نشطت حركة كرة القدم الاوروبية مع عودة المسابقات القارية للاندية والمنتخبات. وتقام ايام الثلثاء والاربعاء والخميس المقبلة مباريات الذهاب في كأس الاتحاد الاوروبي ودوري الابطال وكأس الكؤوس. والاهم طبعاً دوري الابطال حيث سيلعب مانشستر يونايتد الانكليزي مع يوفنتوس الايطالي، ودينامو كييف الاوكراني مع بايرن ميونيخ الالماني. ووجود دينامو كييف تحديداً في هذا الدور المتقدم امر جدير بالتنويه لان الفارق بين امكاناته وامكانات الاندية الثلاثة الاخرى شاسع. لكن مهارات اللاعبين في الاندية الفقيرة قادرة على سد النقص من فترة الى اخرى وفرض نفسها خصوصاً اذا ما تأمن لها مدرب قادر على صهرها. وهذا ما حصل لدينامو ثلاث مرات من قبل عام 1986 حين احرز كأس الكؤوس الاوروبية وعامي 77 و87 عندما بلغ نصف نهائي كأس ابطال اوروبا. والقاسم المشترك بين ما حققه قديماً وبين ما يحققه الآن هو وجود المدرب المخضرم فاليري لوبانوفسكي الذي بدأ مهمته في النادي عام 1970 ولا يزال. ولا يعني هذا ان دينامو كييف بقي "معدماً" كما كان عليه قبل تفتت الجمهوريات السوفياتية. فقبل سنوات قليلة عين المليونير الاوكراني - الاميركي غريغوري سوركيس رئيساً له فأمن له الرعاية المالية اللازمة وبنى له مركزاً تدريبياً تكلف 20 مليون دولار. ولوبانوفسكي، الذي لا يضحك ابداً، حجة في الميدان الخططي لكرة القدم، واسلوبه المفضل والوحيد هو ان يترك المبادرة للخصم ويفرض عليه الايقاع البطيء قبل ان يصير الايقاع سريعاً جداً بفضل الهجمات الاوكرانية المضادة، وهذا ما كان يفعله ايضاً عندما كان مدرباً للمنتخب السوفياتي قديماً، وعندما حاول اتباع الاسلوب ذاته مع لاعبي منتخبي الامارات والكويت بين 1993 و1996 فشل فشلاً ذريعاً فعاد الى بلاده ولم يبق من دون عمل بالتأكيد، فبالاضافة الى عمله في دينامو كييف فإنه المشرف العام على المنتخبات الاوكرانية. اما من حيث الانضباط فإنه مدرب صارم جداً ويطلب من لاعبيه الطاعة العمياء، وهنا ايضاً سبب آخر لاخفاقه الخليجي لانه اعتقد ان طباع البشر واحدة وثقافتهم ايضاً. ومع وجود لوبانوفسكي ورئيس النادي سوركيس وحب الاوكرانيين 53 مليون نسمة للرياضة عامة وكرة القدم خاصة رئيس الاتحاد الاوكراني للكرة ليس الا رئيس الوزراء ليونيد كوتشما، ارتقى مستوى الفريق ومستوى المنتخب كذلك، لان 7 من لاعبي المنتخب الاساسيين هم من دينامو، والاربعة الآخرون هم سكاتشينكو طوربيدو موسكو الروسي وميكيتين وبوبوف وكوفاليوف شاختيور دونتسك. وعليه، يحفظ لاعبو المنتخب بعضهم عن ظهر قلب لانتماء معظمهم الى ناد واحد. وعلى ارض الملعب هناك نجم اول، مع ان لوبانوفسكي لا يحب النجوم، هو اندري تشيفتشينكو. ولان الالقاب موضة، فان اللقب المحلي لهذا اللاعب هو "رونالدو الابيض". ويعد تشيفتشينكو، المولود في 29 آذار مارس 1976 في قرية ياهوتين التي تبعد 100 كلم عن كييف ويسكنها 50 الف شخص، من امهر المهاجمين في العالم حالياً. يمتاز بسرعة انطلاقاته على غرار رونالدو، ويكفي انه قام بدور الجزار عندما سجل هدفاً في مرمى ريال مدريد الاسباني حامل اللقب في مباراة الذهاب من الدور ربع النهائي 1-1 ثم هدفي مباراة الاياب 2- صفر. وخاض تشيفتشينكو 103 مباريات في الدوري المحلي فسجل 49 هدفاً و25 مباراة في كؤوس اوروبا فسجل 15 هدفاً ولعب 19 مباراة دولية سجل فيها 6 أهداف. ولتفوقه، ضمن ميلان الايطالي أواخر العام الماضي سينضم الى صفوفه اعتباراً من الموسم المقبل في مقابل 22 مليون دولار. وهناك سيكون بمقدور الجميع مشاهدة رونالدو الحقيقي، الذي يلعب لانتر ميلان، ورونالدو الابيض. وبعد الفوز على ريال مدريد، قال لوبانوفسكي في مؤتمره الصحافي "شكراً لتصفيقكم، ما من مدرب يقتنع بما يقدمه فريقه لكنني مرتاح وارى ان الغد واعد"... وبطريقة غير مباشرة، يعني لوبانوفسكي ان فريقه قادر على ازاحة بايرن والتقدم نحو نهائي دوري ابطال اوروبا الذي سيقام في 26 ايار مايو. بالطبع، لن يكون بايرن خصماً سهلاً، بل ان مديره أولي هوينيس يؤكد: "انه افضل فريق في النادي منذ 20 عاماً اي منذ ان احرزنا كأس الابطال للمرة الثالثة والاخيرة عام 1976". ويحارب بايرن على ثلاث جبهات: دوري ابطال اوروبا، وكأس المانيا التي سيواجه في مباراتها النهائية خصمه فيردر بريمن، وبطولة الدوري الالماني... وقد ضمن فعلاً الفوز بالدوري للمرة الخامسة عشرة رقم قياسي. ويقول ظهير بايرن ومنتخب فرنسا ليزارازو "الفريق متوازن وقادر على تبادل الكرة بشكل ينهك الخصم... وهو قوي ايضاً بدنياً وعقلياً". ويلعب في صفوف بايرن الذي يدربه اوتمار هيتسفيلد الدوليون الحاليون والسابقون: اوليفر كان وماتيوس ويريميز وهيلمر وايفنبرغ وبازلر وشترونتس وتارنات وشول ويانكر وتسيكلر والايراني علي دائي والبوسني صالح حميدزيتش والبرازيلي ايلبير... واصيب هذا الاخير في ركبته وسيغيب عن الملاعب حتى اخر الموسم... وقبل مباراة الاياب ضد كايزرسلاوترن الالماني في اياب ربع النهائي خاف انصار بايرن من غياب ايلبير باعتباره الهداف الاول، فقال بازلر "اسم نادينا هو أ ف سي بايرن وليس أف سي ايلبير"! وبالفعل، فاز بايرن خارج ارضه باربعة اهداف مع انه لم يفز على ارضه ذهاباً الا بهدفين. مانشستر ويوفنتوس وعلى الطرف الآخر، هناك المواجهتان المنتظرتان بين اقوى واغنى اندية اوروبا مانشستر يونايتد ويوفنتوس. انكليزياً، تبدو المعنويات في القمة، ويقول حارس الفريق وهو الدنماركي شمايكل "حتى نتقدم بعيداً لا بد من ازاحة فريق ايطالي او اكثر. ازحنا انتر ميلان ويبقى امامنا يوفنتوس. نضج الفريق وهجومه هو الاقوى 23 هدفاً وصار قادراً على التأقلم مع مختلف الظروف وهو اقوى دفاعياً عما كان عليه الموسم الماضي". اما قائد الفريق الانكليزي روي كين فيقول "صرنا منضبطين اكثر واشد ثقة واخطاؤنا اقل ولم نرتبك ابداً عندما لعبنا ضد انتر ميلان امام 80 الف متفرج خصوصاً عندما تأخرنا بهدف... انها سنتنا ربما لاننا نملك فرصة الفوز باللقب الاوروبي وبالدوري المحلي وبكأس انكلترا ايضاً". ويذكر قلب الدفاع النروجي هينيغ برغ "نخوض حالياً افضل موسم لنا دفاعياً باعتبار اننا تعادلنا خارج ارضنا مع بايرن 2-2 وبرشلونة 3-3 وميلانو 1-1... لم نخسر اي مباراة، والاهم من كل ذلك ان احتياطنا قوي". ويؤكد رئيس مانشستر يونايتد مارتن ادواردز "بات الفريق يملك الخبرة الكافية ليفوز بالكأس بعد انتظار طويل اي منذ 1968، وفرصته افضل من فرص الاندية الثلاثة الاخرى... انفقنا الكثير في بداية الموسم وبذكاء 18 مليون دولار لضم قلب الدفاع الهولندي ياب ستام و20 مليون دولار لضم المهاجم الترينيدادي دوايت يورك وقد وفقنا في ما فعلنا". وعلى غير العادة، تبدو فرصة يوفنتوس اقل من فرصة الفرق الثلاثة الاخرى. ذلك انه مر بظروف صعبة منها اصابة احد نجومه منذ مطلع الموسم وهو دل بييرو، ثم اقالة المدرب مارتشيلو ليبّي وتعيين كارلو انشيلوتي مكانه. الى ذلك فإن نجوم يوفنتوس تعبوا خصوصاً الفرنسيين زيدان وديشان. وفي حدث نادر، غاب زيدان عن مباراة فرنسا واوكرانيا السبت الماضي في تصفيات امم اوروبا، وربما يستعيد انفاسه ويصبح اكثر نشاطاً بعدما ارتاح نحو 10 ايام قبل مواجهة مانشستر. وبالنسبة الى ديشان فإنه يقول "مع يوفنتوس لا يوجد مستحيل".