في محاولة اخيرة لتفادي حرب في البلقان وقع الرئيس الروسي بوريس يلتسن ونظيره اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش أمس الثلثاء اتفاقاً تعهد بموجبه الأخير إجراء مفاوضات مع الجالية الألبانية في كوسوفو ممثلة بزعيمها المعتدل ابراهيم روغوفا والسماح بعودة اللاجئين وحرية التحرك للديبلوماسيين الاجانب داخل الإقليم. وجاء ذلك في وقت بادر جيش تحرير كوسوفو الى التقاط المبادرة من روغوفا والقيادة السياسية المعتدلة التي يمثلها. وحدد الناطق باسم الجيش ياكوب كراسينجي الذي ظهر للمرة الاولى في التلفزيون الألباني مساء اول من امس، ثلاثة شروط للتفاوض مع الصرب هي: سحب قواتهم الخاصة من الاقليم ودخول جهة دولية فاعلة طرفاً في المفاوضات ووضع جدول اعمال "مدروس ودقيق" للمفاوضات. على صعيد آخر، ضمّت الصين صوتها الى روسيا في معارضة تدخل حلف شمال الاطلسي عسكرياً في كوسوفو فيما قررت اليابان تنفيذ العقوبات الدولية ضد بلغراد وجمّدت الأرصدة الصربية واليوغوسلافية في مصارفها. واستمر الانقسام داخل الاوساط السياسية في المانيا حول التدخل العسكري في كوسوفو. وأيّد المندوب الالماني لدى الاممالمتحدة انطونيوس اتيل وجهة نظر وزير الدفاع فولكر روهه حول تدخل الاطلسي دون اللجوء الى موافقة من مجلس الامن. وكان وزير الخارجية كلاوس كينكل شدد على هذه الموافقة. ورأى السفير الالماني ان الدول الغربية متفقة في ما بينها، هذه المرة، عكس ما كانت عليه الحال خلال حرب البوسنة، ولم يستبعد ان يقرّ مجلس الامن هذا التدخل. موسكو وفي موسكو أقنع الرئيس الروسي نظيره اليوغوسلافي ببدء مفاوضات مع ألبان كوسوفو حول "الحكم الذاتي" الذي يطالبون به "وفقاً للمعايير الدولية". لكن الاتفاق الذي وقعه الجانبان في هذا الشأن شدد على احترام "سيادة يوغوسلافيا ووحدة أراضيها"، كما دان كل أشكال "الإرهاب والإنفصال". وتحدث الاتفاق عن "تقليص انتشار قوات الأمن اليوغوسلافية خارج نقاط مرابطتها الدائمة". ورفض ميلوشيفيتش سحب الجيش اليوغوسلافي من الاقليم. وكان وزراء خارجية الدول الصناعية الكبرى وجهوا انذاراً نهائياً الى بلغراد لوقف العمليات العسكرية وسحب القوات الخاصة من كوسوفو وانهاء عمليات التطهير العرقي هناك. واجرى الرئيس الروسي مساء الاثنين اتصالاً هاتفياً مع نظيره الاميركي بيل كلينتون تناول تطورات الوضع في كوسوفو، وقال يلتسن انه شدد على ضرورة "نزع فتيل" الازمة. ولصياغة بنود الاتفاق عقد ميلوشيفيتش بعد اجتماعه مع يلتسن جولة ثانية من المحادثات مع وزيري الخارجية يفغيني بريماكوف والدفاع ايغور سيرغييف ومدير الاستخبارات الخارجية فياتشيسلاف تروبنيكوف. وذكر مساعد يلتسن للشؤون الدولية سيرغي بريخودكو ان الرئيسين اتفقا على "التزامات مهمة" تعهدت بلغراد بتنفيذها ومن بينها عقد لقاء بين ميلوشيفيتش وزعيم الألبان في كوسوفو ابراهيم روغوفا. وفي تأكيد على تأييد موسكو لبلغراد ذكر الرئيس يلتسن "اننا روسيا ويوغوسلافيا دولتان سلافيتان وصديقتان". واشار الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية فلاديمير رحمانين الى ان بلاده تشدد على ضرورة "الامتناع عن اي خطوات آحادية الجانب، وخاصة اذا كانت استفزازية، ويمكن ان تدفع طرفي النزاع نحو التصعيد". جيش تحرير كوسوفو وظهر المسؤول الإعلامي لجيش تحرير كوسوفو ياكوب كراسنيجي في تلفزيون تيرانا مساء أول من أمس مرتدياً الزي الرسمي للجيش وعليه شعار "و. ج. ك"، وقرأ بياناً تضمن موقف تنظيمه من المساعي الجارية لمعاودة المفاوضات بين ممثلي ألبان الاقليم وحكومة بلغراد. وأوضح كراسنيجي أن أي مفاوضات بخصوص الاقليم ينبغي التمهيد لها وفق شروط ثلاثة هي: "انسحاب كل القوات المعادية من أراضي كوسوفو وتوفير وساطة عامل دولي ذي نفوذ والتحضير الدقيق للحوار". ورداً على الكلام عن صراع بين القيادتين السياسية والعسكرية في أوساط ألبان كوسوفو، قال إن "التعددية هي الآن من الكماليات بالنسبة إلى ألبان كوسوفو الذين يحتاجون قبل ذلك إلى قوة سياسية وعسكرية تحارب من أجل الحرية والوحدة مع البانيا ولها التصميم الحازم على القتال حتى تحقيق النصر النهائي". ووفر هذا البث، الذي تم عبر الأقمار الاصطناعية، الفرصة لألبان الاقليم كي يشاهدوا ويستمعوا إلى موقف جيش تحرير كوسوفو مباشرة. ورأت أوساط ديبلوماسية غربية في تيرانا أن ما أعلنه كراسنيجي يمثل اقتراباً مهماً من الأسس التي وضعها المجتمع الدولي لحل أزمة كوسوفو. واستمر القتال العنيف في غرب اقليم كوسوفو وجنوبه ووصل ما لا يقل عن ثلاثة آلاف نازح جديد خلال اليومين الماضيين إلى شمال البانيا المحاذي للحدود مع كوسوفو ليصبح العدد حوالى أربعين ألف لاجئ في هذه المنطقة. صرخة أمل ونشرت صحيفة "كوخاديتورا" الصادرة في بريشتينا أمس رسالة موقعة من امرأة تدعى شبريسا ويعني أمل عمرها 43 سنة من قرية بونوشيتس في بلدية جاكوفيتسا جاء فيها "قتل الصرب زوجي واغتصبوا ابنتيّ البالغتين من العمر 13 و14 عاماً، ولم يبق أمامي سوى شراء بندقية لمحاربة المجرمين"