تعيش موريتانيا منذ منتصف ليل السبت الأحد، حالة من التوتر وعدم الاستقرار بعد أن سادت الفوضى وأعمال السلب والنهب في العاصمة نواكشوط خلال محاولة الانقلاب التي تشهدها منطقة قصر الرئاسة، حيث استمر اطلاق النيران الكثيفة وتصاعدت أعمدة الدخان فوق مقر الرئاسة، في أخطر تهديد يواجهه الرئيس معاوية ولد سيد أحمد طايع منذ توليه السلطة في انقلاب عام 1984. وقال مقيمون قرب قصر الرئاسة إن القوات المعارضة دخلت مكتب الرئيس بعد فرار حراسه من مقر الحكم الذي لحقت به أضرار بليغة وبات الانقلابيون يسيطرون عليه بحسب الشهود. وأعلن ضابط اعلى في قوات الدرك في اتصال هاتفي اجرته معه وكالة الانباء المغربية من الرباط ان محاولة الانقلاب الجارية منذ ليل السبت الاحد في موريتانيا يقودها صلاح ولد حنانة، العقيد المقال في فرقة المدرعات بالجيش الموريتاني العام الماضي. واوضح الضابط ان ولد حنانة معروف بافكاره البعثية، مشيرا الى ان له شركاء في صفوف فرقة المدرعات وسلاح الجو. وقال ان قائد فرقة المدرعات ولد الغزواني يقوم بدوره خارج البلاد. واضاف الضابط الكبير في الدرك الموريتاني للوكالة المغربية ان القوات الموالية للحكومة كانت تنتظر بعد ظهر امس الاحد وصول تعزيزات من شمال موريتانيا وجنوبها. وقد أعلنت السلطات الموريتانية صباح أمس، احباط محاولة الانقلاب، غير ان الوضع ظل غامضا طوال نهار وليل أمس، حيث انتشرت أعمال السلب والنهب في العاصمة نواكشوط، وفتحت السجون بإمرة السلاح وفر مئات السجناء من السجن المركزي بعدما اختفى حراسه اثناء الفوضى. واستهدفت عمليات النهب خصوصا مبنى الاذاعة الذي قال شهود عيان ان اي عسكري لم يعد يحرسه منذ قبيل ظهر أمس، كما نهبت وزارة التربية وادارة الجمارك وغيرها من ادارات الخدمات العامة. وقال هؤلاء الشهود ان عمليات النهب بدأت بعد ان تخلى حراس السجن المدني المجاور لمقر قيادة هيئة اركان الدرك، عن مواقعهم وتركوا السجناء ينتشرون في المدينة. واضافوا ان متطوعين انضموا الى رجال في الشرطة لمحاولة وقف الذين يقومون بعمليات النهب. وقال مقيمون ان جنودا معارضين دخلوا مقر الرئاسة في نواكشوط بعد فرار القوات الموالية للرئيس معاوية ولد سيد احمد الطايع واندلعت اشتباكات في شوارع العاصمة في محاولة انقلاب ضد الطايع المؤيد لاسرائيل الذي شن في الآونة الاخيرة حملة صارمة على المعارضين من الاسلاميين والبعثيين. وقال احد المقيمين على بعد بضع مئات من الامتار من مقر الرئاسة: قال لنا الجنود الموالون انه لم يعد بمقدورهم الصمود. وقال مقيمون انهم يعتقدون ان محاولة الانقلاب هذه من تدبير ضباط صغار من وحدة مدرعة ومن القوات الجوية من التيار المعارض. وتفجرت حالة من التوتر في موريتانيا في اعقاب الحرب التي قادتها الولاياتالمتحدة على العراق فيما شنت الحكومة حملة صارمة على من يشتبه في انهم اسلاميون وساسة من المؤيدين للرئيس العراقي المعزول صدام حسين. وتشيع حالة من التذمر في موريتانيا ضد علاقات الطايع مع اسرائيل. وقال سكان ان قذائف الهاون ونيران الاسلحة الخفيفة انطلقت نحو الساعة 45ر1 قبل فجر السبت قرب قصر الرئيس الذي استولى على الحكم في انقلاب عام 1984 قبل ان يفوز في انتخابات جرت عام 1997. وكانت مصادر مقربة من الرئيس قالت انه في مكان آمن، في حين نفت باريس أنه لجأ اليها، كما ذكرت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) في وقت سابق. وأكد دبلوماسي فرنسي في باريس لوكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس) إن الطايع ليس في السفارة الفرنسية. وكان من المتوقع ان يرشح الطايع نفسه مرة اخرى في الانتخابات الرئاسية المقررة هذا العام. ويقوم اقتصاد البلاد البالغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة على استخراج الحديد وصيد الاسماك واكتشفت مؤخرا آبار بترول ساحلية. وكانت الاذاعة الموريتانية قد أعلنت أن الطايع استعاد السيطرة بالكامل وناشد المواطنين التزام الهدوء لكن ارسال الراديو قطع بعد 45 دقيقة من ذلك الاعلان. وقالت مصادر مقربة من الرئيس انه في مكان آمن هو وعائلته. وقال احد السكان ان العشرات جرحوا والمستشفيات تبذل ما في وسعها لتتكيف مع الوضع. وقد وجهت الحكومة في وقت سابق من هذا الشهر، اتهامات لاثنين وثلاثين من الزعماء الاسلاميين بتهديد الامن القومي. وغالبا ما تشكو جماعات حقوق الانسان من اساليب التعذيب التي تلجأ اليها الحكومة. وتنتشر حالة استياء عام في موريتانيا بسبب علاقات الطايع الطويلة مع اسرائيل. وفي عام 1999 كانت موريتانيا ثالث دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل بعد مصر والأردن. وتساعد اسرائيل موريتانيا في مجال الزراعة وتقوم ببناء مستشفى. ويقول دبلوماسيون ان الاسرائيليين يقدمون مساعدة مباشرة لجهاز الامن الموريتاني. ويقوم اقتصاد المستعمرة الفرنسية السابقة البالغ عدد سكانها اقل من ثلاثة ملايين على استخراج الحديد وصيد الاسماك واكتشفت مؤخرا آبار بترول ساحلية.