تواجه شركات الطيران الخاصة في مصر صعوبات كبيرة تهدد هذا النشاط بالتوقف، وذلك لانخفاض الحركة السياحية منذ حادث الأقصر في العام الماضي. ويناهز عدد شركات الطيران الخاص في مصر 40 شركة، ولا يملك أي من هذه الشركات طائرات تعود اليه ويقوم بتشغيلها، إذ اضطر أغلبها الى تأجير طائراته لشركات أخرى في الخارج، أو بيعها نظراً الى توقف الحركة الجوية. وعلى رغم أن التصريحات الحكومية دائماً ما تشير الى التسهيلات والتيسيرات الممنوحة لشركات الطيران الخاصة، إلا أن حجم أعمال وتشغيل هذه الشركات ما زال منكمشاً الى أقصى الحدود. البعض يؤمن أن الحكومة المصرية وراء إغلاق هذه الشركات، وذلك حتى لا تضار مصلحة الشركة الوطنية مصر للطيران، والبعض الآخر يقول إن السبب هو انعدام الثقة في نشاط الطيران الخاص في مصر. وعن موقف أصحاب شركات الطيران الخاصة في مصر، حذر مصدر مسؤول في شركة "عليم للطيران" الخاصة من ان شركات الطيران الخاصة في مصر تعاني صعوبات بالغة، تجعل هذا النشاط مهدداً بالتوقف، وقال: إن شركته كانت تملك أربع طائرات أجرتها في الخارج في أعقاب انخفاض الحركة الجوية بعد حادث الأقصر الإرهابي. واضاف المصدر: أن إعلان تدني أسعار الرحلات على متن طائرات الشركات الخاصة بالإضافة الى كثرة هذه الشركات في السوق المصرية ساهم في تعقيد موقفها. ورأى ان افتقاد الشركات الخاصة الى الاستمرارية أفقد المصارف وشركات السياحة والمسؤولين في النقل الجوي الثقة فيها، بعدما باتت غير قادرة على الالتزام بسداد المستحقات المالية لدى هيئة الطيران المدني المسؤولة عن إقلاع وهبوط الطائرات. وقال مدير القطاع التجاري في شركة "أوركا اير" للطيران الاقليمي طارق عامر لپ"الحياة": إن المستجدات التي طرأت على مجال الطيران عالمياً جعلت نجاح الشركات الخاصة مرهوناً بقدرتها على الوفاء بالمتطلبات التي تضمن لها التشغيل الاقتصادي والوجود العالمي. وأضاف: العولمة جعلت الشركات العالمية العملاقة تدخل في تحالفات سواء على مستوى الشركات العالمية ذات الخطوط المنتظمة أو شركات الطيران الاقليمي، مشيراً الى ان من أسباب إنهيار هذه الصناعة في مصر ضرب الاسعار، "فأي صناعة لا بد أن تعتمد على أسس ثابتة وقواعد منتظمة". وطالب بتأسيس اتحاد يضم الشركات الخاصة والطيران الاقليمي، والاتفاق على عرف يحل محل القانون في السوق المفتوحة، وميثاق شرف يساعد على شد أزر هذه الصناعة. ومن أبرز مشاكل الطيران الخاص في مصر اختطاف الكفاءات العاملة لدى شركات الطيران، ويقول عامر: إعداد الكوادر الكفء يكلف الشركات مبالغ طائلة، وبعد إعدادها "تخطفها" الشركات الأخرى عن طريق عرض رواتب أعلى أو مزايا خيالية لا تتناسب ومجريات السوق، "وهذا أمر غير أخلاقي". وأكد أن القانون لا يحمي المستثمر في هذا المجال، وذلك على رغم الشروط الجزائية التي تخضع لقانون العمل، التي لا تشكل أية أهمية لدى المتعاقدين. وطالب بتنظيم لقاء بين المستثمرين في مجال الطيران الخاص ورئيس الجمهورية المصري لعرض مشاكلهم ومقترحاتهم. ويقول رئيس لجنة الطيران في غرفة شركات السياحة السيد جورج غبريال: "تمر شركات الطيران الخاصة حالياً بمرحلة خطيرة بسبب حرب الخدمات الأرضية التي تمثل اعباء عالية جداً في التكاليف الداخلية، وذلك في ظل عدم تنفيذ القرارات الصادرة والتسهيلات الممنوحة للطيران الخاص". واشار الى أنه كان مصرحاً لشركات الطيران الخاص في مصر أن تتعامل مع الشركة الوطنية مصر للطيران بالقطعة في الخدمات الأرضية، الا ان صدور قرار وزاري يحتم على الشركات الخاصة في مصر تولي شؤونها مباشرة في مجال الخدمات الأرضية، يكلف شركة الطيران الخاصة تكاليف باهظة، إذ أن الشركات تحتاج الى استثمارات ضخمة لتكون لكل شركة المعدات الأرضية الخاصة بها في كل مطار داخلي تهبط فيه. وتساءل: لماذا لا يتم التعامل مع شركة "مصر للطيران" بالقطعة كما كان الامر في السابق؟ أو تزويد الشركات الخاصة بالمعدات الأرضية التي تحتاج إليها؟ وعن الضغوط والمعوقات الخارجية التي تتعرض لها الشركات، قال: "كل دولة في العالم تحمي شركاتها الخاصة من المنافسة الخارجية وتدعمها للحصول على حقوق النقل الجوي، ولكن في مصر يتم منح الكثير من حقوق النقل للشركات الأجنبية وليس للشركات الخاصة المصرية". ولفت الى ضرورة توافر الخبرة المتكاملة في مجال صناعة الطيران لمن يرغب الدخول في هذا النشاط. وطالب بعدم السماح للشركات الجديدة بالإعلان عن بدء نشاطها، إلا بعد الحصول على شهادة كفاءة التشغيل، بالإضافة الى ضرورة عقد مؤتمر لأصحاب الشركات الخاصة للطيران للاتفاق على ميثاق للعمل بينهم. ويقول رئيس قطاع الطيران في وزارة النقل والمواصلات الدكتور مدحت عرفة لپ"الحياة": "إنه في إطار خطة الدولة لتشجيع شركات الطيران الخاصة ودعم نشاطها، أعادت هيئة الطيران المدني النظر في السياسة التي كانت تقصر ممارسة نشاط الخدمة الأرضية على مصر للطيران والشركة المصرية لخدمات البترول، وتم السماح لشركات الطيران المصرية الخاصة بخدمة طائراتها سواء المملوكة أو المستأجرة، بهدف تخفيف، وليس زيادة أعباء التشغيل". ويضيف: السبب الرئيسي في توقف شركات الطيران الخاصة عن عملها هو انخفاض الحركة السياحية، وإذا كانت هناك شركة سياحية وافدة الى مصر فهي تأتي عن طريق شركات الطيران العارض وليست الشركات الخاصة المصرية. ويشير عرفة الى أن هيئة الطيران المدني أعلنت عن فتح المجال أمام الشركات الخاصة في مصر لاستغلال حقوق النقل الجوي بين مصر وعدد من دول العالم التي أبرمت معها اتفاقات ثنائية، ولا تصل إليها الشركة الوطنية مصر للطيران ويبلغ عدد هذه الدول 50 دولة