"بعت قطع ارض ودخلت عالم التجارة لكنني أتكتم الآن على نشاطي لئلا اتهم بالتبعية لأسامة بن لادن"، قال موريتاني جند قلمه للدفاع عن الرئيس معاوية ولد الطايع وسب خصومه خلال السنوات الاخيرة، قبل ان تكسر الجهات العليا القلم في ظروف غامضة وترغم صاحبه "المزعج" بموالاته الزائدة على الانسحاب الى الظل من دون ضجة. ومثلما استغرب الموريتانيون إجهاز السلطات على "صاحبنا" وغيره من "عتاة" الموالاة، ترتسم الدهشة هذه الأيام على وجوه "الناس" في نواكشوط وهم يسمعون الأنباء عن "تفكيك شبكة ابن لادن" الموريتانية، اذ اعتقلت السلطات اخيراً عدداً من المغمورين بتهمة الانتماء الى "شبكة ذات صلة باسامة بن لادن". وفي غياب معلومات دقيقة عن هؤلاء يبقى من الصعب تأكيد براءتهم. فالموريتاني المتابع لما جرى في البلد خلال السنوات الخمس عشرة الماضية يرى في اعتقالهم تكراراً لتجارب سابقة أملاها على السلطات البحث عن مصالح سياسية معينة. ويربط مراقبون بين الاعتقالات الاخيرة وتلك التي نفذت في صفوف الاسلاميين عام 1994، وأذاع التلفزيون الحكومي بعدها نبأ اكتشاف "شبكة إرهابية مسلحة" ولكن اتضح في النهاية ان الأمر كان "مسرحية" أمنية في ظل اهتمام اميركي بالظاهرة الأصولية. وكانت علاقات الحكومة الموريتانية والولاياتالمتحدة آنذاك سيئة الى درجة ان السفير الاميركي في نواكشوط كان يشهر بالسلطات في الصحف المحلية. ويعتقد كثيرون ان الحكومة الموريتانية تشن حملة الاعتقالات الآن امعاناً في ارضاء الولاياتالمتحدة. ويستند اصحاب هذا الرأي الى تجارب اخرى غير التجربة مع الاسلاميين استخدمت فيها السلطات الاعتقالات لخدمة السياسة الخارجية، ومنها الاعتقالات في صفوف البعثيين حين ارادت السلطات قطع علاقاتها مع العراق لإرضاء الكويتيين الغاضبين بسبب دعم نظام الحكم العراق اثناء حرب الخليج، اذ تحدثت السلطات الموريتانية عن تكوين العراق شبكة تجسس داخل الجيش، واعتقلت البعثيين الموريتانيين وقدمتهم للمحاكمة، وصدرت احكام بحقهم. لكن القضاء برّأهم بعدما طعن محاموهم في هذه الاحكام و…هدأت الاوضاع. وافرج عن البعثيين بعدما طردت السلطات السفير العراقي محققة الهدف المنشود من "فبركة" المؤامرة البعثية.