المعاشرة المعتدلة تقلل نزلات البرد والانفلونزا. أكد ذلك تقرير لعلماء النفس الأميركيين، وجاء فيه أن الأشخاص الذين يمارسون المعاشرة الجسدية مرة أو مرتين اسبوعياً يتمتعون بمناعة أقوى ضد الأمراض. وتعليل الآمال بالحب عزاء للمحبين، أما بالنسبة لملايين الآخرين، وخاصة المسنين وضعاف الصحة الذين يقضي وباء الأنفلونزا على الآلاف منهم سنوياً فالأمل تحمله أدوية جديدة تطرح في الأسواق قريباً. تعالج هذه الأدوية المرض عن طريق وقف تكاثر الفيروس داخل نسيج جسم الانسان، وُيعتقد أنها تدشن اسلوباً جديداً للوقاية من الأمراض. مناعة الحب أي جرثومة تدخل جسم الانسان تواجه مادة مناعية مضادة لها يطلق عليها اسم "إميونوغلوبين أ" وتُدعى اختصاراً IgA. تحيط المادة المناعية التي تشكل خط الدفاع الأول للجسم جميع المنافذ، وتُطلق حال دخول جرثوم النداء الى جهاز المناعة طالبة تدمير الجرثوم. ويشير مستوى مادة IgA في اللعاب والغشاء المخاطي الى القدرة المناعية للجسم. ودلت تجارب قام بها كارل تشارنيتسكي من جامعة "ويلكيز" في ولاية بنسلفانيا أن مستوى وجود هذه المادة لدى الأشخاص الذين يمارسون الجنس مرة أو مرتين اسبوعياً يزيد بنسبة 30 في المئة عن غيرهم. ولكن في حال زيادة الممارسة على 3 مرات اسبوعياً تنخفض مناعة الجسم. ويعتقد الدكتور كليفورد لاويل من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو أن سبب هذه المفارقة يعود الى أن المعاشرة الجسدية في حد ذاتها تعرض الجسم لعوامل عدوى كثيرة ويردّ الجسم على هذه العدوى باطلاق مادة مضادة للجراثيم تزيد مناعة الشخص ضد نزلات البرد والانفلونزا. ولكن لماذا تقل هذه المواد المضادة في أجسام الأشخاص الذين يسرفون في المعاشرة الجسدية؟ التفسير الوحيد في رأي الدكتور كارل تشارنيتسكي هو أن المسرفين يعانون من هوس أو علاقات غير صحية تسبب لهم قلقاً شديداً. والقلق والاجهاد يقللان في تقديره نسبة مادة المناعة في الجسم. سلاح فعال جديد وبعيداً عن هموم الحب ومراوغة التفسيرات النفسية يتوقع طرح دوائين فعالين لعلاج الانفلونزا نهاية العام الحالي. ذكرت ذلك المجلة العلمية الأميركية "ساينتفيك أميركان" وقالت إن الأول دواء "زاناميفير" zanamivir والثاني GS410، واخضع كلاهما الى تجارب سريرية كبيرة برهنت على فعالية كبيرة في الوقاية من عدوى الانفلونزا وتقليل دورة المرض وشدته بالنسبة للأشخاص الذين يتناولونه بعد الاصابة. ويهاجم الدواءان الجديدان فيروس الانفلونزا مباشرة، ويختلفان في هذا عن الأمصال المضادة للانفلونزا التي تحفز الجسم على منع الفيروس من التمترس في داخله، كما يختلفان عن العلاج التقليدي للبرد والرشح الذي يخفف من أعراض المرض دون أن يؤثر على العدوى نفسها. ويقيد الدواءان إنزيماً مهماً في الفيروس يُدعى neuraminidase وبذلك يقللان الى حد كبير فرص تغلغل فيروس الانفلونزا في الجسم. ويختلف هذان الدواءان الجديدان عن أدوية مماثلة موجودة تسبب أعراضا عصبية جانبية، أو لا تنفع إلاّ ضد نوع رئيسي واحد من فيروسات الانفلونزا. ويلاحظ أيضاً أن فيروس الانفلونزا يكتسب بسهولة مناعة ضد تلك الأدوية. الكائن الغامض وقد أثارت الفيروسات حيرة العلماء دائماً. فهي كائنات غامضة الأصل غريبة وناقصة التكوين تتكون من جينات فقط محاطة ببروتينات تقوم بحماية الجينات أو تساعد الفيروسات على التكاثر في الجسم. لذلك تبحث الفيروسات دائماً عن خلايا للاستيلاء على مصنع البروتين داخلها واستخدامه في التكاثر. ويسبب الفيروس المرض حينما يهاجم أنواعاً مختارة من الخلايا ويتكاثر داخلها ثم يتدفق خارج الخلية مهاجماً الخلايا الاخرى. وتعود أعراض المرض الى الارتباك الذي يحدثه تغلغل الفيروس في خلايا الجسم وأيضاً الى ما تحدثه محاولات جهاز المناعة لاحتواء العدوى من التهاب موضعي وآلام جسدية وارتفاع حرارة الجسم. وتُظهر أنواع فيروسات الانفلونزا التي تصيب البشر تعلقاً خاصاً بالخلايا التي تبطن المجاري التنفسية. وتؤدي الاصابة خلال يوم أو يومين الى ظهور الأعراض المعروفة من رشح أو انسداد الأنف والسعال الجاف والقشعريرة والبرد. وتدل الشواهد التأريخية على أن وباء الانفلونزا كان يصيب الناس فترة طويلة قبل القرن الخامس قبل الميلاد وقد وصفه الطبيب الاغريقي هيبوقريتيس. ومع حلول الستينات من القرن الحالي كان العلماء على معرفة جيدة بأن أي دواء قادر على وقف عملية تكاثر الفيروس يمكن أن يمنع الفيروس من إحداث المرض. لكن أحداً لم يكن يعرف كيف يمكن وقف ذلك. وكان علماء الأحياء يدركون أن واقع تكاثر الفيروس داخل خلايا الجسم واستخدامه آلة الخلايا نفسها في صنع البروتين فإن أي دواء قادر على القضاء على الفيروسات يمكن أن يضر أيضاً الخلايا الصحيحة.