سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
زعيم العمل حصل على تفويض شعبي وأكثرية يهودية ... وتعدد قوى الكنيست يسهل التشكيلة الوزارية . مطالبة دولية وعربية لباراك بتسريع التسوية وتركيبة الحكومة الجديدة تحدد خياراته
عاشت اسرائيل، أمس، صدمة التغيير الكبير الذي أدت اليه الانتخابات. وأشارت الأرقام شبه النهائية الى ان مرشح حزب العمل ايهود باراك حظي بتفويض شعبي واسع وانه حاز "اكثرية يهودية" لم ينجح "قائده وصديقه" رئيس الوزراء الراحل اسحق رابين في الحصول عليها. وفي مقابل هذا التفويض اتضح ان الكنيست سيكون شديد التشرذم وان معسكر اليمين القومي شهد تراجعاً تاريخياً لمصلحة حزب "شاس" الذي يمثل اليهود المتدينين المشرقيين. وما ان تأكدت النتائج حتى صدرت دعوات عربية الى تسريع التسوية وبدا ان اسرائيل فكّت عزلتها الدولية بدليل عشرات البرقيات ورسائل التهنئة التي انهالت على رئيس الوزراء الجديد تحيي "انتصاره" و"تعقد الآمال على قدرته على تحريك عملية التسوية" التي جمّدها سلفه بنيامين نتانياهو. وقدّم هذا الاخير استقالته من قيادة ليكود بعد دقائق من اعلان النتائج الأولية فاتحاً المجال امام صراع ضارٍ على زعامة اليمين بين عدد من قادته. لكن المفارقة هي ان هذه الاستقالة توسع هامش المناورة لدى باراك في ما يخص تشكيل الحكومة. فمنذ يوم امس بدا ان تركيبة الكنيست تسمح بخيارات متعددة. فهناك اكثرية نسبية لحكومة يسار - وسط تضم "اسرائيل واحدة"، و"ميريتس" و"الوسط"، و"شينوي" و"اسرائيل بعاليا". وثمة مجال لحكومة تضم الاحزاب المشار اليها، اضافة الى حزب ديني يمكنه ان يكون "الحزب الوطني الديني" الذي سبق له التحالف مع العمل. وهناك من يقترح حكومة وحدة وطنية تشمل ليكود بعد ازاحة نتانياهو، وعلى قاعدة الموافقة على "اتفاق اوسلو". وفي ظل تداول هذه الفرضيات كان باراك يستعجل تحديد المعالم العريضة لبرنامجه حيال التسوية: لا للانسحاب من القدس، لا لتفكيك المستوطنات الكبيرة، لا للانسحاب الى حدود 1967، لا لدولة فلسطينية ذات سيادة جدية... الخ، ونعم للانسحاب من لبنان في خلال سنة ولتجديد التفاوض على المسارين السوري واللبناني. ولم يشأ ان يوضح اكثر في هذا المجال بما يترك الباب مفتوحاً امام شروط قد يضعها ويصعب على دمشق وبيروت قبولها. عبر باراك عن رغبته في تشكيل حكومة "توحّد الشعب" وذلك في اشارة واضحة الى اهتمامه بتدارك الانقسامات التي زادت منها الحملة الانتخابية، غير ان هذه الرغبة تصطدم بأن "ميريتس" و"شينوي" يرفضان الجلوس مع "شاس"، وكذلك يفعل "اسرائيل بعاليا"، في حين ان الكثيرين يتحفظون على مجرد التفاوض مع زعيم "شاس" ارييه درعي الذي صدر عليه حكم في قضايا اختلاس والذي قدم استقالته من زعامة الحزب لتسهيل التفاوض معه. يملك باراك فرصة 45 يوماً لتشكيل الحكومة وكشف ما ينوي فعله بالتفويض الشعبي الواسع الذي حصل عليه. فاذا قرر اعطاء الأولوية لمعالجة الوضع الداخلي فهذا يستدعي حكومة موسعة تحول دون تسريع خطوات التسوية. وإذا قرر اعطاء الاولوية للتجاوب مع المطالب الدولية والاقليمية والى حد ما الاسرائيلية واستئناف المفاوضات بسرعة وتطبيق "واي ريفر" فهذا يعني السعي نحو تركيبة حكومية تضم قوى متقاربة في رؤيتها الاجمالية لطبيعة "التسوية الاقليمية". وبهذا المعنى فان باراك، المجهول سياسياً الى حد، والذي خاض حملة "غامضة الملامح"، مضطر الى البدء بكشف اوراقه. والورقة الأولى هي، طبعاً، نوعية الحكومة التي يميل الى ترؤسها.