رحبت واشنطن برئيس الوزراء الروسي السابق فيكتور تشيرنوميردين وسيطاً من اجل التوصل الى حلّ ديبلوماسي في ازمة البلقان، لكنها اكدت ان باب الحوار مع الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش مغلق، وما على الأخير سوى القبول بقرارات الغرب للتسوية في كوسوفو. في غضون ذلك، أفادت معلومات في مقر حلف شمال الاطلسي في بروكسيل أمس، ان الغارات الجوية بدأت تنجح في تفكيك الدفاعات الجوية اليوغوسلافية عبر قطع بعض قنوات الاتصال التي تصل شبكات الرادار بمراكز القيادة ووسائل الدفاع الأرضية راجع ص8. وركزت الغارات امس على هدفين اساسيين هما مصافي النفط في نوفي ساد شمال وأنظمة الاتصالات ومحطات الكهرباء. وتم تدمير 3 محولات و3 مصاف من بين 30 هدفاً. في الوقت نفسه، اثارت تقارير صحافية بريطانية جدلاً حول تحضير الاطلسي لعملية برية في كوسوفو، يحشد لها حوالى 80 الف جندي. وسارع المسؤولون الاطلسيون الى نفي صحة هذه التقارير في وقت لم يستبعد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اي خيار مستقبلاً بما في ذلك التدخل البري. وحذر نائب رئيس الوزراء اليوغوسلافي فوك دراشكوفيتش من نشر الاطلسي قوات برية، معتبراً ان ذلك سيؤدي الى "حمام دم هائل". ودعا الى وقف الحرب والبحث عن تسوية تعيد ألبان كوسوفو الى ديارهم "رغم الكره الذي اوجدته الغارات بين الصرب والألبان". وتواصل نزوح الألبان من كوسوفو الى البانيا ومقدونيا التي بدأت تضيق ذرعاً بهم وتنتقد الاطلسي لاهماله تقديم العون الضروري لإغاثتهم، فيما اعلنت مصادر الحلف ان لديها ادلة فوتوغرافية على 43 مقبرة جماعية في كوسوفو. وقال الناطق باسم الحلف امس ان الصرب اجبروا الألبان على دفن جثث قتلاهم في هذه المقابر. وبدت الادارة الاميركية امس مصممة على المضي في العمليات العسكرية الجوية ضد يوغوسلافيا وتكثيفها حتى يقبل الرئيس ميلوشيفيتش شروط حلف شمال الاطلسي، خصوصاً الانسحاب من كوسوفو واعادة اللاجئين الى منازلهم تحت حكم ذاتي والقبول بقوات دولية بقيادة اطلسية. وكان الرئيس كلينتون اجرى اتصالات هاتفية مع زعماء بريطانيا وكندا وفرنسا لتأكيد تصميمه ولاظهار تضامن الحلف الذي سيحتفل في نهاية الاسبوع الحالي في واشنطن بالذكرى الخمسين لتأسيسه. ومع استمرار العمليات العسكرية رحبت الادارة بالدور الذي سيلعبه رئيس وزراء روسيا السابق تشيرنوميردين، في حين اكدت وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت في تصريحات لها الى شبكة "اي بي سي" انه بات من الصعب على واشنطن التفاوض مع الرئيس ميلوشيفيتش بعد كل ما قامت به قواته في كوسوفو. وأوضحت ان "ليست هناك حاجة الى التفاوض معه، فالمطلوب منه هو القبول بالشروط الاطلسية"، مشيرة الى ان الحملة الجوية قد اضعفت القوات الصربية وحدّت من قدرتها على التحرك. وبدوره قال نائب وزيرة الخارجية ستروب تالبوت، وهو المسؤول عن ملف العلاقات الاميركية - الروسية، في تصريحات الى شبكة "ان بي سي" ان كبار المسؤولين الأميركيين على اتصال مستمر مع المسؤولين الروس وان السفير الأميركي في موسكو جيم كولينز عقد اجتماعاً مثمراً مع تشيرنوميردين، وأن الوزيرة اولبرايت اتفقت مع وزير خارجية روسيا ايغور ايفانوف على عودة روسيا الى اللعبة الديبلوماسية لايجاد حل. وذكر تالبوت ان تجارب الماضي أظهرت ان ميلوشيفيتش لا يفهم سوى لغة القوة "وان كل الدلائل الآن تشير الى أنه في حاجة للاستماع الى هذه اللغة لبعض الوقت". ودافعت الوزيرة اولبرايت ونائبها تالبوت عن قرار الرئيس كلينتون عدم استخدام القوات البرية، وأكدا ان الحملات الجوية ستؤدي مفعولها وأن المهمة الموكولة الى حلف الأطلسي ستنفذ بنجاح. وأكد الأمين العام لحلف الأطلسي خافيير سولانا في تصريحات تلفزيونية أخرى ان الحلف ماضٍ في استراتيجية الحملة الجوية وانه "ليس لدى الحلف حالياً أي خطط لغزو يوغوسلافيا". لكن خبراء عسكريين أميركيين لاحظوا انه سيكون "من الصعب جداً تحقيق الأهداف الأطلسية بالقوة الجوية فقط".