شدد الرئيس بيل كلينتون على مواصلة العمليات العسكرية لحلف الأطلسي في يوغوسلافيا، رافضاً "الانسحاب الجزئي" من كوسوفو الذي اعلنت القيادة اليوغوسلافية تنفيذه. وحذر من ان مثل هذا الانسحاب يعني استمرار الاشتباكات بين القوات اليوغوسلافية والمقاتلين الألبان. وواصل الحلف غاراته على اهداف في يوغوسلافيا بما في ذلك بلغراد وكوسوفو، مؤكداً ان لا دلائل على بدء انسحاب القوات الصربية من كوسوفو، على رغم صور تلفزيونية بثها الصرب، أظهرت عسكريين يستقلون باصات. راجع ص 8 في غضون ذلك وضع الجيش التركي عددا من قواعده في غرب البلاد بتصرف طائرات الأطلسي لشن غارات على يوغوسلافيا، فيما استنتجت صحف لندن من تصريحات لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير في مجلس العموم اول من امس ان الحلفاء يعملون لاعداد قوات لتدخل بري يحسم الوضع في كوسوفو قبل نهاية الصيف. وأكد بلير في كلمة القاها امس في آخن غرب المانيا لدى تسلمه جائزة شارلمان لجهوده في اندماج بلاده اكثر في اوروبا وفي تحقيق السلام في ايرلندا الشمالية، ان الحلف يشن "حربا عادلة ضد اسوأ نوع من انواع الابادة" منذ النازية. وأوضح ان الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش "كان مصمما على محو شعب، وفي مواجهة وحشيته المطلقة لم يكن في امكاننا سوى أن نتخذ اجراءات حاسمة". لكن الرئيس الفرنسي جاك شيراك اثار تفاؤلاً حين أكد اثر محادثات مع نظيره الروسي بوريس يلتسن في موسكو امس، ان الايام المقبلة قد تشهد تسجيل تقدم على طريق تسوية الأزمة. وشهدت كوسوفو تصعيداً في المواجهات بين الصرب و"جيش تحرير كوسوفو" الذي اعلن ان عدداً من المسنين والاطفال ماتوا في منطقة درينيتشا وسط الاقليم حيث تهدد المجاعة والامراض ثلاثة آلاف شخص. وقدرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عدد اللاجئين من كوسوفو منذ بدء النزاع في آذار مارس بحوالى 400،915 شخص، موضحة ان حوالى 400،748 شخص هربوا من الاقليم منذ بدء غارات الاطلسي على يوغوسلافيا. ونقلت مفوضة الاممالمتحدة لحقوق الانسان ماري روبنسون عن وزير الخارجية اليوغوسلافي زيفادين يوفانوفيتش ان اكثر من 1200 مدني قتلوا في يوغوسلافيا منذ بدء ضربات الحلف. الى ذلك اصرّت الصين على مقاومة صدور اي موقف لمجلس الأمن في شأن كوسوفو الى ان يتخذ موقفا من طلبها اصدار بيان رئاسي في شأن قصف الاطلسي خطأ السفارة الصينية في بلغراد. وعارضت مشروع قرار قدمته الدول الاسلامية الثلاث الاعضاء في المجلس، وهي البحرين وغامبيا وماليزيا، باسم الدول غير المنحازة. واشترطت الصين تناول موضوع السفارة وحذف الاشارة الى مبادئ التسوية السلمية التي اتفقت عليها روسيا والدول السبع الصناعية. وهددت بمنع المجلس من اتخاذ موقف من مشروع القرار الذي يتناول الناحية الانسانية في ازمة كوسوفو. وفي واشنطن، دافع الرئيس كلينتون مجدداً عن سياسة ادارته تجاه الازمة ويوغوسلافيا، وتعهد الاستمرار في هذه السياسة ومواصلة العمليات العسكرية الى ان تحقق الاهداف الخمسة لحلف الاطلسي. وحمل على القيادة الصربية خصوصاً ميلوشيفيتش، وقال ان هذه القيادة لا الشعب الصربي "مسؤولة عن الجرائم الفظيعة التي ارتكبت في كوسوفو، بما فيها التطهير العرقي". وزاد كلينتون في خطاب امام مؤتمر للمحاربين القدامى، خصصه كله للحديث عن الازمة، انه منذ بداية النزاع كانت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها واضحين في ما هو مطلوب من بلغراد لانهاء المشكلة، مشدداً على اهمية ان يتمكن الكوسوفيون من "العودة والعيش بأمان، وكي يحصل ذلك على الصرب ان يغادروا كوسوفو". واعتبر ان "الانسحاب الجزئي" الصربي يعني استمرار الحرية الأهلية مع المقاومة الكوسوفية، وكذلك ارسال قوات امن دولية يكون الاطلسي نواتها. وأضاف: "من دون هذه القوات لن يعود الكوسوفيون الى ديارهم. ان نزاعنا ليس ضد الشعب الصربي، والعدو الحقيقي لهذا الشعب هو البغض المسمم الذي اطلقته القيادة" في بلغراد. وقارن بين التطهير العرقي في كوسوفو وبين المحرقة ضد اليهود في المانيا النازية. وأوضح كلينتون ان صربيا تواجه الآن "خيارين، الأول خيار البغضاء والتطهير العرقي والاضطهاد، والثاني وضع الخطوط العريضة لمستقبل مزدهر متعدد الاثنيات. اننا مستعدون لضم صربيا كجزء من اوروبا جديدة، اذا ابدى شعب صربيا الارادة للعمل من اجل هذا النوع في المستقبل". وأعرب الرئيس الأميركي عن الأسف لسقوط الضحايا المدنيين الصرب، واعتذر مجدداً عن قصف السفارة الصينية، لكنه ذكر بأن القوات الصربية قتلت الآلاف وشردت مئات الآلاف. وزاد: "الى ان تقبل صربيا شروط حلف الاطلسي سنستمر في تدمير آلتها العسكرية".