وضع مسؤولون سياسيون من مختلف أنحاء العالم خطة إنقاذ طارئة قيمتها تريليون دولار تقريبا لإشاعة الاستقرار في أسواق المال العالمية وتسوية أزمة ديون اليونان التي هددت بانهيار اليورو وقوضت الوحدة في المنطقة التي تستخدم العملة الموحدة. وتعد خطة الإنقاذ - التي صاغها وزراء مالية الاتحاد الأوروبي ومسؤولون من البنوك المركزية الأوروبية مع صندوق النقد الدولي خلال محادثات ماراثونية جرت مطلع الأسبوع - الأكبر في أكثر من عامين حينما اتفق زعماء مجموعة العشرين على ضخ أموال في الاقتصاد العالمي في أعقاب انهيار بنك ليمان براذرز. وأعاد مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي العمل بتسهيلات مبادلة العملات مع الكثير من البنوك المركزية في مسعى لطمأنة الأسواق بشأن سيولة الدولار وقال البنك المركزي الأوروبي إنه سيشتري سندات حكومية لتهدئة مخاوف المستثمرين. وقال بيتر موريس الأستاذ في جامعة ماريلاند "من خلال توفير تمويل قيمته 750 ملياريورولإنقاذ اليونان ومساعدة حكومات أخرى محاطة بالمشكلات تطارد ألمانيا ودول أوروبية قوية أخرى حلم عملة أوروبية موحدة ووحدة أوروبية أوسع ربما لا وجود لهما على أرض الواقع." وتزيد قيمة التدابير الطارئة عن أية محاولات سابقة لتهدئة الأسواق من جانب الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة أومنطقة اليورو التي تضم 16 بلدا. وصرح أولي رين مفوض الشؤون النقدية في الاتحاد في مؤتمر صحفي بأن الحزمة "تبرهن على أننا سندافع عن اليورو بكل ما نستطيع". وجاء الاتفاق في مطلع الأسبوع بعد أن دفعت أزمة اليونان المثقلة بالديون عوائد السندات السيادية والتأمين على هذه الديون إلى مستويات قياسية ألقى وزير المالية السويدي باللوم فيها على "سلوكيات تحين الفرص" التي تتبعها أسواق المال. ويرى البعض أن الخطوة على الأقل منحت أوروبا بعض الوقت لتهدئة أسواق السندات الحكومية لكن مؤسسة هاي فريكونسي إيكونوميكس قالت في مذكرة بحثية إن الحزمة "لا تزال غامضة بصورة تجعلها تستعصي على الفهم". وتضم الحزمة التي تبلغ قيمتها تريليون دولار نحو 440 مليار يورو من الضمانات المقدمة من دول منطقة اليورو إلى جانب 60 مليارا في صندوق أوروبي. وقال وزارء المالية الأوروبيون إن من المتوقع أن يساهم صندوق النقد بنحو 250 مليار يورو وهو ما يرفع إجمالي المساعدات إلى 750 مليار يورو أو نحو تريليون دولار. ولم يقدم رئيس الصندوق دومينيك ستراوس كان أية تفاصيل محددة لكنه قال إن تحركات الصندوق ستكون على أساس حالة كل بلد . وسجلت الأسواق المالية العالمية أمس انتعاشا لافتا مدعومة بخطة إنقاذ منطقة اليورو ، حيث رحب المسؤولون الأوروبيون بهذا الاتفاق الذي سيؤدي بحسب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو إلى "إفشال" هجمات المضاربين، مع التشديد في الوقت نفسه على ضرورة اعتماد الحزم في ضبط الحسابات العامة والتي ينبغي أن ترافق هذا الاتفاق. وتعبيرا عن انتعاش الأسواق، عاد سعر صرف اليورو إلى تجاوز العتبة الرمزية 1.30 دولار، حيث تم التداول به ب 1.3028 دولار. وكان سعر صرف العملة الأوروبية سجل الخميس أدنى مستوى له منذ مارس 2009 أمام العملة الأمريكية مع 1.2523دولار بسبب مخاوف من انتقال عدوى الأزمة اليونانية إلى دول أخرى في منطقة اليورو. أما بالنسبة إلى البورصات، فقد انتعشت هي الأخرى مقارنة بانهيارها طيلة الأسبوع الماضي. فسجلت بورصتا باريس وبروكسل ارتفاعا تجاوز 8% في حين سجلت بورصة أثينا وفيينا أكثر من 7% وتخطت بورصتا فرانكفورت ولندن نسبة 5%، على الرغم من أن هذه الأخيرة تواجه مخاوف سياسية تتعلق بالسياسة الداخلية. أما الارتفاع الأكبر فقد سجل في الدول الثلاث التي كانت الأكثر تعرضا الأسبوع الماضي، بحيث سجلت بورصة لشبونة زيادة فاقت 9% في حين فاقت بورصة ميلانو نسبة 10% ومدريد اكثر من 11%. وكانت آسيا تفاعلت ايجابيا حيث سجل مؤشر الأسهم اليابانية زيادة قدرها 1.6% ومؤشر هونج كونج 2.5% . ورأى رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو أن الخطة "ستضمن إفشال أي محاولة لإضعاف استقرار اليورو". لكن سيتعين تعزيز حسن الإدارة الاقتصادية واحترام الواجبات الملقاة على عاتق الدول الأعضاء في مجال العجز. وستقدم المفوضية غدا مقترحات في هذا الاتجاه. وعرض المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين أن توضع موازنات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تحت رقابة متنامية. ورحبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي ترددت طويلا قبل الالتزام، بخطة لتعزيز وحماية اليورو الذي تعرض للهجوم ، ودعت من جديد شركاءها إلى الانضباط المالي.