إحراج أخفقت ملامح رزانة وجه كوفي عنان في إخفائه حينما واجه وسائل الاعلام إثر نشر خبر استغلال المخابرات الاميركية للجنة "أونسكوم" لأغراض تجسسيه لما يزيد على ثلاثة اعوام على الصفحة الاولى من احدى اشهر الصحف الاميركية وأشدها تأثيراً في الحياة السياسية المعولمة. ريتشارد بتلر على الجانب الآخر لا يبدو وكأنه تأثر... فهو اول من يعلم لا آخر من يدري ان دوره قد انتهى بل ولا يبعد ان يكون عالماً بأبعاد دوره حينما ابتدأ... بيدق صغير على شطرنج لعبة الأمم لا يقارن بشاه كبير او حتى بفيل ووزير..!! فرقعة الشطرنج العصرية استبدلت قوانينها الرومانسية الكلاسيكية المشرقية بأنظمة غربية حديثة علمية تعتمد على المصالح ولا تقيم وزناً حتى لحفظ ماء الوجه. التسرع في إلصاق القول الشامت "ان كنت تدري فتلك مصيبة، وان كنت لا تدري فالمصيبة اعظم" تهمة ظالمة بحق كوفي أنان الجدير بكل احترام. فإلى جانب خبرته في دهاليز وسراديب وصالات الأممالمتحدة النادر مجاراتها فان الرجل أبدى من الجهد والتفاني والصبر ما يستحق كل تقدير. بل ولعل ما ناله من تقدير ومن اضواء وهتاف إثر نجاحه في تأجيل لا الغاء ضرب العراق قد يكون احد الأسباب في التسريب الاخير بكل ما يحمله في طياته من تشويه وتشهير بدور الأممالمتحدة التي يتربع على ارفع مناصبها كوفي أنان الذي لم يكن اول ولن يكون الاخير في سلسلة ضحايا مناصب الأممالمتحدة. اغتيال الكونت برنادوت في القاهرة، غموض حادثة سقوط داج همدشولد في الكونغو، تشويه سمعة كيرت فالدهايم في النمسا، محاربة "أمبو" اليونسكو في باريس وإبعاد بطرس غالي في نيويورك رغم رغبة العالم أجمع بالتجديد بما فيه بريطانيا التي لم يسجل لها وقوف ضد الولاياتالمتحدة سوى ذلك التجديد وصراع الموز في الآونة الاخيرة، بعض من ابرز المؤشرات على ما قد يتعرض له شاغلي مناصب الأمم من شظايا تجعل منهم ضحايا مهما بلغت دروع خبرتهم وممارستهم وثقافتهم من سماكة. لعل في ذلك مؤشر لمدى حاجة من يشغل تلك المناصب لتمتين دروعه لتمكين وصوله في ان يثمر بدل ان يقتصر على تسيير المعاملات وتحبير القرارات. إستقالة دنيس هاليدي من مصبه كمساعد للسكرتير العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية وإبعاد بطرس بطرس غالي من ارفع المناصب ومحاربة "أمبو" ومحاولات تشويه سمعة فالدهايم لم تحط من قدرهم بقدر ما أبدت نبل مبادئهم ومقاومتهم للخضوع او الاستسلام لدور المنصاع لقوى النفوذ العالمية الجبارة. يوسف بن عبدالرحمن الذكير الرياض