التقطت بلغراد أنفاسها أمس الأربعاء إذ لم تتعرض لغارات أطلسية، فيما تجمع عشرات الآلاف من سكانها بعد الظهر في "المهرجان" اليومي الذي يقام في ميدان الجمهورية ريبوليكا، وسط العاصمة. في غضون ذلك، أوضحت مصادر في الحكومة الاتحادية اليوغوسلافية ان بلغراد قدمت أقصى ما يمكنها لانجاح الوساطة الروسية، إلا أن الولاياتالمتحدة رفضتها "انطلاقاً من أهدافها الاستراتيجية الساعية الى فصل اقليم كوسوفو، سلماً أو حرباً". وبسبب ظروف الحرب فان الحكومة الصربية قررت حصر توزيع المحروقات ببطاقات بشكل يكون للسيارة الواحدة الخاصة عشرين لتراً شهرياً وضعف هذه الكمية لسيارات الأجرة. كما خصصت للمزارعين 30 لتراً من وقود الديزل للهكتار الواحد شهرياً. وعرض تلفزيون بلغراد أمس صوراً للدمار الكبير الذي أحدثته الغارات الأطلسية في المدارس والمستشفيات، الأمر الذي دانه بشدة وزير العدل الأميركي السابق رمزي كلارك واعتبره "نوعاً من الوحشية". وكان كلارك زار عدداً من المواقع التي تعرضت لضربات اطلسية في بلغراد وضواحيها. وقال بعد مغادرته أحد المراكز الصحية "انه شاهد الجرحى وجثث القتلى الذين كانوا ضحايا الغارات الأطلسية العشوائية". كما عرض التلفزيون صوراً لوحدة فنية تابعة للجيش اليوغوسلافي وهي تزرع الألغام في المناطق الحدودية للاقليم مع مقدونيا، "تحسباً لأي عدوان أطلسي بري على الأراضي الصربية". وشهدت بلغراد أمس نشاطاً واسعاً لاستنكار "الغارات الأميركية العدوانية على الأراضي اليوغوسلافية". وبينما استمر "المهرجان" الذي تتخلله حفلة موسيقية في وسط بلغراد لمدة 8 ساعات فان عدداً كبيراً من الصحافيين الصرب وأصدقائهم الأجانب، نظموا تظاهرة خاصة بهم في شوارع بلغراد و"أعلنوا تأييدهم لنهج الرئيس ميلوشيفيتش وتنديدهم بهجمات الحلف الأطلسي الوحشية". وقامت أمس حشود غاضبة من المواطنين بالهجوم على مطاعم "مكدونالدز" الأميركية في بلغراد وتهشيم محتوياتها. وصاحت الحشود: "لا نريد رؤية مصالح اميركية في يوغوسلافيا". وفي تصريح للصحافيين، اعتبر نائب رئيس الحكومة اليوغوسلافية فوك دراشكوفيتش ان تضاؤل فرص نجاح الوساطة التي قام بها رئيس الحكومة الروسية يفغيني بريماكوف "ناتج عن ضغوط مارستها الولاياتالمتحدة على دول الاتحاد الاوروبي وخصوصاً المانيا". ووصف دراشكوفيتش اشارات الرئيس الأميركي بيل كلينتون الى احتمال توجه الغرب نحو القبول بانفصال واستقلال كوسوفو، بأنه "دليل دامغ على أن أميركا لا تسعى الى حل لقضية كوسوفو إلا بالقدر الذي يرضي رغبات عملائها الألبان في الاستقلال". وأكد أن الوقائع أثبتت صحة موقف بلغراد رفض وثائق رامبوييه "لأنها كانت تسعى الى فسح المجال لاستقلال الاقليم من خلال مرابطة قوات تابعة لحلف شمال الأطلسي في أراضيه". وأشار الى ان معلومات كانت توفرت لوفد الحكومة اليوغوسلافية الى المفاوضات في فرنسا، ان وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت "تعهدت للارهابيين الألبان جيش التحرير بتحقيق هدفهم بالاستقلال بعد انتهاء الفترة وهو الذي دفع هاشم تاتشي الى توقيع الوثائق". من جهة أخرى، أعلن ناطق باسم القوات المسلحة اليوغوسلافية ان الدفاعات الأرضية "كانت أسقطت ثلاث طائرات عمودية مسلحة أثناء محاولاتها الهجوم على دبابات في كوسوفو". وعرض الناطق على الصحافيين صوراً للطائرة الأطلسية التي سقطت بالقرب من بلدة بالي في البوسنة. وتحدى قيادة الحلف الأطلسي في بروكسيل ان كان في امكانها الرد على الصور المتوافرة للجهات العسكرية اليوغوسلافية في شأن هذه الطائرة. وأكد أن هذه الصور التقطها مواطنون صرب في بلدة بالي قبل وصول قوات حلف الأطلسي وفرض طوق حول المنطقة ورفع حطام الطائرة وردم الحفر التي أحدثها سقوطها.