أحيت الطائفة الشيعية في لبنان امس ذكرى عاشوراء، وأقيمت للمناسبة مسيرات ومجالس عزاء وألقيت كلمات، في بيروت ومختلف المناطق. وإذ شدد رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الإمام محمد مهدي شمس الدين على استمرار المقاومة في وجه إسرائيل، وكرر دعمه للعهد والحكومة في اجراءاتهما الاصلاحية، دعا الامين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله الى "العمل لإزالة اسرائيل من الوجود"، ليكون خيار الامة العربية والاسلامية. دان رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، في احتفال في باحة المجمّع العلمي الثقافي، "جرائم اسرائيل اليومية في احتلالها فلسطينولبنان وسورية، وعدوانها الدائم بالقتل والتدمير والسجن والتشريد والاستيطان والتهويد خصوصاً للقدس المقدسة". وقال ان "تضحيات اهلنا وصمودهم ووحدتهم في كل الجنوب والبقاع الغربي هي قمة المقاومة التي تفضح اسرائيل وتدحض العدوان، وان تضامن الدول العربية، وهو ما نرى بشائره، والتلاحم بين لبنان وسورية الاسد في مواجهة المشروع الصهيوني، وفي التكامل والتعاون بين الدولتين والجيشين، ووعي الدولة اللبنانية ذاتها ومسؤولياتها تؤدي بالضرورة الى افشال المشروع الصهيوني في تحقيق مقاصده. والمطلوب من الدولة تأكيد حضورها في كل المجالات، وتأكيد وعيها ذاتها وإمساكها بزمام المبادرة وتضامنها ووحدة قياداتها ومؤسساتها وشفافية ادائها وصدقية علاقتها بشعبها ومجتمعها". ودعا الى "تعميق الوحدة الوطنية في الوعي والسلوك لا باعتبارها مضموناً عاطفياً ونظرياً بل باعتبارها ضرورة مؤسساتية لتنمية الانسان والمجتمع". وكرر دعمه العهد وحكومته في "توجهاتها في المشروع الاصلاحي وتحديث الدولة وإصلاح الادارة وترشيد الاقتصاد" محذراً من "الوقوع في فخ العولمة الاقتصادية وغير الاقتصادية التي تتيح جني ارباح كبرى للمشاريع وللمؤسسات المالية والاستثمارات الدولية العملاقة ورجال المال وللرأسمال المتوحش وتؤثر في عامة المجتمع بسلبيتين كبيرتين: البطالة وانخفاض الدخل، ومن ثم انخفاض مستوى المعيشة وتشوّه الهوية الحضارية والانسانية". ورأى ان "قضية التنمية الشاملة هي قضية مستقبل لبنان ونحن لا نفهمها على انها مجرد ايجاد بنى ومشاريع، بل دمج التنمية الاقتصادية بالرؤية الانسانية التي تدفعنا الى طلب تكثيف عملية التنمية في الريف لتثبيت المواطنين في قراهم ولتوفير الحوافز لدى المهاجرين للعودة الى هذه المناطق". وختم ان "اصلاح اجتماعنا السياسي يفتقر الى قانون انتخابات يراعي ثوابت الكيان اللبناني وضرورة الاندماج بين مجموعات الشعب اللبناني. فيكمّل كل فريق الفريق الآخر، فلا يستقيم امر المسلمين الا بالمسيحيين ولا يستقيم امر المسيحيين الا بالمسلمين، وهذا ما يحفزنا الى الدعوة الى انشاء هيئة وطنية تتمثل فيها هيئات الاجتماع اللبناني كافة لوضع مشروع قانون يضمن مصلحة المواطن اللبناني والاندماج الوطني ويحقق اعلى نسبة من التمثيل الواقعي". وشارك شمس الدين ايضاً في احتفال في الكلية العاملية في بيروت، في حضور رئيس الحكومة سليم الحص وجمع من الشخصيات وألقى وزير التربية والثقافة محمد يوسف بيضون كلمة، شدد فيها على "اننا الآن احوج ما نكون الى التعالي فوق المصالح لبناء ما تهدم وننتصر على معاناة الوطن فنعيد اليه رسالته ودوره الريادي"، لافتاً الى "وجود ازمة اقتصادية لكن ابواب الآمال لم تقفل". كذلك اعتبر بيضون، اثناء رعايته حفلاً للهيئة اللبنانية للطفل، ان "الحكومة تقوم بعمل جيد والمعارضة لم تكتشف او ترَ شيئاً شاذاً تشير اليه وبالتالي تعارضه". وقال "عندما كنا في المعارضة كنا دائماً الى جانب الحق واليوم نحن في الحكم الى جانب الحق لا نحيد عنه اطلاقاً". وكرر ان "لا تعديل حكومياً على الاطلاق". نصرالله وتحدث الامين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله، في مسيرة للحزب في الضاحية الجنوبية، على "ضرورة احياء الذكرى لنتعبأ ونتثقف ويقوى فينا العقل في موقع العقل والعزم في موقع الارادة لتنتج المناسبة رجالاً ونساء وشباناً في مستوى التحدي والمواجهة والاخطار التي تتعرض لها امتنا العربية والاسلامية ووطننا لبنان. ولنتعلم ان تبقى عيوننا مشدودة نحو الهدف، اي نحو رأس الاستكبار والطغيان والافساد والفساد والظلم في كل عصر وزمان". وقال "اليوم رأس الافساد وقمة الطغيان في هذه المنطقة هو اسرائيل، وقمة الافساد والطغيان والاستكبار في العالم هي الولاياتالمتحدة الاميركية". وأضاف "يجب ان تبقى عيوننا وارادتنا مشدودة الى تلك المعركة والمواجهة والى هذه الاولويات". وقال ان "اسرائيل اليوم تعلو في فسادها واستكبارها، تهوّد القدس وتهدم بيوت العرب والمسلمين فيها وتصادر المزيد من الاراضي في الضفة الغربية وتبني المزيد من المستوطنات، تساوم وتتآمر على الجولان وجنوب لبنان والبقاع الغربي وأمن كل هذه المنطقة وسلامها ومصيرها". وأكد ان "كل التجارب اثبتت ان المقاومة هي الخيار الوحيد للصمود واستعادة الارض وحفظ الكرامة، وان اسرائيل هي غدّة سرطانية بقاؤها في هذه المنطقة يعني بقاء الحرب والفساد والمرض والظلم والطغيان والعنصرية، لذلك يجب ان يكون خيار كل الامة هو خيار ان تزول اسرائيل من الوجود والا يبقى منها اي اثر في جسد امتنا العربية والاسلامية على الاطلاق. فلا عيش ولا تعايش مع اسرائيل". ودعا الى ان "يكون شعارنا واحد هو: الموت لإسرائيل". وأضاف "اقول للعدو ان كل اجراءاتك لن تجدي نفعاً، فلا تخفيف العديد سيخفف استنزاف جنودك وضباطك ولا العنف الاشد بمدفعيتك ودباباتك وطائراتك سينال من عزيمة المجاهدين. وأقول لميليشيا قائد "جيش لبنان الجنوبي" اللواء أنطوان لحد الذي يريد العدو ان يسلم افرادها كل المواقع الامامية، انه يدفعكم الى القتل والموت ليتمترس خلفكم. اقول للعدو: لقد جربت هذا الخيار سابقاً وسقط، لأن المواقع كانت تتهاوى الواحد تلو الآخر عند احذية المجاهدين، وستبقى تتهاوى ولن تستطيع اي ميليشيا ان تحمي هذا العدو وأمنه". ودعا ضباط "الجنوبي" وعناصره الى "الانتفاضة في وجه العدو واستخدام السلاح الذي اعطتهم اياه اسرائيل ليقتلوا شعبهم ويعتدوا فيه على وطنهم، وان يوجهوا البنادق الى صدور ضباط الاحتلال وجنوده في الشريط الحدودي المحتل". وقال "لم يعد مطلوباً فقط التوبة انما مسح عارهم بالمقاومة والقتال وتوجيه الرصاص الى صدر هذا العدو"، متوجهاً اليهم بالقول "مع كل عملية تستهدف الاسرائيليين واللحديين يقتلون هم ثم يأتي الاسرائيلي ليعتقل ضباط لحد وعناصره ليعذبهم ويحقق معهم". وسأل "اي حياة تلك التي يعيشها هؤلاء". وتوعّد افراد ميليشيا لحد ان لم يتوبوا بالقول: "انتظروا مجاهدي المقاومة الاسلامية ليس فقط عند مفترقات الطرق والوديان وقمم الجبال، بل على ابواب بيوتكم وأبواب غرف نومكم". وشدد على "استمرار التماسك اللبناني الوطني الشعبي والرسمي في موقف المقاومة وعدم التنازل عن اي حق من حقوقنا في المقاومة والتأكد من ان اعطاء العدو اي ضمان او اطمئنان او ابتسامة لن يكفيه، بل سيطلب المزيد والمزيد"، داعياً الى "البقاء في نهاية المعركة كما كنا في بدايتها: نقول للعدو اخرج من ارضنا بلا قيد وبلا شرط". وردد ما قاله رئيس الجمهورية إميل لحود ان الاسرائيلي "امام خيار واحد هو الانسحاب او الانسحاب، وليس هناك موقف آخر ولا لغة اخرى"، واعداً بأن "الارض ستعود الينا بكرامة وشرف وعز من دون ان يمن احد في هذا العالم علينا بذلك". وفي الشأن الداخلي، دعا النواب الى "درس مشروع الموازنة بموضوعية والتأكيد على ضرورة التخفيف من الرسوم التي تطاول الفقراء وإيجاد بديل من رفع سعر البنزين، لأن الشعب اللبناني الذي باتت غالبيته فقيرة او تحت خط الفقر لا يكاد يطيق اي شكل من اشكال الزيادة للرسوم والضرائب التي تنال طبقة الفقراء والمستضعفين". وأضاف "مع الموازنة والى جانبها وأياً تكن الظروف لا يجوز ان تغفل الحكومة انماء المناطق المحرومة التي يعود اليها الفضل الكبير في الدفاع عن لبنان وتقديم ابنائها شهداء". وتناول ملفات الفساد المالي والاداري والسياسي، وقال "لا نستطيع الا ان نكون مع كل جهد لمواجهة هذا الفساد، ونؤيد كل اشكال المواجهة"، داعياً الى ان "تكون مواجهة الفساد عادلة وألا تستثني فاسداً او سارقاً او ناهباً، اياً يكن، والى اي طائفة او جهة انتمى، سواء اكان مدعوماً من كبير ام صغير". وقال "اذا كان المطلوب الحرب على الفساد المفيدة لهذا البلد فيجب ان تكون حرباً شاملة على الفساد لا تستثني اي مفسد وأي فاسد وأي لص". ودعا الى "انجاز بعض الملفات وانهائها لإثبات الصدقية امام الشعب اللبناني قبل التوسع في فتح ملفات جديدة لا ندري ماذا ستكون عليه الحال في الملفات القديمة التي فتحت". وفي موضوع الانتخاب، دعا الى "الاستعجال في وضع قانون الانتخاب وعدم الانتظار الى الاشهر او الاسابيع الاخيرة لأن هذا في الحقيقة يؤثر في ارادة الناخبين". وقال ان "رؤية "حزب الله" في هذا الشأن ستقدم من خلال مؤتمر صحافي"، مشدداً على "نقطة اساسية هي ان يعطى حق الانتخاب للشباب البالغ من العمر 18 عاماً، فهذا الشباب هو الذي يقاتل اسرائيل اليوم، وهو الذي خلع الاسلاك الشائكة من حول أرنون ويدافع عن هذا البلد، وحقه في ان يملك حق المشاركة في تحديد مصير البلد ووضع المؤسسات السياسية فيه". وتطرق الى حرب البلقان، فقال "لا يجوز الا ان نقف امام مأساة العصر الحديث في كوسوفو حيث يتعرض الالبان لمجزرة بشعة وهم ضحية النظام الصربي العنصري المتوحش الذي يقتل ويدمر ويغتصب، وضحية الشيطان الاكبر أميركا الذي لا يحمي المسلمين في كوسوفو وانما مصالحه في أوروبا، والذين يدفعون الثمن في كل اتجاه هم الالبان"، داعياً الى "مد يد العون اليهم والمساعدة". وختم "نؤكد جهوزيتنا الدائمة وحضورنا الدائم في الساحات لمواجهة كل احتمال، خصوصاً اننا على مشارف الانتخابات الاسرائيلية في 17 أيار مايو المقبل، ونؤكد وحدة المصير بين لبنان وسورية والاستناد القوي الى إيران". ونظمت "حركة أمل" في الشياح الضاحية الجنوبية احتفالاً ألقيت خلال كلمات ابرزها للمفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبدالامير قبلان. النبطية وبعلبك وفي النبطية احتشد المواطنون منذ الصباح الباكر اذ بدأ احياء الذكرى بتلاوة السيرة الحسينية لإمام المدينة الشيخ عبدالحسين صادق، ثم بدأ تشخيص موقعة كربلاء في بيدر النبطية وساحة الحسين بن علي. بعد ذلك قام بعض المشاركين وحملة الاكفان البيض بحزّ الرؤوس، واندفعوا في طرق الوسط التجاري يرددون "حيدر حيدر". وأغمي على كثر منهم، فنقلوا الى خيام للاسعافات الاولية نصبت في الطرق والى مستشفيات المدينة. وفي البقاع اقتسم انصار "حزب الله" و"ثورة الجياع" طريق مرجة رأس العين في بعلبك، في ظل اجراءات امنية مشددة. وخلافاً لما كان متوقعاً لم يظهر قائد "ثورة الجياع" الشيخ صبحي الطفيلي في الاحتفال. وشارك في الحشدين نحو 15 ألف مواطن معظمهم من انصار "حزب الله"، الذين قاموا بمسيرة حاشدة جابت شوارع بعلبك انتهت بعد تجمعها على طريق مرجة رأس العين، في حسينية الامام الخميني، حيث ألقيت كلمات عدة بينها كلمة للشيخ محمد يزبك، باسم الحزب، فأكد "الاستمرار في مقاومة الاحتلال حتى التحرير". وتحدث باسم ثورة الجياع" الشيخ حنظل مظلوم مطالباً الطفيلي "بألا يقيم اعتباراً للعوائق". ودعاه الى "متابعة قيادة الثورة". وتحدث الشيخ أحمد قطايا نيابة عن الطفيلي، فأكد "استمرار ثورة الجياع حتى يحترم الحاكم النظام العام". وقال "انها مستمرة حتى يصبح لدينا مجلس نيابي يمثل الشعب في شكل حقيقي كي لا يبقى مجلساً للسماسرة وخونة الشعب". وطالب بأن "يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة وعلى قاعدة النسبية لإسقاط كل وسائل الرشوة بين السلطة والمواطن". وفي بلدة طيردبا قضاء صور وقع خلاف بين عناصر من "حزب الله" و"حركة أمل" على خلفية رفع لافتة على منبر حسينية البلدة. وعلى الفور تدخل عناصر الجيش اللبناني وفضوا الاشكال.