صعّد عدد كبير من خطباء الجمعة والمتحدثين من على منابر المساجد الايرانية امس حملة الانتقادات لوزير الثقافة والإرشاد الاسلامي عطاء الله مهاجراني ومظاهر "التساهل" و"التسيب" و"انحراف" الصحف عن الخطوط التي "رسمتها" الثورة والهوية الاسلامية للجمهورية في ايران. تناغمت عبارات معظم المتحدثين والخطباء على منابر المساجد يوم أمس، وبدت وكأنها حملة منظمة على سياسة "التسامح" الحكومية. وشهد منبر الجامعة المركزية في طهران حملة عنيفة على الوضع الاعلامي والثقافي في البلاد. وحذر أحد النواب المعروفين في التيار المحافظ من "مغبة التمادي في سياسة التسامح"، ووصف الصحف التي يُنظر اليها على أنها تروج لفكر الاعتدال بأنها "عميلة وفاسدة". وفي الإطار ذاته، أرجأ مجلس الشورى الاسلامي البرلمان عقد جلسة استجواب مهاجراني والتصويت على الثقة الى السبت المقبل، بعد ان كان تقرر عقدها يوم الاربعاء. وقالت دائرة الاعلام في البرلمان ان هيئة رئاسة مجلس الشورى اجتمعت امس وقررت ارجاء الجلسة الى السبت، وناشدت جميع النواب حضور الجلسة التي ستكون علنية. ويبدو ان سبب التأجيل يعود الى الخشية من ان يغيب عدد كبير من النواب، خصوصاً نواب المناطق والدوائر البعيدة، بما أن الشيعة في ايران سيقيمون مراسم عاشوراء يوم الثلثاء، وسيكون يوما الخميس والجمعة عطلة. لكن أوساطاً تؤيد الحكومة وتوالي التيار الاصلاحي نظرت الى قرار الإرجاء من زاوية مختلفة، واعتبرت ان ذلك يعود الى رغبة المحافظين في الاعداد الجيد للجلسة وتكثيف الاتصالات مع النواب المستقلين والمترددين في حجب الثقة عن مهاجراني حتى الآن. علماً ان موعد جلسة الاستجواب والتصويت على الثقة سيتزامن مع يوم وصول النائب الثاني لرئيس الوزراء وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز الى طهران في أول زيارة للجمهورية الاسلامية منذ الثورة. واستمر امس الصمت اللافت للرئيس السابق هاشمي رفسنجاني الذي يعتبر المرشد الحقيقي لحزب "كوادر بناء ايران" الذي تنتمي اليه شخصيات رسمية وسياسية تعرضت أخيراً الى ضربات حقيقية من اليمين المحافظ. ونقلت "وكالة الجمهورية الاسلامية للانباء" الايرانية كلمات عدد من خطباء الجمعة في مناطق مختلفة من البلاد اجمعت على استخدام عبارات ومصطلحات تكاد تكون واحدة حيال "سياسة التسامح". وتضمنت الُخطَب دعوات الى "التصدي بحزم" لما يجري. ووسط تأييد مئات ممن أقاموا صلاة الجمعة المركزية في جامعة طهران برفع هتافات "الموت لأعداء ولاية الفقيه" و"الموت للصحف الضالة"، حمل النائب المحافظ المعروف أحمد خاتمي بعنف على وزارة الثقافة والمطبوعات، وطالب ب"مراجعة جذرية للسياسة الثقافية الراهنة"، واعتبر ان "هجوم الاقلام والصحف والمجلات الفاسدة والعميلة ضد مقدساتنا واسلامنا وإمامنا الخميني الراحل هو احدى ثمرات سياسة التساهل والتسامح التي اتبعت خلال المدة الماضية". وبدا على ثقة من ان نتيجة التصويت في البرلمان ستكون لمصلحة عزل مهاجراني. وقال: "ليس المهم ان يبقى أو يرحل هذا الوزير أو ذاك، بل المهم ان تسود اجواء الانسجام والتفاهم الداخلي" في اشارة الى انه يعتبر ان السياسة الثقافية والاعلامية التي اتبعت منذ نحو عشرين شهراً، "تلحق ضرراً بالغاً بالوحدة الداخلية". وتابع احمد خاتمي بلغة كلها وعيد: "لن نسمح بعد الآن بأن ننهض من النوم في الصباح ونستهل يومنا بعشرات المقالات المضللة والمنحرفة التي تطعن في مقدساتنا". يذكر ان مهاجراني سيتحدث في مؤتمر صحافي يحضره المراسلون الاجانب اليوم، في محاولة "لتوضيح الحقائق" عشية استجوابه.