قال وزير التخصيص والقطاع العام المغربي رشيد الفيلالي ل "الحياة" امس ان الحكومة المغربية عرضت على البرلمان مشروع قانون بشطب 36 شركة عامة من لائحة التخصيص، منها "البنك الشعبي" أكبر مصرف قطاع عام في المغرب، ضمن صيغة جديدة لقانون التخصيص لتفعيل الاقتصاد الوطني والغاء الجدول الزمني لبرنامج التخصيص. وأشار الوزير المغربي، الذي كان يتحدث على هامش اجتماع للجنة مالية فرعية، ان تخصيص "البنك الشعبي" لم يعد وارداً بسبب حاجة الاقتصاد المحلي الى مصرف من هذا الحجم، فضلاً عن صعوبة تخصيصه بفعل الحاجة الى تغيير قانونه الأساسي، ما يجعل استمراره تحت اشراف القطاع العام من مصلحة الوطن. وتملك الدولة حصة تقدر بنحو 98 في المئة. وفي المقابل سيتم تخصيص كل من "بنك القرض العقاري والسياحي" و"البنك الوطني للانماء الاقتصادي". وتأسيس "البنك الشعبي" عام 1959 في فترة توسع مصارف القطاع العام المغربي، وهو عضو في الفيديرالية الدولية لمصارف "القرض الشعبي" التي تتخذ من باريس مقراً لها، ويحتل المرتبة 16 في ترتيب المصارف العربية الكبرى ويأتي بعد "بنك الخليج الدولي" في البحرين وقبل "بنك أبوظبي الوطني" الاماراتي. ويقدر رأس مال "البنك الشعبي"، وهو تجمع لمصارف محلية عدة، بنحو 570 مليون دولار حسب احصاءات عام 1997. وبلغ حجم نشاطه العام الماضي أكثر من سبعة بلايين دولار وحقق أرباحاً قدرت بنحو 52 مليون دولار. وحققت أعماله نمواً نسبته 14.8 في المئة وبلغ العائد على سهمه تسعة في المئة. من جهة أخرى كشف الوزير المغربي ل "الحياة" ان تخصيص "شركة اتصالات المغرب" العملاقة سيتم مطلع السنة 2000 وسيكون أكبر عملية تخصيص من نوعها في المغرب، ويهدف الى جلب شركاء دوليين الى قطاع الاتصالات المغربية. وتقدر جهات مستقلة أصول الشركة بنحو 1.4 بليون دولار وهي تشغل 25 ألف من المستخدمين وتملك 1.5 مليون خط هاتفي تقليدي و160 ألف خط خليوي. واعتبر رشيد الفيلالي ان برنامج التخصيص أداة لتفعيل الاقتصاد المغربي وليست عملية لتمويل موازنة الدولة على رغم أهمية الجانب المالي الذي يرافق التخصيص والذي يستهدف منه "تحرير الدولة من التدبير المباشر للاقتصاد". واعتبر ان الشركات العامة التي ستخصص تتمتع بالسلامة المالية والبنية الهيكلية المتينة وهي خضعت للتدقيق المحاسبي. ويقترح مشروع شطب شركات من برنامج التخصيص، الذي تعرضه الحكومة على البرلمان، ادخال تعديلات جوهرية على القانون الأصلي للتخصيص الذي يعود الى عام 1989. وقال الوزير ان الحكومة قررت شطب 36 شركة من أصل 61 شركة بقيت في اللائحة الأصلية التي كانت تضم 114 شركة. وشطبت المؤسسات التي لم يعد لها وجود قانوني بحكم حلها أو ادماجها مع شركات أخرى أو لوجود مشاكل مستعصية تحول دون تخصيصها ومنها 11 شركة مفلسة وهي في طريق الحل القضائي وست شركات لانتاج السكر تم دمجها مع ثلاث شركات أخرى وعشر شركات تابعة لصندوق الايداع والتدبير تقرر الاحتفاظ بمساهماتها لتنمية مواردها المالية، اضافة الى ثلاث شركات زراعية تم العدول عن بيعها والاكتفاء بتأجير أراضيها للقطاع الخاص. ويعقد البرلمان المغربي بغرفتيه حالياً دورة اسثنائية لمناقشة قانون التخصيص في صيغة جديدة بعد ان رفضه مجلس المستشارين في نهاية العام الماضي وبعد ان صوتت ضده نقابة الكونفيديرالية العامة للشغل المقربة من الاتحاد الاشتراكي المشارك في الحكومة. ونتيجة ذلك لم تتمكن الحكومة من انجاز أي عملية تخصيص منذ توليها الحكم قبل عام، ما أضاع على موارد الخزينة مبالغ كانت مقررة بقيمة 200 مليون دولار على الأقل. وكشفت مصادر مالية ل "الحياة" ان تأخر تنفيذ برنامج التخصيص وتقلص مداخيل الجمارك طبقاً لبنود منظمة التجارة الدولية والشراكة الأوروبية أحدث عجزاً في ايرادات الخزانة تقدر بنحو 440 مليون دولار، ما زاد في عجز الموازنة الى أكثر من 3.5 في المئة من اجمالي الناتج القومي. وتبدو مداخيل التخصيص ضرورية في المرحلة المقبلة لتنفيذ برامج الاستثمار الواردة في الخطة الخمسية 1999 - 2003 التي ستعرض على البرلمان في الخريف المقبل.