تبدأ "شركة راس لفان للغاز الطبيعي المسيل المحدودة" راس غاز بتشغيل مشروعها الشهر المقبل لتكون الشركة الثانية التي تُصَدِر الغاز القطري الى الاسواق الدولية، ما سيضمن لهذه الدولة الخليجية دخلاً ثابتاً على المدى البعيد يزيد عن عوائد صادراتها النفطية. وتوقعت مصادر في صناعة الغاز في منطقة الخليج ان يصل اجمالي انتاج قطر من الغاز المسيل الى أكثر من 30 مليون طن سنوياً لتصبح أكبر منتج للغاز المسيل في العالم بتجاوزها اندونيسيا التي يبلغ انتاجها 25 مليون طن سنوياً. وقالت المصادر ان قطر لديها الامكانية لانتاج نحو 36 مليون طن سنوياً نظراً لضخامة مخزونها من الغاز الطبيعي، ما سيدر عليها بين ثلاثة وخمسة بلايين دولار في السنة، أي أكثر من ايراداتها النفطية. وفي بيان حصلت عليه "الحياة" امس، قالت شركة "راس غاز" انها ستبدأ الانتاج في 22 أيار مايو المقبل بمعدل 400 مليون قدم مكعب اضافة الى 15 ألف برميل من المكثفات يومياً. واضافت: "ان بيع هذا الانتاج سيشكل اول مردود مالي لشركة راس غاز... وسيبدأ إنتاج الغاز المسيل مطلع تموز يوليو المقبل، وسيتم تصدير أول شحنة الى كوريا الجنوبية في 23 آب اغسطس المقبل". وذكر البيان ان المشروع يشمل وحدتين للانتاج تصل طاقتهما الاجمالية الى خمسة ملايين طن من الغاز المسيل سنوياً اضافة الى نحو 43 ألف برميل من المكثفات و300 الف طن من الكبريت يومياً. وأشار الى ان المشروع قارب على الانتهاء بعد أكثر من خمسة أعوام من بدء العمل فيه، وذلك بوصول الغاز من المنشآت البحرية الى المصنع الشهر الجاري. وتأسست شركة "راس غاز" عام 1993 وتساهم فيها "المؤسسة العامة للبترول القطرية" بنسبة 66 في المئة، في حين تملك شركة "موبيل" الاميركية 26.5 في المئة والشركتان اليابانيتان "اتوشو" 4 في المئة و"نيشو ايواي" 3 في المئة. وقدّرت مصادر في صناعة الغاز حجم الاستثمارات في هذا المشروع حتى الآن بنحو 3.5 بليون دولار، ويتوقع ان يرتفع بحدة في السنوات المقبلة، اذ يمكن ان تصل الطاقة الانتاجية الى نحو 10 ملايين طن سنوياً. وبدأت قطر في تصدير الغاز المسيل الى اليابان عام 1996 عندما تم تدشين المشروع الاول وهو "قطر غاز" الذي يبلغ انتاجه حالياً نحو أربعة ملايين طن من الغاز المسيل سنوياً يتوقع ان يصل الى ستة ملايين طن سنوياً عام 2000. وبلغت الاستثمارات في هذا المشروع حتى الان أكثر من أربعة بلايين دولار ساهم فيها كل من "المؤسسة العامة للبترول القطرية" بنسبة 65 في المئة و"توتال" الفرنسية بنسبة 10 في المئة و"موبيل" الأميركية بنسبة 10 في المئة و"ماروبني" الاميركية و"ميتسوي" اليابانية بنسبة 7.5 في المئة لكل منهما. وقال مصدر في صناعة الغاز ان "هناك مشاريع تم تأجيلها، لكن يتوقع ان يتم إنشاء مشاريع جديدة لاستغلال موارد الغاز الضخمة لقطر... ويتوقف تنفيذ هذه المشاريع على تطورات السوق، خصوصاً خروج الدول الآسيوية من الازمة الاقتصادية، إذ انها تشكل السوق الرئيسية للغاز الخليجي". واعتبرت دوائر اقتصادية مشاريع الغاز في قطر بأنها "حيوية" لاقتصادها الذي يعتمد بشكل مكثف على صادرات النفط المتقلبة. وقال خبير اقتصادي في "منظمة الخليج للاستشارات الصناعية" في الدوحة ان هذه المشاريع "ستضمن لقطر دخلاً ثابتاً بعكس الدخل النفطي وستساهم في تسريع معدلات النمو الاقتصادي ومعالجة أي مشاكل مالية قد تنشأ من انخفاض أسعار النفط وارتفاع الديون الخارجية". وبدأت قطر ترزح تحت وطأة الديون بعد اطلاقها مشاريع الغاز، اذ اضطرت الى الاستعانة بالقروض لتمويل بعض مراحل المشاريع. ووصلت هذه الديون الى أكثر من ستة بلايين دولار في نهاية عام 1997، أي نحو 80 في المئة من اجمالي الناتج المحلي وهي من أعلى النسب في العالم. ويتم تنفيذ مشاريع التسييل في "حقل الشمال" العملاق الذي يعد أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم باحتياطي يبلغ نحو 11.5 تريليون متر مكعب 380 تريليون قدم مكعب، ما يجعل قطر ثالث أكبر دولة في العالم لجهة احتياط الغاز بعد روسيا وايران اللتين تسيطران على أكثر من ثلثي احتياط الغاز الدولي.