اعاد اتفاق "اوبك" الاخير، بخفض الانتاج لامتصاص الفائض النفطي المزمن خلط الاوراق في السوق، واعرب الخبراء عن دهشتهم لمدى الخفض واضطروا الى اعادة صياغة تكهناتهم المتشائمة في شأن الاسعار. وعلى عكس تقاريرهم المعتادة ، شدد الخبراء على ان "منظمة الدول المصدرة للنفط" جادة هذه المرة في سعيها الى اعادة التوازن الى سوق النفط بعدما هوت الاسعار الى ما دون 10 دولارات للبرميل بسبب الازمة الاقتصادية في آسيا وارتفاع الفائض في السوق الى نحو مليونين برميل يومياً. وقال مهدي فارزي من دار الوساطة "درسدنر كلينوورت بنسون" في لندن ان اسعار النفط ستواصل تحسنها في الاشهر المقبلة حتى وان لم تلتزم "اوبك" والدول المنتجة من خارجها الاتفاق كاملاً لخفض اكثر من 2.1 مليون برميل يوميا. وقال ل "الحياة" انه عدل توقعه لمتوسط سعر خام بحر الشمال "برنت" من 13 دولاراً للبرميل الى 14 دولاراً السنة الجارية. واضاف: "افترضنا هذا السعر على اساس نسبة التزام تبلغ 60 في المئة بقرار خفض الانتاج و15 دولاراً على اساس نسبة التزام اكبر...واعتقد ان اوبك جادة هذه المرة في دعم سوق النفط ونتوقع درجة التزام كبيرة". واشار الى ان الاتفاق الذي توصلت اليه "اوبك" في فيينا الاسبوع الماضي يختلف عن اتفاقات الخفض السابقة التي وصفها بانها كانت "هشة". وقال: "هذه المرة تم حل مشكلة حصة ايران ووافقت السعودية على خفض انتاجها من ثمانية ملايين برميل يومياً للمرة الاولى منذ حرب الخليج...واعتقد ان هذا التطور في غاية الاهمية اذ انه شكل رسالة قوية الى السوق وهذا هو السبب الرئيسي لارتفاع الاسعار بشكل فوري بعد الاتفاق". وتوقع فارزي ان تحترم المملكة العربية السعودية والدول المنتجة الرئيسية الاخرى في منطقة الخليج اتفاق الخفض ما "سيبقي على زخم حركة الاسعار". وقال: "بالطبع من غير المعقول ان نتوقع ان يتصرف جميع اعضاء اوبك كالملائكة وستكون هناك تجاوزات...لكن المهم هو التزام الدول الكبرى". واتفقت دوائر نفطية اخرى مع دار الوساطة "درسدنر كلينوورت بنسون" على اهمية اتفاق "اوبك" واعادت هي الاخرى النظر في سيناريوهات الاسعار. وحسب "مركز دراسات الطاقة الدولي" في لندن، يُتوقع ان يتجاوز متوسط اسعار النفط 14 دولاراً للبرميل اذا ما التزمت "اوبك" قرار الخفض بنسبة 77 في المئة واكثر من 15 دولاراً اذا كانت نسبة الالتزام اكبر. وذهبت دار الوساطة "سولومون سميث بارني" ابعد من ذلك بتعديل افتراضها للاسعار من 12 الى 15 دولاراً السنة الجارية وافتراض سعر اعلى في السنة 2000. وذكرت في تقرير "ان كمية الخفض لم تكن مُتوقعة بهذا الحجم الذي سيزيل حتماً الفائض من السوق وهو ما يدفعنا الى توقع معدل سعر لخام برنت يصل الى 17 دولاراً للبرميل في السنة 2000 مقابل توقعات سابقة بمعدل 15 دولاراً". وتحملت "اوبك" نحو 1.7 مليون برميل يومياً من اجمالي كمية الخفض المتفق عليها مع دول منتجة اخرى والتي تبدأ اول نيسان ابريل المقبل لمدة سنة. وكانت السعودية وهي القوة النفطية الرئيسية في العالم قادت حملة الخفض لازالة الفائض من السوق وتعزيز الاسعار، وتحملت العبء الاكبر في هذه العملية اذ وافقت على خفض 585 ألف برميل من انتاجها الذي بلغ نحو 8.02 مليون برميل يومياً العام الماضي لتصل حصتها الى 7.438 مليون برميل يوميا. كما وافقت الامارات العربية المتحدة والكويت على تقليص انتاجهما بمقدار 157 الف برميل يومياً و 144 الف برميل يومياً على التوالي. وقال فارزي: "كانت خطوة اوبك في غاية الاهمية والحكمة لانها ستزيل الفائض المزمن من السوق بشكل كامل...واعتقد ان المنظمة ستتمكن من رفع سقف انتاجها مرة اخرى بعد سنة تقريبا عندما تكون الاسعار وصلت الى مستويات مرتفعة ويكون الطلب على نفط اوبك نما بنسبة معقولة".