لندن - "الحياة"، رويترز، أ ب - استعادت العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، ظهر امس الثلثاء معظم الخسائر التي تكبدتها ازاء الدولار الاميركي، والتي أعقبت الاستقالة الجماعية للأعضاء الپ20 في المفوضية الأوروبية في بروكسيل، اثر نشر تقرير مستقل عن الفساد في المفوضية، وجه انتقادات شديدة اليها، واتهم بعض الجهات العليا فيها بتجاوزات مالية. ونزل اليورو صباحاً في أوروبا الى 1.0810 دولار قبل ان يعاود الارتفاع الى نحو 1.09 دولار، مسترداً معظم خسائره الصباحية. وكان اغلق في أوروبا أول من أمس عند 1.0925 دولار. وعلى صعيد الأسهم، كان تأثير الأزمة في المفوضية الأوروبية محدوداً على الأسواق، اذ ارتفعت بورصة فرانكفورت 1.30 في المئة لتغلق عند 5094.63 نقطة، فيما حققت بورصتا لندنوباريس مكاسب جيدة في بداية التداول قبل ان تفقدا هذه المكاسب، وتغلق باريس بارتفاع 0.03 في المئة عند 4186.35 نقطة ومؤشر "فايننشال تايمز" بانخفاض 4.9 نقطة عند 6201.9 نقطة. ومن العوامل التي شجعت الأسواق الأوروبية اغلاق مؤشر "داو جونز" اول من امس عند مستوى قياسي بلغ 9958.77 نقطة، حيث كانت تفصله نحو 40 نقطة فقط عن حاجز 10 آلاف نقطة. الا ان المؤشر تجاوز أمس هذا الحاجز بعد 20 دقيقة من بدء التداول في نيويورك. لكن ما أن لامس هذا المستوى، حتى تراجع دون 10 آلاف نقطة. وكان يراوح في الرابعة والدقيقة 43 بتوقيت غرينتش عند 9956.55 نقطة. كذلك لم تؤثر الأزمة كثيراً في سوق السندات، مع تجاهل المتداولين لاحقاً نبأ الاستقالة الجماعية لأعضاء المفوضية الأوروبية، بعد تراجع الاسعار في البداية فور اذاعة النبأ. وقال محللون ان مقاومة اليورو وأسواق السندات والأسهم الأوروبية وتغلبها على انعكاسات الاستقالة يعكسان الدور الصغير الذي تلعبه المفوضية في رسم السياسة الاقتصادية الأوروبية. وأضافوا ان الأسواق ادركت هذا الواقع وان قرارات البنك المركزي الأوروبي هي التي تؤثر خصوصاً على السياسة المالية وبالتالي على العملة الموحدة. وأشار بعضهم حتى الى ان الازمة في المفوضية قد تكون لها انعكاسات ايجابية على الاسواق، اذ ان التقرير عن الفساد قد يكون حافزاً على المزيد من الشفافية في هيئات الاتحاد الأوروبي. ولخص احد المحللين الموقف بقوله "ان الاستقالة الجماعية خلقت فوضى، لكنها لم تؤد الى هلع". وقال ايان لندسي، المسؤول عن استراتيجية الأسواق في "بنك مونتريال" في لندن انه "يجب النظر الى الحدث من زاوية انه سيحسن صورة الاتحاد الأوروبي في الأمد الطويل". وفي رسالة الى عملائه، قال المصرف الفرنسي "باريبا" ان الاستقالة ضربة لصدقية مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وقد تعني ان البنوك المركزية والمستثمرين الآخرين قد يؤجلون شراء اليورو في الأمد القصير. لكنه أضاف "ان العامل الرئيسي الذي سيحدد قوة اليورو هو القوة النسبية للاقتصاد الأوروبي بالمقارنة مع الاقتصادات الاخرى". ومهما يكن الأمر، فان الاتحاد الأوروبي المؤلف من 15 دولة، دخل نتيجة استقالة اعضاء المفوضية، في أزمة سياسية قبل ايام من قمة تهدف الى اتخاذ قرارات مهمة في شأن اجراء اصلاحات مالية. وتأتي هذه الازمة بعد 10 اسابيع من طرح العملة الموحدة وقبل ايام من قمة الاتحاد في برلين في 24 و25 آذار مارس الجاري، والتي تهدف الى اجراء اصلاحات في موازنة الاتحاد والتي يصل رقمها الاجمالي الى 85 بليون يورو 93 بليون دولار، من اجل تمويل دخول 12 دولة الى الاتحاد معظمها دول اشتراكية سابقة في أوروبا الشرقية. وقال جيمس ماكاي رئيس ادارة وحدة الابحاث في "كومنولث بنك استراليا" في لندن "انها ازمة سياسية".