سجلت جلسة المحكمة العسكرية العليا في القاهرة التي تنظر قضية "العائدون من البانيا" مفاجأة جديدة، أمس، إذ ظهر بين المتهمين للمرة الأولى ثلاثة تسلمتهم مصر أخيراً من الخارج، بينهم احمد سلامة مبروك الذي تعتبره السلطات المصرية الذراع اليمنى لزعيم "جماعة الجهاد" الدكتور ايمن الظواهري. وكانت "الحياة" نشرت الأربعاء الماضي خبر تسلم مبروك. واتخذت السلطات اجراءات غير مسبوقة لتأمين الجلسة التي عقدت في ثكنة عسكرية في ضاحية الهايكستب شرق العاصمة، وحضر المتهمون الثلاثة في سيارة مصفحة غير تلك التي نقلت باقي المتهمين وظلوا في السيارة حتى بداية الجلسة. وفوجئ الحاضرون برجال الامن يقتادون ثلاثة معصوبي العيون ومقيدي الأيدي وأدخلوهم الى قفص بعيد عن القفص الذي يضم بقية المتهمين الذين يحاكمون حضورياً وعددهم 44. وثار هؤلاء بشدة اعتراضاً على المشهد، فأمر القاضي بفك الاربطة التي عصبت بها عيون الثلاثة. وإلى جانب مبروك، تبين ان الاثنين الآخرين هما عصام محمد حافظ ومحمد سعيد العشري. وقرأ رئيس المحكمة ما جاء في لائحة الاتهام ضد الثلاثة من انهم قادة في التنظيم وانهم كانوا خلف العمليات الارهابية التي نفذتها عناصر الجماعة داخل مصر طوال السنوات الماضية وانهم شاركوا في تدريب تلك العناصر في الخارج، فنفوا التهم المنسوبة إليهم. وسأل القاضي كلاً منهم على حدة: هل انت مذنب أم لا؟ فأكدوا انهم غير مذنبين. وقدم رئيس النيابة محاضر ضبط المتهمين الى المحكمة، وذكر ان القبض عليهم تم يوم 11 شباط فبراير الماضي بعد عودتهم مرحّلين من الخارج. وعلا صراخ الثلاثة من داخل القفص، فقال مبروك إنه سلم من اذربيجان الى مصر في شهر أيلول سبتمبر الماضي، وانه ظل طوال تلك الفترة محتجزاً في مقار اجهزة الامن. وقال حافظ انه سلم في الفترة نفسها من اذربيجان أيضاً، في حين اعلن العشري انه سلم من احدى الدول العربية الإمارات قبل شهرين. واستدعت المحكمة ثلاثة من ضباط جهاز مباحث امن الدولة الذين تسلموا المتهمين عقب وصولهم الى مطار القاهرة، فأفادوا انهم تلقوا تعليمات بالقبض على الثلاثة لحظة وصولهم وانهم لم يناقشوهم في التهم الموجهة اليهم على اساس ان القضية من شأن المحكمة. وأعلن رئيس المحكمة ندب محامين للدفاع عن الثلاثة لكنهم اعترضوا وطلبوا تولي المحامي منتصر الزيات الدفاع عنهم فوافقت المحكمة وسمحت للزيات بالدخول اليهم في القفص والحديث معهم. وترافع الزيات عن المتهم الاميركي المصري الاصل خالد ابو الدهب ودفع ببطلان اعترافاته على اساس انها تمت تحت التعذيب، وحمل بشدة على الولاياتالمتحدة، معتبراً أنها تشن حرباً على الاسلاميين في كل انحاء العالم، لافتاً إلى انه زار اميركا في بداية التسعينات ووجد الاميركيين يساندون الاصوليين في الحرب ضد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان. وأشار إلى ان اكبر مكتب لدعم المجاهدين كان يمارس عمله من نيويورك، ونفى الزيات ما جاء في اعترافات موكليه من ان يكون الظواهري دخل اميركا عام 1995. وقال إن الاميركيين "يعرفون دبة النملة ولا يعقل ان يكون الظواهري دخل الى هناك في غفلة منهم". وقررت المحكمة تأجيل النظر في القضية الى جلسة تعقد غداً الخميس لها لسماع مرافعة الزيات عن مبروك والعشري.