بعد 14 يوماً ينطلق مهرجان دبي للتسوق في دورته الرابعة مرسخاً مكانته كأهم تظاهرة تجارية ترفيهية واجتماعية في الشرق الاوسط. ويتابع المهرجان نشاطه بعد ثلاث دورات من النجاح حاملاً افكاراً جديدة ومفاجآت عدة بعضها أُعلن عنه والبعض الآخر في انتظار الايام المقبلة. وقد لا يكون من المبالغ فيه القول ان الجميع سينتظر ما سيقدمه المهرجان هذا العام من مفاجآت تكون غالبيتها في مرحلة مقبلة نهجاً تسير عليه مهرجانات عدة تُنظّم في المنطقة، فمهرجان دبي الذي كان فكرة تدور في بال بعض مسؤولي الامارة قبل سنوات لا تتجاوز الاربع اصبح الآن اكبر تجمع عائلي في الشرق الاوسط وآخرها لهذا القرن، وبات نموذجاً للمهرجانات التي تقام في المنطقة وبعض دول العالم. وتختلف الحاجة هذا العام لإقامة المهرجان في امارة دبي التي تشتهر باسواقها ومراكزها الكثيرة للتسوق، وفنادقها وخدماتها السياحية والترفيهية، وبموقعها الجغرافي المتميز داخل دولة الامارات وخارجها، فعند اقامته للمرة الاولى عام 1996 لم تكن الاسواق او الفنادق بالحاجة نفسها التي هي عليها الآن لانعاش مبيعاتها وتحريكها صعوداً وزيادة عدد النزلاء اذ كانت تمرّ في مرحلة طفرة على مدار العام وكان المهرجان يمثل بالنسبة لها نوعاً من الكماليات او اضافةً لا مانع منها ما دامت تزايد العائدات. اما الآن فالوضع اختلف، خصوصاً في خلفية التباطؤ الاقتصادي الذي تشهده دول المنطقة بسبب تراجع اسعار النفط، والازمات الكثيرة التي تشهدها اقتصادات مناطق عدة في العالم وخصوصاً في شرق آسيا وجنوبها وما يعني ذلك من انخفاض اعداد المتسوقين من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق وتراجع اعداد نزلاء الفنادق وركاب شركات الطيران. ولم يعد القائمون على المهرجان ينظرون اليه بهدف تحريك وتنشيط الاسواق المحلية والمرافق السياحية فقط، بل تحويله الى تجمع يستهدف نواحي عدة ابرزها تحويل الامارة الى مكان اقليمي لجذب العائلات لقضاء اوقات ممتعة ضمن اجواء احتفالية مرحة مغلّفة بالطابع الشرقي الاسلامي ومكرّسة للقيم الاجتماعية النموذجية لغرسها في كل افراد الأسرة وهي قيم رفعها شعار المهرجان للعام 1999 الذي تنطلق فاعلياته في 18 الجاري وتستمر حتى الرابع عشر من الشهر المقبل. ويأمل القائمون على المهرجان ان تستقطب دورته الرابعة نحو مليوني زائر وهو العدد ذاته الذي زار المهرجان في دورته الثالثة في الوقت الذي يؤكد فيه رئيس اللجنة العليا للمهرجان الشيخ احمد بن سعيد آل مكتوم الذي يرأس دائرة الطيران المدني في الامارة و"طيران الامارات" ان دورة المهرجان هذ العام ستختلف عن الدورات السابقة نظراً الى تقسيم المهرجان الذي يقام هذا العام تحت شعار "اكبر تجمع عائلي في القرن العشرين" الى اربعة اسابيع متميزة يحمل كل اسبوع منها قيمة عائلية. وتركز فاعليات الاسبوع الاول على حسن المعاملة وتجسيد القيم الاسلامية والعربية مثل احترام الكبير والعطف على الصغير والاحسان ومدّ يد العون للمحتاجين. بينما يركّز الاسبوع الثاني على الترابط والتراحم ويجسد مبادئ انسانية راقية تتمثل في البر بالوالدين والاخاء والاخلاص والوفاء بين الاهل والاصدقاء، اما الاسبوع الثالث فتركز فاعلياته على الامانة، ومُثل الالتزام في الاقوال والافعال وايفاء العهود والوعود والصدق والاستقامة، فيما يركز الاسبوع الرابع والاخير على ابواب الابداع والتميز وتحقيق الطموحات والاختراعات. وقال الشيخ احمد بن سعيد آل مكتوم "اننا، عبر التركيز على هذه القيم خلال مهرجان دبي للتسوق 99، نضع نصب اعيننا كل ما يجب ان تتمتع به المجتمعات السليمة وما يتوجب علينا القيام به تجاه مجتمعنا، لذا كان التركيز على النشاطات والفعاليات التي تستهدف العائلة وتمنح افرادها من كل الاعمار والمستويات فرصة معايشة اجمل المهرجانات العالمية واكثرها تميزاً". اما مساعد المدير العام لدائرة التنمية الاقتصادية في دبي والمنسق العام لمهرجان دبي للتسوق السيد محمد القرقاوي فيعتبر ان المهرجان هذا العام "يتوّج التعاون بين القطاعين العام والخاص بأكثر من 300 نشاط وفاعلية ثقافية وترفيهية ورياضية وتجارية، والعديد من الفرص النادرة للتسوق بهدف منح زوار دولة الامارات والمقيمين على ارضها فرصة قضاء ايام سعيدة في اجواء عائلية مثالية". وينتظر خلال ايام المهرجان ال 28 ان تتصاعد حمى التسوق وسط حسومات وعروض سعرية مغرية في وقت ستحوّل فيه الامارة مفهوم التسوق الى متعة وبهجة وجوائز نقدية وعينية في اكثر من مكان اذ تساعد الجوائز والهدايا الكبيرة والسحوبات المغرية التي يقدمها الجميع مراكز التسوق في الامارة على زيادة المبيعات خلال المهرجان. وتشتهر الامارة بالنسب المتهاودة للغاية للرسوم الجمركية التي تفرضها على اغلب السلع، بما فيها السلع الالكترونية. ويعود الفضل ايضاً في الاسعار المنخفضة للمنتجات التكنولوجية الى غياب الضرائب المباشرة على المبيعات، والى الحسومات العالية التي يتمتع بها المستوردون المحليون بحكم حركة اعادة التصدير في دبي. واظهرت نتائج المهرجان في دورته السابقة ان عدد زوار الامارة من غير المقيمين في دبي بلغ في المهرجان الاول 37.5 الف زائر ارتفع في السنة الثانية الى 45 الف زائر، ليبلغ في السنة الماضية 54.7 الف زائر، بينما ارتفع اجمالي الزوار من 1.6 مليون زائر في السنة الاولى الى 3.2 مليون زائر في السنة الماضية. وولّد المهرجان في عامه الاول مبيعات في الاسواق المحلية يقدر اجماليها بحوالى 730 مليون دولار ثم ارتفع اجمالي المبيعات الى 900 مليون دولار ليبلغ في العام الماضي بليون دولار. ويقول مساعد المنسق العام للمهرجان السيد حسن لوتاه "امامنا تحديات عدة علينا مواجهتها، ونظراً الى الآمال المعلّقة على المهرجان من قبل الاسواق والزوار لا بد للقائمين عليه من تقديم الجديد كل عام، وكلما قدّمت جديداً يأتيك العام التالي بمطالب جديدة. وعلينا مواكبة التطورات والنظر الى كل الاحتياجات ووضع الاهداف والمطالب في بوتقة واحدة للحفاظ على استمرارية وتألق المهرجان اقليمياً وعالمياً". واضاف: "ما يساعدنا على اخراج المهرجان في صورة جديدة كل عام ما هو الاستماع الى كل الآراء والملاحظات والانتقادات، ولكي تكون العملية اكثر تنظيماً نعمل على تنظيم استبيانات عدة في مختلف انشطة المهرجان ونعمل بعد ذلك على تحليلها لتجاوز المعوقات وتقديم الافضل الذي يلبي احتياجات الجميع في المستقبل". وينتظر ان تتصدر دبي في الاسابيع المقبلة قائمة المقاصد التي استحوذت على اهتمام المواطنين الخليجيين والمقيمين فيها الراغبين بقضاء اجازات العيد والربيع ونهاية الاسبوع خارج اماكن اقامتهم بعدما كانت في السابق من بين المقاصد التي ترد الى خواطرهم على غرار القاهرة او بيروت او عمان اذ نجحت الامارة في السنوات السابقة بدعم من حملة تسويقية واعلانية واعلامية لمهرجانها في زيادة اعداد الراغبين بزيارتها. وتركز دبي خلال مهرجانها للتسوق على استقطاب السياحة العائلية من المنطقة العربية، وما يزيد من جاذبية المهرجان بالنسبة للعائلات تمتعه بوجود تشكيلة واسعة من الخيارات امام الاطفال وصغار السن لقضاء اوقات حافلة بالمتعة، بما في ذلك الكثير من الالعاب والانشطة الترفيهية