فقدت أسعار النفط زخم الارتفاع الذي حققته في الفترة التي اعقبت اتفاق "اوبك" ودول نفطية اخرى على خفض الانتاج، في تطور وصفه محللون نفطيون بأنه "تصحيح سعري" ناجم عن وجود فائض كبير في السوق. وتوقع المحللون بأن تعاود أسعار النفط ارتفاعها وتتجاوز 17 دولاراً للبرميل قبل نهاية السنة الجارية في حال حافظت "منظمة الدول المصدرة للنفط" على درجة الالتزام باتفاق الخفض الذي تم التوصل اليه في شهر آذار مارس الماضي. وقال نائب مدير "مركز درسات الطاقة الدولي" في لندن ليو درولاس ل "الحياة" ان "ما حدث للاسعار في الايام القليلة الماضية هو حركة تصحيح لانها ارتفعت بسرعة كبيرة بعد الاتفاق، والسوق باتت تدرك بأنه لا يزال هناك فائض كبير". واضاف ان "الاسعار ستبقى عند هذا المستوى لفترة قليلة قد تستمر الى الشهر المقبل قبل ان تعاود ارتفاعها في الربعين الثالث والرابع عندما يكون الفائض في السوق قد انخفض بشكل كبير شرط ان تواصل اوبك التزامها". وحسب توقعات المركز، فإن متوسط سعر خام بحر الشمال "برنت" سيصل الى نحو 16.8 دولار في الربع الثالث و 17.5 دولار في الربع الاخير من السنة. وأشار المركز الى ان "اوبك" ملتزمة الخفض حالياً بنسبة تصل الى 85 في المئة من الكمية التي قررت خفضها اخيراً في حين تقدر نسبة الالتزام بنحو 62 في المئة فقط من اجمالي الكميات المتفق على خفضها منذ نحو عام. وقال مهدي فارزي من دار الوساطة "درسدنر كلينوورت بنسون" ان ازالة الفائض من السوق يحتاج الى وقت لأن المعروض كان كبيراً جداً. واضاف: "ان بعض الدول المنتجة لم يلتزم كلياً، في حين يحتاج منتجون آخرون الى بعض الوقت لاغلاق آبار وتقليص الانتاج الفعلي... على أي حال، ان نسبة الالتزام الحالية كافية. لكن زوال الفائض كلياً بات مسألة وقت". وبلغ سعر برميل "برنت" 15.23 دولار في التداولات التي جرت في بورصة لندن امس مقابل نحو 17 دولاراً الاسبوع الماضي. اما سعر سلة نفوط "اوبك"، فقد انخفض الى نحو 14.47 دولار اول من امس من 15.12 دولار الاثنين الماضي. ويزيد هذا السعر بأكثر من 40 في المئة عن مستواه البالغ اقل من 10 دولارات للبرميل قبل ان تعلن "اوبك" ودول منتجة اخرى عن اتفاق تاريخي في آذار مارس الماضي بخفض الانتاج بنحو 2.1 مليون برميل يومياً. وتحملت المملكة العربية السعودية ودول الخليج الاخرى الجزء الاكبر من الخفض في "اوبك"، اذ بلغ نحو نصف اجمالي كمية الخفض في المنظمة. وفي تصريحات صحافية اول من امس، أعرب رئيس "اوبك" وزير النفط الجزائري يوسف اليوسفي عن قلق المنظمة ازاء تراجع اسعار النفط. وأشار الى ان السوق "لا تزال غير مستقرة بسبب المخزون الكبير للغاية". واعتبر درولاس ان سعر 15 دولاراً للبرميل هو الانسب ل"اوبك" اذ انه يعني "ايرادات مالية معقولة ويجنب المنظمة توسعات جديدة في طاقات الانتاج من الدول المنتجة من خارجها لانه كلما ارتفعت الاسعار كلما فكرت الشركات الدولية في ضخ استثمارات جديدة في مشاريع توسعات نفطية". وقال: "اعتقد ان مستوى 15 دولاراً هو سعر مثالي لأوبك في الأمد المتوسط ويساعد كذلك على ضمان الاستقرار والتوازن في سوق النفط". وأشار الى ان خفوضات الانتاج الاخيرة رفعت حجم طاقة الانتاج غير المستغلة في دول الخليج، لكنها ستعاود استخدام جزء منها في السنوات المقبلة. واضاف ان "التوقعات تشير الى ان الطلب على النفط سينمو بنسب معقولة وسيكون هناك معروض أقل من الدول خارج اوبك... واعتقد ان ذلك سيتيح للدول الخليجية رفع انتاجها واستغلال طاقاتها الفائضة بشكل جزئي". وذكرت مصادر مستقلة ان الطاقة الفائضة في السعودية وهي أكبر قوة نفطية في العالم وصلت الى ثلاثة ملايين برميل يومياً بعد الخفوضات الاخيرة في حين بلغت نحو 500 ألف برميل يومياً في كل من الكويت والامارات العربية المتحدة.