كشفت مصادر مالية مغربية ان مصرف "كوميرتز بنك" الألماني ومصرف "يو. بي. بي" السويسري سيتوليان سداد نصف قيمة صفقة شراء غالبية حصص شركة "الوطنية للتأمين" المقدرة بنحو 400 مليون دولار التي كانت تابعة لمجموعة "غروباما" الفرنسية عبر فرعها "جان" وتم التعاقد في شأنها نهاية العام الماضي في باريس. وحسب المصادر، وافق المصرف الألماني على الاحتفاظ بحصص، لم يتم تحديدها، في رأس مال الشركة المغربية مقابل المساعدة على تمويل الصفقة لحساب مجموعة "بن جلون" المالية مالكة "البنك المغربي للتجارة الخارجية". وتبدو الصيغة مقبولة من السلطات المالية المغربية التي كانت تحفظت عنها في البداية على اعتبار ان اخراج مبالغ كبيرة بالعملة الصعبة يؤثر في احتياط البنك المركزي. ويملك "كوميرتز بنك" 10 في المئة من رأس مال "البنك المغربي للتجارة الخارجية" الذي أصبح عبر حليفه شركة الملكية للتأمين يملك نحو 76 في المئة من شركة "الوطنية للتأمين" تم التعاقد في شأنها نهاية العام الماضي بعد اعلان الطرف الفرنسي الخروج من سوق التأمين المغربية. وأشارت المصادر إلى أن المصرف الألماني سيعتمد على مصارف سويسرية وفرنسية لتمويل نصف الصفقة، أي نحو 200 مليون دولار، مقابل تملك نصف الحصص في "الوطنية للتأمين". وكانت الصفقة أثارت زوبعة في الأوساط المالية والاقتصادية المغربية وأثرت على تركيبة مجالس إدارة عدد من المجموعات الاقتصادية الكبرى، منها "اونا"، التي أصبح عثمان بن جلون يملك حصة 17 في المئة فيها و11 في المئة في مجموعة "الشركة الوطنية للاستثمار" و9 في المئة في "البنك التجاري المغربي" أكبر مصرف قطاع خاص. وربط بعض المصادر بين التغيير الذي حصل في "اونا" قبل أسبوعين وتبعات عملية شراء "الوطنية للتأمين". وكان رئيس المجموعة كشف ل"الحياة" في وقت سابق أنها لم تكن معنية بشراء تلك الحصص، لأنها غالية الثمن وغير مربحة وانها نصحت أطرافاً مغربية بالتروي. واتخذ الأمر مضاعفات طالت أوساطاً مالية واقتصادية بسبب الدوافع التي أدت إلى شراء حصص "الوطنية" بالسعر الذي عرضته الجهات الفرنسية، وما إذا كان الأمر يتعلق بتوسيع نشاط قطاع التأمينات المقدر بنحو 950 مليون دولار، أو السعي إلى محاولة السيطرة على مجالس إدارة المجموعات الكبرى وتوجيهها. واستبعد رجل الأعمال المغربي ميلود الشعبي في تصريحات إلى "الحياة" إقدام السلطات المالية على تصديق تمويل صفقة "الوطنية" وتحويل كامل القيمة بالعملة الصعبة. وأبدى رجال أعمال آخرون حاورتهم "الحياة" تحفظات مماثلة على أساس أن القيمة قد تؤثر في احتياط العملات ولا تؤدي إلى مصالح آنية للاقتصاد المغربي الذي طرح سندات أوروبية في السوق المالية الأوروبية لجمع مبلغ 160 مليون يورو لتمويل شراء ديون قديمة متعاقد عليها بفوائد عالية في الثمانينات. وتعتقد الأوساط المتابعة للموضوع ان دخول مصرف "كوميرتز بنك" الألماني على الخط قد يساعد في تذليل الصعوبات الإدارية أمام استكمال اجراءات البيع على الأقل في جانبها المالي والاجرائي. وتتساءل الأوساط عما إذا كانت الصفقة ستسمح للبنك الألماني بحيازة مقاعد إضافية في مجلس إدارة بعض المجموعات الاقتصادية المغربية على غرار وجوده في "البنك المغربي للتجارة الخارجية" الذي رفع مساهتمه الألماني فيه من 3 إلى 10 في المئة بعد شراء حصص كان يمكنها "صندوق الايداع والتدبير" قبل عامين. يذكر ان قطاع التأمينات في المغرب يشهد منذ فترة إعادة هيكلة جديدة استعداداً لتطبيق مشروع طموح تستعد الحكومة لتنفيذه يقضي بتعميم التغطية الاجتماعية على العاملين كافة في القطاعين العام والخاص وتوسيع نشاط التأمين إلى قطاعات الانتاج والاستثمار والتصدير والتعليم. ولا يعتبر التأمين الزامياً في المغرب إلا في مجال النقل البري والجوي والشحن البحري. ويقدر مجموع اصول شركات التأمين في المغرب بنحو ثلاثة بلايين دولار. خسائر "اريج" من جهة ثانية، أعلن فرع مجموعة "اريج" العربية للتأمينات الصحية أنها خسرت 3.18 مليون دولار العام الماضي، وتقدر مجموع الخسائر بنحو 6.22 مليون درهم باحتساب خسائر شركة "شمال افريقيا وانتركونتنانتال للتأمين" ومقرها الدار البيضاء.