى فرض شروط لا يمكن قبولها، بل ستقاوم"، داعياً الى عدم التقليل من الضغوط الدولية على الرئيس العراقي. ولاحظ التقدم الذي تحقق بالنسبة الى اغلاق ملف الأسلحة النووية العراقية وتعطيل ملف برامج الصواريخ. وقال: "يجب ان يحصل تقدم مماثل بالنسبة الى برنامج الأسلحة الجرثومية والكيماوية، وحتى يتم ذلك سنصر بشدة على ان يتقيد الرئيس العراقي بقرارات مجلس الأمن". وذكرت اولبرايت ان المحادثات مع كوك شملت أيضاً ايران "ووجدنا تصريحات الرئيس سيد محمد خاتمي مثيرة للاهتمام ونحللها الآن بدقة، ونأمل بأن يتبع التغيير في الكلام تغييراً في السياسة في ما يتعلق بالارهاب وأسلحة الدمار الشامل والمعارضة العنيفة لعملية السلام في الشرق الأوسط". وزادت ان ما يقلق الولاياتالمتحدة يقلق ايضاً شركاءها الأوروبيين، لكنها استدركت: "لدينا خلافات مع الاتحاد الأوروبي على كيفية تحقيق التغيير في السياسة الايرانية الذي نبتغيه، ونعمل بنشاط للتوصل الى التقاء مواقفنا تجاه ايران والتقيد في الوقت ذاته بالقانون الاميركي" الخاص بالعقوبات على ايران. ورأت ان كلام خاتمي يحمل بعض الجوانب المشجعة، سواء بالنسبة الى الارهاب أو الى آرائه في التاريخ والثقافة الاميركيين. وذكرت اولبرايت بأن واشنطن تعترض على كلام خاتمي على اسرائيل، وقالت ان الادارة الاميركية والاتحاد الأوروبي متفقان على بذل كل الجهود للتأثير في ايران كي تتوقف عن محاولة الحصول على أسلحة دمار شامل. وأظهرت الوزيرة تشدداً بالنسبة الى العقوبات الاقتصادية الاميركية على ايران وقالت ان واشنطن ستعمد الى تطبيق القانون الاميركي بالنسبة الى تعاطي الشركات الاجنبية مع ايران، لكنها تركت الباب مفتوحاً عندما قالت ان الادارة تدرس هل خرقت الشركات الفرنسية والروسية والماليزية القانون الاميركي بتوقيع صفقة الغاز مع ايران. ونبهت الى ان العقوبات ضد هذه الشركات "لا تزال خياراً حقيقياً"، لكنها اعربت عن ارتياحها الى المذكرة الأوروبية التي قدمت الى الادارة وتشير الى زيادة التعاون بين أوروبا والولاياتالمتحدة لمنع ايران من الحصول على أسلحة الدمار الشامل. وقال كوك ان من السابق لأوانه ان تقدم بريطانيا اقتراحات لاجراء حوار مع ايران خصوصاً ان لديها مشكلة تمنعها من اقامة علاقات طبيعية مع طهران بسبب الفتوى الايرانية بإهدار دم الكاتب البريطاني سلمان رشدي. وأضاف: "لا نستطيع ان نقيم علاقات طيبة مع ايران" حتى بزوال التهديد ضد حياة رشدي. وشدد على أهمية توصل الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة الى "موقف مشترك" تجاه كيفية معالجة موضوع التجارة مع ايران "فطالما لا توجد استراتيجية موحدة لن يكون هناك ضغط فاعل على ايران وستكون طهران الرابح". ورأى ان "الفائدة الكبرى في التوصل الى موقف مشترك اميركي - أوروبي هو تحقيق مزيد من السلام والأمن في الشرق الأوسط".