تستعد سورية مع بداية موسم الصيف لاستقبال سياحها العرب والاجانب بصورة تليق بالبلد الذي يحتضن ثلاثة آلاف موقع اثري ويتميز بتنوع طبيعي متباين بين سهل وتل وجبل وشواطئ نقية هادئة وشبكة من الحصون والقلاع والمواقع التاريخية التي تغطي كامل البلاد لتعيد السائح الى حقب ماضية تعبق بسحر الحضارات الاولى للانسانية. وتحاول وزارة السياحة السورية اجتذاب السياح الى مناطق مختلفة من سورية عبر اقامة المناسبات السياحية والمهرجانات على نطاق واسع في كافة المدن خصوصا خلال تموز يوليو وآب اغسطس في المدن الساحلية وقرب المواقع الأثرية بهدف التعريف بهذه المواقع وجذب الانظار اليها. ويقول احد القائمين على هذه المهرجانات انها "نجحت في تقديم فوائد مهمة على صعيد الترويج السياحي الذي يكفل تنشيط الحركة السياحية كماً ونوعاً بدءا من مهرجان "المحبة" في اللاذقية ومرورا بمهرجان "البادية" في تدمر و"الاغنية" في حلب و"المدن المنسية" في إدلب وانتهاء بمهرجان "الربيع" في حماه. ويضيف: "لا شك ان المهرجانات كانت مجدية على صعيد المجموعات السياحية اكثر من درجة الاستفادة على صعيد السياح الذين يأتون بمفردهم وذلك بسبب غياب التنظيم والاعلان عن هذه المهرجانات. غير ان هذه السلبيات لا تقلل من كون المهرجانات سدت فراغا كبيرا وواكبت أداء معروفاً في الدول المشهورة". ويعتبر مهرجان "المحبة" الذي يقام في مدينة اللاذقية سنوياً في النصف الاول من آب أهم هذه المهرجانات على الاطلاق. ويشهد على مدى عشرة ايام حفلات فنية غنائية وأمسيات شعرية وندوات ثقافية ومسابقات رياضية وعروضاً بحرية ومسابقات للفروسية وقفزاً بالمظلات ومباريات كرة قدم واسابيع ثقافية بمشاركة عربية اضافة الى العرض الكرنفالي في المدينة والعروض الفنية التراثية. وتستضيف مدينة اللاذقية ايضاً بين حزيران يونيو واب، عدداً كبيراً من المعارض والمهرجانات منها "معرض الزهور" السنوي و"ليالي صيف 99" التي تقام فيه برامج فنية ضمن خيام كبيرة في اماكن سياحية مهمة وتقدم فيها فقرات ترفيهية فنية متنوعة تستمر الى ما بعد منتصف الليل في الهواء الطلق. كما تقدم الاغاني والرقصات الشعبية والدبكات ومسابقات ثقافية فنية ترفيهية تأخذ طابعاً شعبياً مميزاً يحضره الآلاف من الزوار يومياً. وكذلك الامر بالنسبة لمهرجان "اللاذقية في الذاكرة" الذي تشهد المدينة هذا الصيف دورته الخامسة وتستمر لمدة عشرة ايام. ولهذا المهرجان طابع آخاذ ومميز يتفرد به عن بقية المهرجانات كونه يبرز المعالم الحضارية والتراثية والثقافية الموروثة بين التاريخ القديم والمعاصر. وتستضيف مدينة اللاذقية الجزء الاكبر من الفعاليات مثل العروض البحرية وعودة البحارة وفقرات من رأس "ابن هاني" ومحطات مهمة في "اوغاريت" اضافة الى السباقات والحفلات الفنية الكبيرة التي تقام في الملعب البلدي. وكانت وزارة السياحة طورت هذه المهرجانات عبر نشر اقامة الفعاليات الى مختلف مناطق محافظة اللاذقية ومواقعها الأثرية والسياحية مثل مدينة "صلنفة" المشهورة بطبيعتها الساحرة ومناخها المعتدل وفي منطقة "البسيط" التي تتميز بشاطئها الجميل ووجود الشاليهات والمخيمات والفنادق، ومدينة "كسب" التي تعتبر من اهم المواقع السياحية في الجبال الساحلية اضافة الى مدينة "الحفة" ومدينة "جبلة" وقلعتها الأثرية. ويتزامن هذا المهرجان مع مهرجان طرطوس السياحي الذي يقدم عروضاً فولكلورية واسواقاً للصناعات التقليدية وحفلات شعبية ومعارض فنية. وكان موسم 1998 من انجح المواسم السياحية التي شهدتها المحافظة ولا سيما بالنسبة لحجم الاقبال من قبل السياح الخليجيين قياساً الى السنوات السابقة. وبلغ عدد النزلاء في فنادق اللاذقية لغاية آب من العام 1998 حوالى 140 الفاً، فيما كان عددهم في الفترة نفسها من العام 1997 حوالى 106 آلاف. ويعتبر منتجع "الشاطئ الازرق" وفندق "مريديان" أجمل فنادق المدينة، ويصل سعر الغرفة خلال موسم الصيف حوالى 80 دولاراً اميركياً لليلة الواحدة. وهناك ايضا مجموعة كبيرة من الشاليهات الممتدة على طول الشاطئ والتي يبدأ سعرها من 20 دولاراً ويرتفع الى 120 دولاراً عن الليلة الواحدة، حسب الموقع والتجهيزات. المدن المنسية وبعيداً عن الساحل وتحديدا في مدينة إدلب شمال البلاد ، التي تحتل اهمية سياحية كبيرة لغناها بالاوابد الأثرية تتمثل بمئات المدن المنسية والتلال الأثرية المحتضة لاقدم واهم الممالك القديمة وخاصة مملكة "ايبلا" التي اعتبرت من اهم المكتشفات الأثرية في القرن العشرين، كانت فكرة مهرجان "المدن المنسية" الذي انطلق في صيف 1997 ويعتبره خبراء السياحة "خير وسيلة لتسويق وترويج تلك المواقع السياحية والأثرية المهمة وتحويل تلك المدن المنسية الى مدن حية تنبض بالحياة". واستطاع المهرجان الاول والثاني إلقاء الضوء على اهم المواقع والتلال الأثرية في إدلب التي يزيد عددها عن 600 موقع، وتضمن برنامج المهرجان الذي يستمر لمدة يومين زيارة تلك المواقع على امتداد ساعات النهار، بينما خصص الليل لمتابعة النشاطات الأخرى وزيارة المعارض الفنية والتجارية والحفلات والعروض الفولكلورية التي عكست التنوع الحضاري لمدينة ادلب، اذ يساعد مناخها المعتدل وطبيعتها الساحرة وخصوبة أراضيها التي يخترقها نهر العاصي برسم اطار اخضر لأبنية أثرية ومدن سموها بالمدن الميتة وليجتمع سواد الموت مع اخضرار الحياة. وهناك مهرجان "الربيع" في حماه الذي استقطب في دورته الاولى عام 1998 حوالى ثلاثة آلاف سائح من مختلف البلدان العربية والاوروبية، وفي دورته الثانية التي انتهت منذ حوالى الشهر أكثر من أربعة آلاف سائح. ويرى القائمون على هذا المهرجان انه "أعاد الى المدينة الروح وفتح آلافاق أمام ابنائها واسعا سياحياً واقتصادياًً واجتماعياً حيث انصهرت العلاقات الاجتماعية وتوسعت. اذ تمتلك مدينة حماه امكانات سياحية كبيرة، ففيها النواعير ونهر العاصي والآثار والمواقع الاصطيافية الجميلة كوادي ابو قبيس وطاحونة الحلاوة ووادي العيون وشلالات الزاوي". ويأتي مهرجان "البادية" الذي يقام في مدينة تدمر الأثرية مباشرة بعد مهرجان الربيع. ويعتبر تظاهرة فنية وثقافية وسياحية ورياضية حيث يتضمن سباقات الخيول والهجن والعروض الفولكلورية ومعارض للصناعات التقليدية، كما سيشهد مسرح تدمر العديد من الحفلات الفنية التي يحييها عدد من الفنانين السوريين والعرب. ويبلغ عدد زوار تدمر نحو 150 ألفاً. وفي الفترة نفسها، تستضيف مدينة دير الزور مهرجان "الفرات السياحي" وتضم فعاليته العديد من النشاطات الاقتصادية التجارية والفنية الثقافية. وأكثر ما يميز المهرجان هوالخيمة العربية "بيت الشعر" التي اقيمت على طريق ابو خشب، وفرشت على الطريقة البدوية وقدمت فيها القهوة العربية واصناف الطعام المحلي اضافة الى سباق التحمل للخيول العربية والسباقات النهرية للزوارق وسوق الصناعات التقليدية الذي ضم اكثر من 300 فعالية تجارية لمختلف السلع الاستهلاكية والصناعية والمهن اليدوية من نحاسيات وفضيات وصناعات فخارية اشتهرت بها المحافظة.