تحتضن صالة العالمية للفنون الجميلة في مدينة جدة معرضاً الفنان التشكيلي اللبناني وجيه نحلة تحت عنوان "الحركة واللون" وهي المرة الرابعة يعرض فيها الفنان لوحاته في جدة بعد غياب طال 13 عاما، لم ينقطع خلالها عن زيارة السعودية لكن زياراته كانت في هدف تنفيذ أعمال وجداريات في بيوت وقصور لكبار الشخصيات، إضافة إلى معرض أخير أقيم في العاصمة السعودية في 1992. ووجيه نحلة الذي وُلد في بيروت قبل 67 سنة وتتلمذ على يد الفنان مصطفى فروخ، سرعان ما أسّس المدرسة الحروفية والتي اعتمد فيها على الخط العربي والنقوش الإسلامية المصاحبة لبعض الكلمات مثل لفظ الجلالة "الله" الذي يتكرر كثيرا في لوحاته، وهي كلمات يعبر بها عن فلسفته الخاصة حول تعلق الروح بالخالق مهما اختلفت الأديان والأجناس بين الناس. أما ما يلفت النظر في معرضه الأخير، فهو تلك الأشكال التي تكونت من مجموعة الألوان التي اختارها الفنان لكل لوحة لتعطي نتاجا يعبر عن نفسه، وفي ذلك يوضح الفنان بأن "أهم شيء أنني لا أصمم ما أريد أن أرسم، العمل هو تلقائي وعفوي والأفكار تأتي أثناء تنفيذ العمل بعد التأمل". ورغم تعلق نحلة بالحروف العربية لدرجة أنه أسس منها مدرسة عربية خاصة، إلا أن المعرض الذي أطلق عليه اسم "الحركة واللون" تضمن لوحات لاتشتمل على الحروف بل على حركات تؤديها أشكال تكونت من الألوان. إضافة إلى هذه اللوحات كان لا بد من وجود معشوق الفنان الأول والأساسي حتى يؤكد على قول الشاعر "وما الحب إلا للحبيب الأول"، فأتت مجموعة حروفيات الخمس لتتخذ من أحد جدران الصالة موقعا لها، إضافة إلى بعض اللوحات التي تضمنت حروفا وكلمات تشير الى حب الفنان للخط العربي وتعلقه به. ولوجيه نحلة نظرة خاصة به يفسر من خلالها تعلقه ببعض الحروف العربية. ولعل تكرارها في لوحاته يؤكد أن لها دلالات فنية معينة تجعله ينقاد لها، مثل حرف النون الذي يرى بأن له مساحة فنية كبيرة إذ يعبر محيط الحرف شبه الدائري عن الكون والنقطة عن تعلق الروح ببارئها، كما أن حرف الألف من وجهة نظره يرمز إلى الإنصراف إلى البارئ، ويعلق على تمازج حرفي النون والباء في بعض لوحاته بأن كل ما يضاف إليهما يعني ما يصدر أو ما ينطلق مثل نبت، نبع، نبأ... وحول المعرض يشير نحلة إلى أن الاسم جاء من كون "الحركة تحوي جمالية الحرف العربي والدوران الراقص في محاولة الانسلاخ من الحالة المادية إلى متاه روحي". أما اللون فهو يستند - في نظره - إلى النور والشفافية. وما يجدر ذكره ان الرسّام وجيه نحلة ينتمي الى الجيل الثاني من روّاد الفن التشكيلي في لبنان، وقد استطاع عبر النهج الحروفي والإسلامي والصوفي الذي اختطّه لنفسه، أن يتميّز عن رفاق جيله، مؤسساً لغة خاصة في الرسم والتلوين، هي في الحين نفسه منفتحة على العصر وتحولاته ومتجذّرة في التراث العربي ومعطياته الغنية.