مع قدوم الموسم السياحي تنطلق في معظم المدن السورية، خصوصاً خلال شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس) المهرجانات التي تنظمها وزارات او مؤسسات رسمية او فعاليات أهلية في المدن الساحلية وقرب المواقع الأثرية، بهدف التعريف بهذه المواقع وجذب الأنظار إليها. ومع غياب خريطة للمهرجانات تشرف عليها جهة عليا حرصاً على تضارب المواعيد، تنشط كل جهة في تنظيم مهرجانها وفق ظروفها، وهذا ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تضارب المواعيد بين المهرجانات. كما ان مجيء شهر رمضان المبارك في عز الموسم الصيفي ساهم في إيجاد فوضى في حسم المواعيد النهائية للمهرجانات، خصوصاً التي تتزامن معه. وتتصف المهرجانات السورية بمحليتها ولم يحصل اي منها على شهرة خارجية باستثناء «مهرجان طريق الحرير» الذي تنظمه وزارة السياحة في الأسبوع الأول من تشرين الأول (أكتوبر). ويعتبر المهرجان الذي بدأ عام 2002 احد أهم المهرجانات حالياً في سورية بسبب حضوره العربي والعالمي. واكتسب المهرجان الذي يجرى التحضير له حالياً سمعته العالمية في مجال الترويج ومشاركة الدول التي كان طريق الحرير يمر بها. ويسعى القائمون على المهرجان إلى توظيف التاريخ الذي كان لسورية على المستوى العالمي، من خلال إعادة إحياء طريق الحرير بطريقة رمزية وعصرية عبر العروض الفنية والمشاهد التمثيلية التي جسدت القوافل التجارية البائدة التي كانت تحط برحالها في المدن السورية بعد توقف دام مئات السنين. ويبرز المهرجان الذي من المقرر ان ينطلق من دمشق ليمر عبر حلب وتدمر وحماه والسويداء هذا العام، القوافل العابرة لطريق الحرير الآتية من الشرق والغرب كالمدن المتنقلة التي يعيش فيها الشعراء والرحالة والمسافرون والتجار والموسيقيون لتحط في خانات سورية وأسواقها لتبادل البضائع والسلع والأفكار والثقافات والموسيقى والشعر والعادات والتقاليد والأزياء الفولكلورية والأطعمة في تبادل مباشر تحول معه طريق الحرير إلى طريق للتفاعل والتمازج بين الأمم والحضارات، ودعت وزارة السياحة عدداً كبيراً من الإعلاميين العرب والأجانب إلى حضور هذا المهرجان. وأجّل القائمون على «مهرجان البادية» الذي يقام في أيلول كل عام في مدينة تدمر الأثرية، موعد المهرجان إلى تشرين الثاني (نوفمبر) نتيجة تزامنه مع شهر رمضان. ويضم المهرجان الذي يعتبر احد المهرجانات التي حققت صيتاً عربياً، تظاهرة فنية وثقافية وسياحية ورياضية فيتضمن سباقات الخيول والهجن والعروض الفولكلورية ومعارض للصناعات التقليدية. كما يشهد مسرح تدمر الكثير من الحفلات الفنية التي يحييها عدد من الفنانين السوريين والعرب وتجاوز عدد زواره في السنوات السابقة نحو 150 ألفاً. ويأتي «مهرجان المحبة» الذي يقام في مدينة اللاذقية سنوياً بين 2 و12 آب، من أهم المهرجانات الجماهيرية. ويشهد على مدى عشرة أيام حفلات فنية غنائية وأمسيات شعرية وندوات ثقافية ومسابقات رياضية وعروضاً بحرية ومسابقات للفروسية وقفزاً بالمظلات ومباريات كرة قدم وأسابيع ثقافية، بمشاركة عربية، إضافة إلى العرض الكرنفالي في المدينة والعروض الفنية التراثية. وتدرس اللجنة المنظمة تقليص عدد الحفلات الفنية هذا العام من عشرة إلى خمسة حفلات نتيجة تزامنه مع «مهرجان القلعة والوادي» الذي يتوقع ان يستضيف عدداًَ من الأسماء الفنية الكبيرة في العالم العربي. وسيحاول المهرجان الاستعاضة عن الحفلات باستضافة شخصيات درامية سورية معروفة وتكريمها. وتستضيف مدينة اللاذقية أيضاً بين حزيران (يونيو) وآب عدداً كبيراً من المعارض والمهرجانات، منها «معرض الزهور السنوي» و «مهرجان البحر والصيف» وتقام فيه برامج فنية ضمن خيام كبيرة في أماكن سياحية مهمة، تقدم فقرات ترفيهية فنية متنوعة تستمر إلى ما بعد منتصف الليل في الهواء الطلق. كما تقدم الأغاني والرقصات الشعبية والدبكات ومسابقات ثقافية فنية ترفيهية تأخذ طابعاً شعبياً مميزاً يحضره الآلاف من الزوار يومياً. ومن المهرجانات المهمة هذا الصيف «مهرجان القلعة والوادي» الذي تحتضن فعالياته قلعة الحصن التي تشتهر بأنها أكبر قلاع القرون الوسطى في سورية ومنطقة مرمريتا ووادي النصارى في محافظة حمص (وسط البلاد). ويتوقع أن تنطلق فعاليات المهرجان في 20 الشهر الجاري وتستمر نحو شهر، وستتضمن حفلات لأهم المطربين العرب والسوريين وعروضاً للطيران الورقي وأخرى سينمائية وحفلات لرقص الباليه، وعروضاً راقصة وأمسيات زجلية وندوات ثقافية وحفلات تكريم للمغتربين... وغيرها من الفعاليات. وشهدت بصرى، المدينة الأثرية العريقة، احد أهم المهرجانات الفنية «مهرجان بصرى الدولي» الذي أقيم في الخامس من الشهر الجاري واستمر خمسة أيام وشاركت فيه فرق شعبية محلية وعالمية معروفة. ويشهد المهرجان الأخير سنوياً إقبالاً جماهيرياً كبيراً، إذ تستقطب فعالياته التي تقام عادة على المسرح الروماني الشهير السياح لمشاهدة عروض تراثية لفرق من 14 بلداً حول العالم. وسعى القائمون على المهرجان إلى الدخول في كتاب «غينيس» للأرقام القياسية من خلال تحضير أكبر مكعب راحة التي تشتهر بها المدينة منذ القدم. وتستعد مدينة الزبداني، أحد أشهر المصايف السورية المتاخمة لدمشق لمهرجان «سوار الشام» بين 20 الشهر الجاري ولغاية 5 آب المقبل. ويتضمن فعاليات فنية وتراثية ومعارض مهن يدوية وعروضاً سينمائية ومسرحية، إضافة إلى حفلات للكثير من المطربين المحليين والعرب. وتستضيف مدينة دير الزور «مهرجان لؤلؤة الفرات السياحي» الذي ينطلق في 24 الشهر الجاري ويستمر مدة شهر. وتضم فعالياته نشاطات فنية وتراثية وسباقات للهجن والتحمل، إضافة إلى تنظيم رحلات تراثية عبر نهر الفرات. وتحظى مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية والعاصمة التجارية للبلاد، بعدد من المهرجانات على مدار العام منها مهرجان خان الحرير الذي يتضمن الكثير من الفقرات التراثية والفنية المتنوعة ومهرجان القطن الذي أصبح كرنفالاً سنوياً يجوب شوارع حلب ويقام في الأسبوع الأخير من أيلول. كما تشهد بعض المدن والمناطق السورية بعض المهرجانات التي بدأت بفكرة من أهالي المدينة للترويج لمناطقهم، ثم تحولت إلى مهرجانات سنوية لها شهرتها الداخلية وبين أبنائها المغتربين. ومن هذه المهرجانات «مهرجان المياه والحرير» الذي تنظمه مدينة دريكيش في الربع الأخير من شهر آب، ومن فعالياته النحت والرسم. ومهرجان مشتى الحلو السياحي الذي يعود إلى العام 1960 وتطورت فكرته من ملكة جمال الحرير إلى ان أصبح مهرجاناً يتضمن فعاليات كثيرة تقام عادة في شهر أيلول ويهدف إلى إلقاء الأضواء على بلدة مشتى الحلو السياحية. أما مهرجان مرمريتا فيعتبر مهرجاناً ثقافياً اجتماعياً، ولكن بوجود كرنفال مرمريتا أصبح له طابع سياحي يزوره 250 ألف زائر سنوياً من سورية ومن الدول المجاورة، ويستقطب المهرجان آلاف المغتربين الذين يعودون إلى موطنهم في موسم الاصطياف. ويعد مهرجان الناصرة الأقدم في المنطقة، إذ يعود تاريخه إلى عام 1957. وتطور هذا المهرجان الذي يقام في آب حتى أصبحت فقراته تضم تعريفاً للبلدة من خلال نشاطات ثقافية وفنية ومعرض للكتاب ويعتمد على دعم المغتربين الموجودين في شكل أساسي في البرازيل. وللتواصل معهم استحدث موقع على الإنترنت لبلدة الناصرة يتم من خلالها تعريف المغتربين بالتطورات في بلدتهم.