أبناء الشخصيات البارزة ثقافياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً، هل يحملون رسالة مماثلة لرسالة آبائهم أو امهاتهم وللبيوت التي نشأوا فيها؟ أين يتشبهون وأين يستقلون؟ وكيف يرون المستقبل؟ الواقع؟ هذا ما نحاول تلمسه مع مازن انطوان كرباج. العمر 23 سنة، خريج كلية الدعاية والاعلان - جامعة "الألبا" - لبنان، اختصاص "فنون اعلانية". الهوايات؟ - أهوى المطالعة، الموسيقى عزفاً وسماعاً، ومشاهدة الافلام السينمائية. لمن تقرأ؟ - لكافكا وسارتر ويوجين يونيسكو. لماذا اخترت هذا الاختصاص؟ - لأني لم أتمكن من دراسة اختصاص الأشرطة المصورة: Bandes Dessinees في لبنان لعدم توفّره في الجامعات، ولأني أحب الرسم، أحسست منذ الطفولة ان اختصاص الاعلان هو الأقرب الى الرسم: "اللغة الانسانية"، وهو الاختصاص الوحيد الذي أتمكن بواسطته ان "أرسم وأعيش"، لأن الفنانين اللبنانيين يكادون يموتون جوعاً. لماذا لم تدرس المسرح؟ - تبعت أمي الرسامة لور غريب. لم أحب دراسة المسرح، ولم أر في نفسي يوماً إنساناً مسرحياً، بل كنت مجبولاً بالرسم منذ الطفولة. وجدت الألوان والأوراق حولي منذ ولادتي، اعتقد ان ذلك قد ساعد كثيراً. ما هو الدور الذي لعبه أهلك في اختيار الاختصاص؟ - ساعد "الاهل" كثيراً في اختيار مجال الدراسة هذا. منذ الطفولة كانوا ياكفئونني بالمال لشراء مجلات Bandes Dessinees حين كنت أحصل علامات جيدة في المدرسة، وكانوا يعاقبونني بحرماني من شرائها إذا لم تعجبهم علاماتي. لعب البيت الدور الأهم. لكنهم تركوا في النهاية لي ولاخوتي حرية الاختيار، إيماناً بأن نفعل ما نحبّ. بماذا تتقاطع مع والدك وبماذا تتعارض؟ - والدي انسان مسالم، هل تصدق بأننا لا نتعارض بشيء؟ كان رفاقي يسألونني ايام المدرسة: "كيف لا تخاف من والدك"؟ فشكله على الشاشة يبدو شريراً. كان هذا السؤال يدهشني لأني أعرف والدي في المنزل، وعن كثب، إنساناً هادئاً رائعاً وحنوناً. نتقاطع بحبنا المشترك لقضايا الفن والمسرح، بحملنا لهموم الناس وتعبيرنا عنها بالفن، هو مسرحياً وأنا برسوماتي الساخرة. هل تعاني مما يعاني منه الشباب اللبناني لجهة إيجاد عمل، أم أنك ترى ان فرص العمل متوافرة؟ - نصيحتي لمن لا يجد عملاً، ان يدرس الإعلان - إنه المجال الاكثر إتساعاً في لبنان. هناك أكثر من 100 شركة إعلان تعمل لثلاثة ملايين لبناني! والمجال مفتوح! الخطأ في التوجيه، منذ البداية. الشعب اللبناني بأكمله يريد أبناءه أطباء او محامين، لدرجة ان المحامين أصبحوا أكثر من القصابين. هذا العصر هو عصر الإعلانات في بلادنا. نحقق ما حققه "الغرب" في السبعينات. لذلك نجد الإزدهار، فاللبناني كائن استهلاكي تغريه الدعاية، حتى الدعاية لأسوأ المنتجات!. بالنسبة اليّ "الإعلان" لا يمكن ان يكون فناً، لانه محكوم بجمهور وبمشاهدين، وموجّه الى أعمار وأهداف محددة. واعتقد ان في الاعلان عندنا نسبة لا بأس بها من الكذب والخداع والنفاق. هل تعتقد ان إنشغال والدك الدائم بالمسرح دفعك لتحمّل مسؤولية نفسك باكراً؟ - تحملت مسؤولياتي باكراً. عملت رساماً في مجلات عدة لم يؤثر إنشغال الوالد ابداً، لانه في الأساس لم يلعب دوراً في حياة البيت بل كان متفرغاً دائماً لفنه وترك لأمي الرسامة الهموم. نشأت من البداية على حبّ المسؤولية والإتكال على النفس، أتمنّى ان استمر بذلك، فهذا يسعدني ويسعد أهلي. ما هو انتماؤك السياسي؟ - لا أتعاطى السياسة! لا سياسة في لبنان! بل "وجع رأس"! وقرف! ولدت في العام 1975 فلأي حزب تريدني ان أنتمي بعد ذلك؟ السياسة في لبنان مستنقع موحل والديموقراطية اللبنانية مجرد وهم، وكفى! كيف علاقتك بأمك؟ - إنها صديقتي، نتشابه بالشخصية كثيراً، على رغم ان شكلي الخارجي يشبه والدي أكثر. أنا قريب جداً منها، تربطني بها علاقة خصوصية تتميّز عن علاقتها بأخوتي، ربما لاني أنتمي وإياها لعالم الرسم! نتّفق في الكثير من الامور، نختلف ونتشاجر احياناً، هذا دليل العلاقة الرائعة التي تجمعنا. أحبها لأنها أصابتني بعدوى المطالعة والموسيقى! من هم اصدقاؤك؟ - هم من تجمعني بهم الاهتمامات والهوايات، لا يهمني مستواهم الاجتماعي والمادي وموقع أهلهم! أفضّل ان يكون والد احد اصدقائي "ميكانيكياً" على ان يكون بورجوازياً أو سياسياً! أين تقضي أوقات فراغك؟ - في البيت أمارس هواياتي. وأرسم "لشركات الاعلان". قد تبدو حياة مملّة للبعض، لكني سعيد هكذا! لقد انقطعت عن زيارة علب الليل منذ وقت طويل!. ماذا يعني لك ما جرى في أرنون؟ - لا معنى لما حدث، لانه مجرد دعاية ووهم، إما ان نحرّر كل الجنوب وإما من الأفضل البقاء في البيوت. هناك الكثير لفعله قبل "أرنون" وقبل استغلال الفرص للوقوف على المنابر ومحاولات التحوّل الى "زعماء صغار" قد يصبحون ملوكاً لحروب صغيرة قادمة!