لندن، برلين - "الحياة"، رويترز، د ب أ - حافظت العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، طوال الجلسة الصباحية في أوروبا أمس وفي بداية تداولات بعد الظهر على مستوى راوح عند 1.01 دولار، بعيدة سنتاً واحداً فقط عن مستوى التعادل مع العملة الاميركية. وكان اليورو سجل أدنى مستوى له على الاطلاق الاثنين الماضي عندما بلغ في تداولات لندن 1.0034 دولار. وأشار متداولون الى ان اليورو افتقد اتجاهاً واضحاً على رغم انه سجل تحسناً طفيفاً في اليومين الماضيين. وقال كبير الاقتصاديين في "كريديه ليونيه/ لندن" غلين ديفيس: "إننا لا نزال ننتظر ان يخترق اليورو حاجز الدولار نزولاً، لكن ذلك بدأ يستغرق وقتاً أطول مما كنا نتوقع". غير انه أضاف ان الاسبوع لم ينته بعد، خصوصاً وان البنك المركزي الأوروبي سيعقد مؤتمراً صحافياً اليوم الخميس، فيما يتوقع نشر الاحصاءات عن الاجور في الولاياتالمتحدة غداً الجمعة. من جهته، قال كبير الاقتصاديين في "سي اي بي سي وورلد ماركتس" ديفيد كولمان ان مسألة تحرك اليورو ليست متعلقة بالمعادلات الاقتصادية الاساسية في أوروبا أو الولاياتالمتحدة، بل انها متعلقة بمشكلة الألفية "اذ ان المستثمرين يريدون التنويع في المجالات التي تتميز بسيولة أكبر. والسوق الأكثر سيولة هي السوق الاميركية". وأشار محللون في لندن الى ان اليورو قد ينخفض اكثر اذا أظهرت الاحصاءات في الولاياتالمتحدة الجمعة تحسناً جديداً في معدل البطالة. اذ ان أي تحسن جديد سيبرر رفعاً جديداً لأسعار الفائدة لتجنب أي ضغوط تضخمية، على حد قول لورنس ماير، أحد حكام مجلس الاحتياط الفيديرالي البنك المركزي الاميركي أول من أمس. وفي تحليل عن اليورو مع اقتراب الذكرى الأولى لاطلاقه، قالت وكالة "د ب أ" ان العام الأول لليورو يترك خيبة أمل تمثلت في ردود فعل متباينة، على رغم ترديد الزعماء الأوروبيين في المرحلة الأولى من اطلاق العملة الموحدة في كانون الثاني يناير الماضي ان العملة الاوروبية ستدعم مركزها وتصمد بقوة أمام هيمنة الدولار الاميركي. فقد أعرض كبار المستثمرين في العالم عن اليورو وركزوا على الاستثمار بالدولار الاميركي والين الياباني في الوقت الذي تنخفض قيمة اليورو الى مستوى التعادل مع الدولار. وقال الاقتصادي بول مغيسي في مصرف "دويتشه بنك" الألماني ان "اليورو يخسر في معركة رأس المال العالمي". ويذكر ان الطلب على رأس المال تزايد، فيما نقص المعرو ض في السوق العالمية مع التسارع الذي حدث في الأشهر الأخيرة في معدلات نمو الاقتصاد العالمي، بفضل الازدهار المستمر للاقتصاد الاميركي وتمكن الاقتصاد الياباني من استعادة عافيته. وتأثر الطلب على اليورو ايضاً بسبب قلق المستثمرين في شأن التغييرات الهيكلية في أوروبا، خصوصاً في ما يتعلق بالمعارضة التي ظهرت في المانيا وفرنسا ضد شراء شركات اجنبية لبعض الشركات المحلية في هاتين الدولتين، ما يعكس مقاومة في أوروبا للاصلاح. وظهر هذا القلق خصوصاً بعد تصدي الحكومة الفرنسية بقوة لمحاولات شركة "كوكا كولا" تملك شركة "اورانجينا"، والتردد القوي من قبل الحكومة الالمانية في السماح بوقوع شركة "مانسمان" في أيدي شركة "فودافون إرتتش" البريطانية التي تقدمت بعر ض جريء لدمج الشركتين. ولا شك في ان الخطر الحقيقي الذي يهدد اليورو هو انه تراجع أمام عدد كبير من العملات الرئيسية، ما اضطر البنك المركزي الياباني الى التدخل مرات عدة مطلع الاسبوع الجاري لوقف ارتفاع الين. لكن على رغم ان العملة الأوروبية تمكنت من استعادة بعض قوتها في التداولات الأوروبية في اليومين الماضيين، إلا أنها تتأرجح بشكل يهدد بتعادلها مع الدولار. وهناك توقعات باحتمال هبوط سعر اليورو الى ما دون سعر التعادل قبل نهاية السنة الجارية. ويشار الى ان قيمة العملة الأوروبية انخفضت بنسبة 13 في المئة منذ بدء العمل بها مطلع السنة الجارية. ولدى حساب العملة الأوروبية بالعملة الالمانية، يتضح ان سعر الدولار قد وصل أمامها الى أعلى مستوياته منذ 9 اعوام. ويذكر ان سعر الدولار قد زاد عن 1.9 مارك ألماني في الأسابيع الأخيرة. وعلى رغم ان انخفاض اليورو عزز الصادرات الأوروبية، إلا ان تعادله مع الدولار قد يوجه ضربة نفسية وسياسية حقيقية للعملة الأوروبية الموحدة. وأدى تردي سعر اليورو الى تجدد الشكوك ازاء جدوى مشروع الوحدة النقدية الأوروبية برمته في دول مثل المانيا. كما انه يتوقع ان يؤدي ذلك الى جعل الأمر اكثر صعوبة لدى محاولة ضم دول اخرى مثل بريطانيا والسويد الى العملة الأوروبية الموحدة. اما البنك المركزي الأوروبي، فقد نأى بنفسه عن محنة اليورو، آملاً ان يؤدي النمو المتوقع لاقتصادات منطقة اليورو إلى تحسن العملة الموحدة. ورفع البنك الشهر الماضي سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة اساسية. ولذلك فإن قلة من الاقتصاديين تتوقع ان يتحرك البنك مرة اخرى في المدى المتوسط لتحجيم المعروض من النقود. إلا انه مع انخفاض اليورو واقترابه من نقطة التعادل مع الدولار، ستتزايد التكهنات بأن البنك سيرفع سعر الفائدة مرة اخرى في وقت مبكر من السنة المقبلة.