بغداد، طهران، الجزائر، طرابلس - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - كانت أبرز ردود الفعل على الغارات الأطلسية على يوغوسلافيا خارج أوروبا، خصوصاً في الشرق الأوسط، رد الفعل العراقي الذي عبرت عنه صحيفة "الثورة" نقلاً عن الرئيس صدام حسين الذي قال ان "اليوغوسلاف تعلموا الدرس العراقي"، وأضافت "الثورة" ان الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش "اقتبس سياسات صدام حسين في مواجهة الولاياتالمتحدة". في بغداد ذكرت صحيفة "الثورة" الرسمية أمس ان ميلوشيفيتش اقتبس سياسات صدام حسين في مواجهته للولايات المتحدة. ونقلت "الثورة" عن الرئيس العراقي قوله في شباط فبراير الماضي ان اليوغوسلاف عندما تعرضوا للتهديد تعاملوا مع الأمر ببساطة، وتساءل: علام يستند اليوغوسلاف؟ وأضافت نقلا عن صدام حسين ان اليوغوسلاف تعلموا الدرس العراقي، ليس بالمعنى التقني، بل بالمعنى الاستراتيجي، فهذه الأسلحة التي يستخدمونها لترويع العالم غير قادرة على تغيير شيء. وتساءلت "الثورة" في افتتاحيتها: "لماذا تستخدم واشنطن مرة تلو الأخرى الطائرات والصواريخ ضد بغداد وبلغراد ومناطق أخرى في العالم لحل مشاكل سياسية بدلاً من استخدام الحوار والتفاهم" ايران حمّلت ايران ميلوشيفيتش مسؤولية تدهور الأوضاع في البلقان ما أدى الى "خيار عسكري قد تمتد نيرانه الى المحيط بكامله"، واعتبرت في الوقت نفسه ان قرار الحلف الأطلسي باللجوء الى الحل العسكري "لم يستند الى مسوغ قانوني مشروع من مجلس الأمن الدولي"، وأكدت طهران استعدادها "للمساهمة في الحل السلمي". وفي بيان رسمي حصلت "الحياة" على نسخة منه، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي عن "قلق الجمهورية الاسلامية العميق لتدهور الأوضاع في البلقان وأسفها الشديد للخيار العسكري الذي لجأ اليه الحلف الأطلسي"، لكن بدا واضحاً ان طهران تحمّل "قيادة الصرب" مسؤولية "المأساة القائمة" إذ أشار آصفي بسلبية بالغة الى "تعنت حكومة بلغراد خصوصاً بعدما علقت العمل بدستور 1974 والغت ما كانت تتمتع به كوسوفو من حكم ذاتي من جانب واحد، وتابع آصفي بأن سياسة ميلوشيفيتش "خصوصاً خلال السنة الأخيرة حرمت البان كوسوفو من حقوقهم المشروعة" ورأت طهران ان استمرار تدهور الأوضاع في كوسوفو بعد وصول الأزمة الى مرحلة الخيار العسكري "قد يشعل النيران في منطقة البلقان بكاملها ويمتد لهيبها الى محيط أوسع". الجزائر دانت الجزائر أمس الخيار الأطلسي ضد يوغوسلافيا، ودعت الى تسوية الأزمة بالطرق الديبلوماسية. وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية ان "الموقف المبدئي للجزائر يكمن في رفضها اللجوء الى استخدام القوة لحل الخلافات الدولية" وسجل تتبعها من كثب "التطورات الخطيرة" في اعقاب العمليات العسكرية. جاء في البيان "ان الحكومة الجزائرية تدين اللجوء الى الخيار الذي أقرته دول الحلف الأطلسي ضد يوغوسلافيا وندعو الى التسوية الديبلوماسية لأزمة كوسوفو وضمان الحقوق المشروعة لألبان الاقليم. ليبيا وأجرى الرئيس الليبي معمر القذافي اتصالات مكثفة مع ميلوشيفيتش وعدد من زعماء العالم لمتابعة الجهود المبذولة من أجل الحيلولة دون وقوع كارثة لا تحمد عقباها. وأكد ميلوشيفيتش خلال الاتصال انه مستعد لقبول أي حل سلمي، ولكنه لا يقبل بأن يفرضوا عليه حلاً بالقوة، ولا يقبل أي تواجد أجنبي فوق أرض بلاده. مصر وفي القاهرة، صرح وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى ان مصر تتابع الوضع في كوسوفو منذ بدايته بقلق شديد، وقال إنه لا يمكن لأي انسان او حكومة أو شعب ان يقبل ما حدث وما كان يحدث للشعب في كوسوفو حيث كان خرق حقوق الانسان امراً خطيراً للغاية وغير مبرر او مقبول. واضاف موسى، في تصريحات صحافية امس، ان التعامل مع هذا الامر من صلب اختصاص مجلس الامن والامم المتحدة، مشيراً الى انه كان من الضروري والمهم قبول الوساطات والمشروعات التي طرحت، ولكن الرفض الصربي ادى الى الوضع الحالي. واستطرد: "مما لا شك فيه ان مصر لا تزال تتابع هذا الموضوع وكلنا رغبة في انهاء المشكلة الخطيرة التي قامت بين الصرب وكسوفو"، مؤكداً ان افضل الطرق هو قبول المشروع الذي كان مطروحاً على الجانبين ووافق عليه ألبان كوسوفو. لبنان وفي بيروت، اطلع رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص من القائم بالأعمال اليوغوسلافي في لبنان فيليبورد دولوبيتش على تفاصيل العمليات العسكرية. وقال دولوبيتش انه طلب من الحص "التضامن والدعم"، ناقلاً عنه "ان لبنان سيتخذ الموقف الذي تتخذه الدول العربية". وتسلم الأمين العام لوزارة الخارجية السفير ظافر الحسن من السفير الروسي لدى لبنان اوليغ بيريسبكين نص البيان الصادر عن الرئيس الروسي بوريس يلتسين وأكد فيه ان بلاده ستعيد النظر في علاقاتها مع الاطلسي. ووصف السفير الروسي العملية العسكرية بأنها "عدوان سافر لا مبرر له" رافضاً ما يتذرع به الاطلسي، ومستغرباً شن هجمات عسكرية على الصرب بسبب نزاع داخلي. وسأل "ماذا بعد القصف؟ وهل تحل المشكلة؟ ألم يكن اجدى الاستمرار في التحاور عبر لجنة الوساطة؟". ورأى "ان الاميركيين يريدون ممارسة دور الشرطي الدولي كما فعلوا في العراق والسودان وأفغانستان" معتبراً ان كلينتون "ارتكب خطأ". كذلك سلّم القائم بالأعمال الأميركي في لبنان ديفيد هيل مدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية السفير سمير خوري رسالة تتعلق بالموقف الاميركي من الوضع في كوسوفو. وتبلغت وزارة الخارجية من سفير لبنان في بلغراد نصرت الأسعد ان الجالية اللبنانية في يوغوسلافيا بخير ولم يتعرض افرادها للأذى نتيجة القصف.