"قانا... كي لا ننسى"، شعار أطلق عنواناً لمعرض الحركة الثقافية - انطلياس عن مجزرة قانا في ذكراها الثالثة. قد يبدو العنوان لافتاً في معناه، لكن كثراً مرّوا به من دون أن يدركوا أن منظمي المعرض لاحظوا أن نسيان المجزرة وهولها، شقّا طريقهما الى ذاكرة اللبنانيين وأصبح ما ارتكبه فيها الإسرائيليون في حق أكثر من مئة لبناني من الأطفال والنساء، أمراً قديماً أو مدعاة لإقامة "احتفالات" بالذكرى بامتياز تكللها عبارات النصر والأمجاد. وشاء منظمو المعرض الذي ما برحت لوحاته تعرض منذ 3 سنوات، أن يظهروا اهتمام اللبنانيين ب"المناسبة" الذكرى على الصعيدين الرسمي والشعبي، فوضعوا على مدخله لوحة لصقت عليها صور رئيس الجمهورية اميل لحود أثناء زيارته الأخيرة لبلدة قانا فيما المعرض هو لذكرى مؤلمة تصلح لها أيضاً صور الباكين، وكان أولهم باكياً أمام شاشات التلفزة رئيس الجمهورية السابق الياس الهراوي. ولوحات المعرض، التي ازدانت بأعشاب وغصون، هي لوحات تعبيرية رمزية وقصاصات صحف عربية ودولية ورسومات صحف نشرت أثناء المجزرة وفي ذكراها الأولى، رسمها ونظمها الفنانان الإيطالي بسكال كارنزا واللبناني جورج الزعني. إضافة الى تقارير وقصائد. والمعرض الذي غص يوم الافتتاح "بالمدعوين" زارته "الحياة" في يومه الثاني، فلم تجد فيه زائراً واحداً بل بضعة موظفين في "الحركة الثقافية" رافقتها احداهن شارحة الغاية من المعرض وهي "كي لا ننسى هول المجزرة في قانا". وأوضحت أن اللوحات "كانت للزعني عرضها قبل ثلاثة أعوام في لندن، واشترتها منه جميعاً مؤسسة الحريري التي عرضتها العام الماضي في صيدا. وهذا العام تعرضها الحركة الثقافية للذكرى والتذكير فقط وهي ليست للبيع". وفي لوحات المعرض ثمة مشهد يتكرر كثيراً في ألوان مختلفة وهو صورة رأس طفل يطلق صرخة، مرة وحيداً بالأسود، ومرة مزدوجاً، ومرة ثلاثة أطفال بالأحمر مسجين. والجديد في المعرض أنه تضمّن رمزاً لجرم اسرائيلي جديد تمثل في اغتصاب بلدة أرنون فأقيم، في المعرض، نصب صغير طوّق بشبك حديد أسيراً. واللافت في المعرض تعليق لائحة المجازر الإسرائيلية وعدد ضحاياها وهي: مجازر سحمر في 12 نيسان ابريل 1996، 8 قتلى، وفي 13 نيسان مجزرتا المنصوري 7 قتلى والجميجمة 3 قتلى، وفي 16 نيسان مجزرة النبطية 10 قتلى وفي 18 نيسان مجزرة قانا 110 قتلى. وربما نسي القيّمون على المعرض، وكل الذين أحيوا "احتفالات" في الذكرى أن هناك ضحايا أحياءً نجوا من الموت لكن المجزرة دمغت في ذاكرتهم وأجسادهم التي حملوا فيها جروحاً وإعاقات وحروقاً، وربما أن المحتفين بالذكرى لا يعرفون أن عدد الضحايا الأحياء يبلغ ثلاثة أضعاف عدد الذين قضوا في المجزرة وأن 35 منهم يحملون اعاقات إذ لم تتوافر لهم فرص العلاج في شكل جيد على رغم وعود كثيرة أغدقت، وهم يتوزعون على قرى تحيط بقانا منها رشكناناي وجبال البطم وزبقين.