سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تساؤلات تتركز على احتمالات الحسم في الجولة الأولى للانتخابات الاسرائيلية . شقوق في جدران ليكود تضعف حضور نتانياهو واستطلاعات الرأي العام تؤكد تقدم باراك
تضيف الاعلانات الاذاعية الملحنة للأحزاب والتجمعات السياسية المشاركة في الانتخابات للكنيست الاسرائيلية الخامسة عشرة واختيار رئيس وزراء جديد أو إعادة انتخاب الحالي، وهو ما لايتمناه سوى غلاة المتطرفين اليمينيين في اسرائيل نكهة خاصة، تكاد تكون سوريالية، الى حملة انتخابات صاخبة أصلاً ومفعمة بالشتائم المقذعة في كثير من الأحيان. ومع أن رئيس الوزراء الليكودي الحالي بنيامين نتانياهو يحذر من مغبة التكهن بسقوطه، مشيراً الى خطأ استطلاعات الرأي في انتخابات 1996 عندما تغلب على زعيم حزب العمل آنذاك شمعون بيريز، إلا أن معظم المراقبين هنا في القدس يرجحون فوز زعيم حزب العمل رئيس تجمع "اسرائيل واحدة" ايهود باراك، مبدين في ذلك أسباباً تدعم رأيهم مقرونة ب"تحفظ ضئيل"، حسب تعبير أحدهم. في أحد تلك الاعلانات الاذاعية ينطق باراك أحد شعارات حملته "الدولة للجميع" بالعربية المشوبة بلكنة قوية. للوهلة الأولى قد يهيؤ لسامعها انه انما يحاكي شعار زعيم التجمع الوطني الديموقراطي المرشح لرئاسة الحكومة الدكتور عزمي بشارة... "دولة لجميع مواطنيها". لكن المفارقة تكمن في أن باراك لا يعني إلا المجتمع الاسرائيلي اليهودي مراهناً على كسب أكبر عدد ممكن من أصوات العلمانيين، خصوصاً المهاجرين الروس. انه - باراك - لا يحاكي شعار المرشح العربي لرئاسة الحكومة، ومن المؤكد أنه يريد، وهذه هي المفارقة، النأي بنفسه عن أي معنى لشعاره يجعله قريباً من "الصوت العربي" أو يظهره حريصاً على استمالته، وذلك خشية من استخدام ليكود ذلك ذخيرة ضده. أما الذي يعنيه بشارة بشعاره "دولة لجميع مواطنيها" فأمر واضح أقام حملته الانتخابية على أساسه، بل تعمد ترشيح نفسه خدمة لذلك المعنى اذا استطاع تحقيقه، وهو المساواة بين المواطنين العرب واليهود في اسرائيل، أو فضح "زيف" أو "قصور" الديموقراطية الاسرائيلية إذا لم يستطع غير ذلك. الاعلان الآخر الملحن والمؤدى بلهجة عربية جليلية ذات نكهة لبنانية هو اعلان حزب "شاس" الديني، والقصد منه اجتذاب أصوات الناخبين العرب، وإلا فلماذا هدر المال والوقت والعزف! يقول: "ماشي في دربي ماشي، ومرفوع الراس. امئمن أهلي وولادي، وبصوت شاس أي ادلي بصوتي لمصلحة شاس". ثم يحاول الاعلان تسخيف الأحزاب الكبيرة التي "لا تفي بوعودها" والأحزاب الصغيرة التي لا تستحق اضاعة الأصوات من أجلها، ويقول ان "شاس" هو الوحيد الذي يعد ويفي بوعوده. ومن الأمور الغريبة ان كثيرين من العرب في بعض المناطق، خصوصاً في بلدة الطيبة، يصوتون ل"شاس" عن طريق بعض رؤساء المجالس البلدية العربية الذين يشيرون على أبناء حمائلهم بذلك، على رغم ان "شاس". بعيداً عن الاعلانات، يستشهد محللون هنا في القدس في معرض ترجيحهم فوز باراك بارتفاع شعبيته في استطلاعات الرأي مقابل تدني شعبية نتانياهو وظهور بوادر تصدعات في حزبه تشير اليها حملته العنيفة على وسائل الاعلام التي نقلت عن قريبين منه أنه أسر اليهم بشعوره بأنه سيخسر، ثم تجاوزه وزيرة الاتصالات في حكومته ليمور لفنات وتوليه شخصياً الاشراف على السياسة الاعلامية لليكود. وعزز الاعتقاد بوجود انشقاقات في صفوف ليكود ارتفاع صوت رئيس بلدية القدس الاسرائيلي الليكودي ايهود اولمرت دفاعاً عن لفنات التي وصفها بأنها "امرأة شابة موهوبة جداً، ولا أرى سبباً لالقاء المسؤولية عليها في خلل مفترض ما غير موجود أصلاً". ورأت "جيروزاليم بوست" في تصريحه هذا تأكيداً لأنباء تقول انهما، اولمرت ولفنات، قد يعملان معاً للحلول محل نتانياهو في قيادة ليكود إذا ما هزم نتانياهو. الأمر الآخر الذي يورده المراقبون في سياق ترجيح احتمال هزيمة نتانياهو يتعلق بمستشاره في حملته الانتخابية آرثر فنكلشتاين الذي نقلت الصحافة الاسرائيلية عنه تحذيره لنتانياهو بعيد عودته من الولاياتالمتحدة الثلثاء الماضي من أنه سيخسر الانتخابات قطعاً إذا أجريت الانتخابات "اليوم". يضاف الى هذا المؤشر الهجوم الحاد الذي شنه نتانياهو على وسائل الاعلام متهماً إياها بممارسة "غسل الأدمغة"، مؤكداً انه سيفوز رغم مواقفها منه. ويبدو أن نتانياهو وأنصاره باتوا الآن يعلقون آمالهم على جولة انتخابية ثانية تمهلهم حتى نهاية الشهر الجاري لوضع استراتيجية جديدة تضمن الفوز. جولة ثانية؟ مع ان التساؤلات تتركز على احتمالات الحسم في الجولة الأولى، فإن جولة ثانية احتمال وارد الى حد كبير برغم ما نشرته "معاريف" الاسرائيلية أول من أمس نقلاً عن مصادر قريبة من نتانياهو ومضمونه ان هذا الأخير اتفق مع حركة "تاس" وحزب المهاجرين الروس "اسرائيل بعلياه" على أن يطلبا غداة خسارته اقامة حكومة وحدة وطنية". باراك انتظر انسحاب اسحق مردخاي من السباق على رئاسة الحكومة لكن مردخاي عاد وأكد مع قيادة حزبه الوسط أول من أمس انه لن ينسحب، وبهذا يصعب الأمور على زعيم حزب العمل. اما عزمي بشارة فإن المراقبين يرجحون انسحابه في غضون الساعات ال24 المقبلة، مما سيؤذن بتجيير أصوات عربية كثيرة لمصلحة باراك وحزبه وكتلة "اسرائيل واحدة". وكان بشارة اشترط لانسحابه ان تؤكد استطلاعات الرأي ان باراك سيفوز في الجولة الأولى، كما اشترط استجابة باراك للمطالب العربية. ويبدو أن باراك أعطى وعوداً بهذا المعنى. ويبدو على أي حال ان باراك اليائس من دعم الأحزاب الدينية قرر في النهاية ألا يسعى الى اجتذاب أصواتها إلا ب"أضعف الإيمان" من خلال مناشدة في شكل رسالة من صفحتين سيوزعها اليوم على كل المعابد اليهودية في اسرائيل قائلاً انه يريد أن يرى "الصهيونية الدينية وهي تعود الى مركز النشاط والنفوذ في التعليم والاقتصاد والسياسة كشريك كامل لنا". وفي ما عدا ذلك يفضل باراك في ما يبدو اجتذاب أصوات المهاجرين الروس العلمانيين النافرين من الأحزاب الدينية، خصوصاً "شاس". وبات هؤلاء الروس في الواقع كتلة حاسمة الأهمية في هذه الانتخابات. وان مقتوا "شاس" التي تسيطر على وزارة الداخلية، وهذه تقرر من يعتبر يهودياً ومن هو ليس بيهودي، وتضع العراقيل أمام تسجيل المهاجرين الروس كيهود، فإن مقتهم قد يكون ماحقاً.