تتكرر أخطاء حلف شمال الاطلسي في يوغوسلافيا ولا تتشابه. فبعد المناطق السكنية، والجسور، والقطارات، وقوافل اللاجئين، والعيادة، كان ليل أول من امس دور السفارة الصينية في بلغراد حيث سقط 4 قتلى. وقد أثار الحادث الذي وقع في واحد من اشد أيام الحرب عنفاً عاصفة من التعليقات الدولية واستدعى اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن الذي سيعود الى الانعقاد يوم غد الاثنين راجع ص 8. وفي وقت حاول الناطقون باسم الحلف تفسير الخطأ بالقول ان الهدف المقصود هو "مكتب مشتريات الأسلحة اليوغوسلافي" فان بكين رفضت توضيحات الاطلسي واعتبرت الهجوم "عملاً همجياً" وتميزت موسكو بتشديد الادانة، إذ اعتبر رئيسها بوريس يلتسن ما جرى "عملاً بربرياً وغير انساني" ودعا الاطلسي الى وقف اراقة الدماء والكف "عن انتهاك القانون الدولي". وألغى وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف زيارته لبريطانيا في حين توجه المبعوث الرئاسي فيكتور تشيرنوميردين الى بون للقاء المستشار الألماني غيرهارد شرودر، والزعيم الألباني المعتدل إبراهيم روغوفا ومندوب الأمين العام للأمم المتحدة كارل يلبندت. عواصم الدول الاطلسية عبرت منفردة ومجتمعة عن "الأسف العميق" واعتذرت عن "الخطأ المأسوي" وتوعدت باستمرار الغارات والقصف حتى تلبية يوغوسلافيا الشروط المعروفة للحلف. وسارت تظاهرات في مدن صينية هاجمت المقرات الديبلوماسية الاميركية واعتبرت بلغراد، من جهتها، قصف السفارة "قصفاً على مساعي السلام". ومع ان الأضرار المدنية لهذا "الخطأ" اقل من اضرار الاخطاء الاخرى فإن آثاره السياسية أبعد مدى. فهو يقع بعد توصل الدول الثماني الى مشروع حل يستعيد روسيا الى لعب دور مركزي في مساعي التوصل الى تسوية. وهو يحصل بعد التوافق على صدور قرار من مجلس الأمن حيث تملك بكين حق النقض. وهو يصادف بروز معالم تحول في الموقف الصيني من الحرب عبر عن نفسه بتراجع حدة الادانة للغارات الاطلسية وبتركيز اعلامي على المعاناة التي يعيشها اللاجئون من البان كوسوفو. وعلى هذا الصعيد سجل حتى ظهر امس عبور اكثر من خمسة آلاف لاجئ من كوسوفو الى البانيا وتأكد مقتل فهمي أغاني وهو احد مستشاري روغوفا. وقد اعلنت بلغراد ان "جيش تحرير كوسوفو" مسؤول عن ذلك في حين اكد وزير الخارجية البريطاني روبن كوك نقلاً عن ابن فهمي ان الشرطة الصربية مسؤولة عن قتل والده. كما اكدت وزارة الخارجية الالمانية ان اغاني قتل في معتقله في صربيا. الأممالمتحدة وفي نيويورك تحركت الديبلوماسبة الدولية لاستدراك تأثيرات ضرب السفارة على الجهود السياسية المبذولة لحل الازمة في اطار الأممالمتحدة بعدما صعدت الصين معارضتها القاطعة للعمليات العسكرية التي يقوم بها حلف شمال الاطلسي في يوغوسلافيا. وشدد سفير الصين لدى الأممالمتحدة لهجة المعارضة الصينية للعمليات العسكرية وقال ان "الناتو" يقوم بعمليات "وحشية تخرق القوانين الدولية وميثاق الأممالمتحدة" وطالب "بالوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية". وأجرى اعضاء مجلس الأمن المشاورات المكثفة لساعات عديدة فجر امس السبت بهدف الخروج بموقف يسجل "الصدمة والقلق" من حادثة ضرب السفارة الصينية مع الحرص على عدم صدور موقف لصالح اي من المعسكرين المنقسمين داخل المجلس ازاء كوسوفو وسبل معالجتها. وأسرع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان الى التشديد على "الحاجة الماسة الى حل سياسي". وحمل المندوب الاميركي في مجلس الامن السفير بيتر بيرلي الرئيس ميلوشيفيتش "مسؤولية هذه الأزمة". وتحدى السفير الروسي سيرغي لافروف ذلك المنطق وحمّل بدوره حلف شمال الاطلسي مسؤولية "تدمير النظام الدولي".