تفجرت في أروقة شركة "مصر للطيران" في الأسابيع الأخيرة خلافات حادة بين طياري الشركة وإدارة المؤسسة، بعدما أصرت الأخيرة على رفض تحقيق مطالبهم. وتتلخص مطالب الطيارين في رفع قيمة التأمين على الحياة والكوارث والوفاة الطبيعية، وتأسيس صندوق للزمالة ورفع قيمة مكافأة نهاية الخدمة، وزيادة رواتبهم، وهي مطالب تقدموا بها قبل نحو 18 عاماً. واتهمت المؤسسة طياريها بعرقلة حركة العمل، وعدم الالتزام بجداول الطيران. وبدأت إلإدارة تطلب من شركات الطيران العربية الاستعانة بطياريها، وذلك في مقابل أربعة أضعاف رواتب الطيارين المصريين، إلا أن الطيارين العرب رفضوا العرض مساندة لزملائهم الطيارين المصريين. وعلى رغم التصريحات الرسمية الصادرة عن مؤسسة "مصر للطيران" والتي اشارت أن عدداً من الطيارين المصريين مضرب عن العمل، إلا أن الطيارين أكدوا لپ"الحياة" أنهم ملتزمون بجداول الطيران الرسمية. ويقول البعض إن "مصر للطيران" وعدت بتحقيق المطالب، لكن هذا لا يكفي بمفرده، وفي ضوء ذلك، أكد عضو مجلس إدارة رابطة الطيران الجوي المصري الطيار عمرو فضالي لپ"الحياة" إن الطيارين لم ولن يضربوا عن العمل، وأنهم ملتزمون بالجداول الاسبوعية التي تضعها الشركة، وبالرحلات المجدولة، وفترات الاحتياط، والتشغيل والراحة طبقاً للقوانين المحلية والدولية. وزاد أن اضطراب حركة الطيران في الفترة الماضية سببه عجز نظام جداول التشغيل الحالي عن ضمان الانتظام في الرحلات، وتعطل عدد من الرحلات عن الإقلاع في مواعيده لأسباب لا علاقة لها بالطيارين. وأشار فضالي الى أن لرابطة الطيران الجوي المصري مطالب، وتم عرضها على رئيس المؤسسة الوطنية مصر للطيران، ووافق عليها، ووعد بعرضها على إدارة الشركة، لكن ذلك لم يحدث. ويتعلق أبرز مطالب الطيارين بالرواتب، التي تنقسم الى جزأين: الراتب الأساسي والحوافز 2500 جنيه مصري، وبدل الإعاشة الذي يبلغ حده الأقصى 4500 جنيه في حال قيام الطيار برحلات طوال الشهر. أما المطلب الثاني فيتعلق بصندوق زمالة العاملين في شركة "مصر للطيران" والذي أسسه رئيس المؤسسة من دون السماح للطيارين والمهندسين وأطقم الضيافة بالاشتراك فيه. وتساهم المؤسسة في الصندوق بقيمة مالية تساوي ما يدفعه العاملون من الصندوق، أي أن شركة "مصر للطيران" تدفع 50 في المئة من موازنة الصندوق. وقد دعا ذلك رابطة الطيران الجوي المصري الى تأسيس صندوق للزمالة بتمويل ذاتي من أعضاء الرابطة، وذلك من دون الحصول على أي دعم مالي من المؤسسة، ويستفيد من تقدمات الصندوق المشتركون من الطيارين في حالات الوفاة الطبيعية والحوادث، وفقدان اللياقة الطبية، والإحالة الى المعاش المبكر، وبلوغ سن التقاعد. ولجأ الطيارون الى هذا الصندوق الخاص بعدما ملوا من تكرار مطالبهم عبر القنوات الشرعية طوال 18 عاماً. كما يطالب الطيارون برفع قيمة المبلغ المؤمن على الطيارين في حال فقدانه للياقة الطبية، أسوة بما هو متبع في شركات الطيران العالمية أو المحلية أو العاملة في مصر مثل "شركة خدمات البترول للطيران"، إذ تؤمن على قائد الطائرة بمبلغ 50 ألف جنيه مصري في حين أن "مصر للطيران" تؤمن على طياريها بمبلغ 25 ألف جنيه فقط. يذكر أن شركات الطيران العربية والعالمية تؤمن على قائد الطائرة بمبلغ 150 ألف دولار، وذلك في حال فقدانه لياقته الطبية. ويعبر الطيارون عن الظلم الذي يتعرضون له، بقولهم إنه في حال حصول أحدث عامل في مؤسسة "مصر للطيران" على تذكرة مجانية على متن إحدى طائرات المؤسسة، وتعرضه لحادثة، يصرف له مبلغ 75 ألف دولار، في حين يصرف لأقدم طيار في الشركة 25 ألف جنيه في الحادث نفسه، ويطالب الطيارون بتعديل قيمة التأمين التي لم تتغير منذ عام 1979. وأكد الكابتن هاني رضوان ل "الحياة" أن الطيارين العاملين في المؤسسة يتقاضون نصف ما يتقاضاه زملاؤهم العاملون في الشركات العربية. واتهم رضوان المؤسسة الوطنية بأنها - وليس الطيارين - السبب في ارتباك الرحلات. وقال إن التأخير سببه سوء الإدارة. وقال: إن الطيار المصري يحقق أعلى المعدلات في العالم في سرعة فقدانه للياقة البدنية، وذلك لأنه يعمل طوال العام، ويتجاوز الحد المسموح به عالمياً لساعات الطيران. ويؤكد خبير اقتصادات الطيران الدكتور محسن النجار لپ"الحياة" أن الاحتجاج الذي يثيره الطيارون لا يؤثر على اقتصادات الشركة من قريب أو بعيد، وذلك إذا قورن باحتجاجات الطيارين في الخارج. وذكر بالاضراب الذي شنه قبل أشهر طيارو شركة "اميركان آيرلاينزز" والذي اضطر معه الرئيس الاميركي كلينتون الى استخدام سلطاته لإنهائه، بعدما كبد الاضراب الشركة خسائر قدرت بپ200 مليون دولار يومياً. كذلك الاضطراب الذي قام به طيارو شركة "اير فرانس" وقت إقامة كأس العالم لكرة القدم، واضطرار رئيس الوزراء الفرنسي التدخل كوسيط لحل الأزمة. ويشير النجار الى أن الخلاف الحالي في "مصر للطيران" ليس الأول ولن يكون الأخير، فالشركة عامرة بالخلافات بين مختلف القطاعات. ويضيف أنه كلما تشكل مجلس إدارة جديد لرابطة الطيارين، تطفو هذه الخلافات على السطح، إلا أن "ثقافة" حل الخلافات وفض النزاعات ليست متوافرة لدى طرفي النزاع، عكس شركات الطيران الخارجية العالمية، التي تتقن مهارة التفاوض وحل الخلافات. وطالب النجار الحكومة المصرية بالتدخل لوضع دليل لقياس أداء الشركة سواء على مستوى الإدارة أو العاملين أو التشغيل.