بدا ان المبادرة الروسية لحل الأزمة في البلقان انطلقت بعد تعثر، وذلك من خلال المحادثات التي أجراها نائب وزير الخارجية الاميركي ستروب تالبوت مع المسؤولين الروس وفي مقدمهم وزير الخارجية ايغور ايفانوف والمبعوث الخاص للرئيس بوريس يلتسن الى البلقان فيكتور تشيرنوميردين. وفي وقت تحدثت مصادر روسية عن تقارب في وجهة نظر البلدين في معظم النقاط التي جرى بحثها، حصل تشيرنوميردين على دعم من بلغراد التي بدت ساعية الى تعويم مبادرته. راجع ص 8 وتوقعت مصادر يوغوسلافية مطلعة تحدثت الى "الحياة" تطور مساعي تشيرنوميردين مع الولاياتالمتحدة "وصولاً إلى قرار من مجلس الأمن بنشر قوات سلام دولية" في كوسوفو، حلاً للعقدة العالقة بين بلغراد والغرب. ووصفت المصادر محادثات تالبوت في موسكو بأنها "تعبر عن رغبة واشنطن في انجاح مهمة تشيرنوميردين" الذي يتوقع ان يعود الى بلغراد قريباً "حاملاً نتائج ايجابية". وقال مصدر قريب من نائب رئيس الحكومة اليوغوسلافية فوك دراشكوفيتش ل"الحياة" إن "كل ما أعلن في موسكو يمثل الموقف اليوغوسلافي وتم تخويل تشيرنوميردين التباحث مع الاميركيين باعتباره ممثلاً للرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش وباعتبار ان الغرب ينظر اليه كشخصية مميزة ومرشح لخلافة الرئيس يلتسن وينبغي دعمه لتقوية مركزه في مواجهة اليسار الروسي". وأكد المصدر نفسه ان ما اعلنه دراشكوفيتش أخيراً بشأن موافقة بلاده على انتشار دولي في كوسوفو تحت رعاية الاممالمتحدة، يمثل موقف ميلوشيفيتش وتم بالتشاور معه "لتهيئة الرأي العام الصربي" لهذا الاحتمال. وعلى رغم بوادر الانفراج، واصلت واشنطن العمل على خطين متوازيين هما تكثيف العمل العسكري للأطلسي ومحاولة البحث عن حل ديبلوماسي بالتعاون مع موسكو، أو على الأقل محاولة تحييد الأخيرة في الصراع. ووقع الرئيس بيل كلينتون أمس الأمر التنفيذي الذي يخول وزارة الدفاع الأميركية استدعاء حوالى 33 ألف عسكري احتياطي معظمهم من الطيارين والطواقم الفنية، علماً بأنه من المتوقع استدعاء حوالى ألفي احتياطي في الدفعة الأولى. واعترف تالبوت بأن السعي إلى حل ديبلوماسي سيكون صعباً جداً، علماً ان الروس كانوا مصرين من خلال تصريحات وزير خارجيتهم ايغور ايفانوف على أن المطلوب ليس فقط الحصول على تنازلات من بلغراد، بل أن "يلبي" الحلف الأطلسي شروطه، خصوصاً بالنسبة لإرسال قوات دولية وأطلسية إلى كوسوفو. وكذلك تأكيده أن روسيا غير مستعدة لأن تلعب فقط دور ساعي البريد لنقل انذارات الأطلسي إلى الرئيس اليوغوسلافي. ومع استمرار الحملات الجوية الأطلسية ضد القوات اليوغوسلافية، التي أكدها أمس قائد الحلف الجنرال ويسلي كلارك فقد استمر دعم الكونغرس للعمليات العسكرية، فيما بدا أنه لن يوافق على طلب الرئيس كلينتون فتح اعتمادات اضافية بقيمة 6 بلايين دولار وحسب، بل يعمل عدد من المشترعين لرفع الرقم إلى حدود 10-12 بليون دولار. ومن جهة أخرى، أكد وزير الدفاع الأميركي وليم كوهين لدى استقباله وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ارينز ان الحلف الأطلسي سيكثف حملته الجوية ضد يوغوسلافيا حتى تحقق أهدافها العسكرية. في حين قال ارينز إن إسرائيل تؤيد كلياً موقف الولاياتالمتحدة والعمليات التي تقوم بها مع حلف الأطلسي. وأضاف ان إسرائيل مستعدة لتقديم المساعدة. وأنه عرض على كوهين ما وصفه بأنه "معدات قد تكون مفيدة الآن".