شهدت المحكمة العسكرية العليا، التي تنظر في قضية "العائدون من البانيا"، جلسة عاصفة امس رافع فيها محامون إسلاميون عن 44 متهماً يحاكمون حضورياً. وكانت المحكمة استمعت في جلستين سابقتين الى مرافعات الدفاع عن المتهمين الذين يحاكمون غيابياً وهم معينون من المحكمة وغالبيتهم من غير المحامين الاسلاميين المتخصصين في قضايا العنف الديني. وفي بداية الجلسة طلب المتهم الرئيسي في القضية احمد ابراهيم النجار الكلمة واعلن ان اجهزة الامن استدعته من السجن قبل أيام ووجهت اليه اسئلة عن نشاط إثنين من المتهمين يحاكمان غيابياً وهما احمد سلامة مبروك ومحمد سعيد العشري، وان مسؤولي الامن ابلغوه ان السلطات المصرية تسلمت الاثنين من الخارج. فسأله القاضي: هل شاهدت الاثنين؟ فأجاب: "لم اشاهد أياً منهما، لكن ما حدث يؤكد انهما وصلا بالفعل الى مصر. فلماذا لا يحضرون الجلسات؟". واثبت القاضي كلام النجار في محضر الجلسة ثم طلب من الدفاع البدء في المرافعة. ووصف الدفاع القضية بأنها "تقوم على اقوال مرسلة ولا تتضمن أدلة عن قيام اي من المتهمين بأعمال مخالفة للقانون". واشار الى ان اوراق القضية "تضمنت سرداً ومعلومات مستفيضة عن نشاط مصريين في الخارج خرجوا من البلاد بعلم السلطات وتحت اشرافها للمشاركة في الجهاد ضد الاحتلال السوفياتي لافغانستان". واعتبر ان المتهمين الذين تسلمتهم مصر من الخارج ويحاكمون حضورياً "ضحايا الاعتقاد الخاطئ بأن اي إسلامي مصري مقيم في الخارج يعمل ضد نظام الحكم". وبين المتهمين في القضية اربعة تسلمتهم مصر من البانيا في حزيران يونيو الماضي وآخرون سلمتهم دول عربية اضافة الى شخص سلم من بلغاريا وأميركي من اصل مصري اعتقل وهو في طريقه الى مطار مصري عائداً الى اميركا بعد اجازة قضاها مع اهله في مدينة الاسكندرية. وخضعت الجلسة، التي عقدت في ثكنة عسكرية في ضاحية الهايكستيب، لاجراءات امنية مشددة واستغرقت اكثر من عشر ساعات. وترافع خلالها المحامي منتصر الزيات طالباً من المحكمة اطلاق جميع المتهمين على اساس ان "اوراق القضية لم تتضمن ما يفيد قيام اي منهم باستخدام السلاح او التخطيط للقيام باعمال عنف". واستغرب توجيه النيابة تهمة "الانضمام الى تنظيم سري يهدف الى محاولة قلب نظام الحكم بالقوة" الى جميع المتهمين. ورأى ان لائحة الاتهام في القضية "ضمّت اشخاصاً من الشرق والغرب". واشار بيده الى المتهمين في قفص الاتهام قائلاً: "هؤلاء جمعوا من البانياوبلغاريا واميركا والمنوفية والشرقية والجيزة والقاهرة ودول عربية". وتساءل: "كيف يمكن لهؤلاء في ظل الاجراءات الامنية ان ينسقوا او يديروا تنظيماً محظوراً؟". وكشف الزيات ان من بين المتهمين من تخالف افكاره تماماً افكار "جماعة الجهاد" التي يقودها الظواهري. واشاد "بتوجهات حكومية في الاشهر الماضية التي اثمرت حالاً من الهدوء نعم بها المواطنون المصريون من بينها وقف حملات الاعتقال العشوائية واطلاق اعداد من المعتقلين الاسلاميين على ذمة قانون الطوارىء". لكنه انتقد إحالة المتهمين على المحاكم العسكرية، ولفت الى ان القضية لم تتضمن مصادرة قطعة سلاح واحدة، و"انما اوراق ومستندات يمكن لأي محكمة مدنية ان تنظر في مدى ما تمثله من خروج على القانون". وقال الزيات: "ان السجون لا تقدم سوى الحقد والنقمة على المجتمع وان عدم احترام القانون واحكام القضاء بإطلاق المعتقلين هو اهم اسباب العنف"، مشيرا الى ان عددا من المتهمين في القضية "معتقلون منذ نحو خمس سنوات". وناشد المسؤولين "تطبيق الشريعة الاسلامية". وتمنى على اجهزة الامن ان تتعامل مع "شباب الحركة الاسلامية بايجابية" وعلى اساس "انهم يبحثون عن الفضيلة". وانتقد تحصيل ادلة ثبوتية ضد المتهمين وعدم الاهتمام بتحصيل ادلة تنفي الاتهامات عن الابرياء. وقررت المحكمة تأجيل النظر في القضية الى جلسة تعقد اليوم لاستكمال مرافعات الدفاع.