هل انتهت عهود الاستقرار في العالم العربي؟ "الأصوات التي تسمعونها الآن من الشرق الأوسط صادرة عن تحطم صحون الخزف الصيني". وراء ذلك في تقدير الكاتب السياسي توماس فريدمان تداخل عوامل الجيولوجيا انهيار أسعار النفط والبيولوجيا جيل من الزعماء يختفي والتكنولوجيا الانترنت والعولمة. ويكتب فريدمان في صحيفة "نيويورك تايمز" عن تحطم الصحون في دول في المنطقة بينها سورية الانترنت أيضاً والدور المنتظر لبشار الأسد واسرائيل انتقال اليهودي الشرقي اسحق موردخاي من حزب ليكود الى زعامة حزب الوسط الذي أسسه اليهود الغربيون والأردن ولاية العهد الجديدة وايران صراع اليمين المحافظ واليسار الليبرالي. ومن دون ذكر لتحطيم الصحون اليومي الذي تقوم به أحدث أنواع التكنولوجيا الأميركية في العراق يختتم فريدمان مقاله بالقول: "عندما تتداخل الجيولوجيا والبيولوجيا والتكنولوجيا بهذا الشكل في منطقة تصبح الأمور بالغة الاثارة. والتوقع الوحيد الذي اقدمه هو : أنكم لم تروا شيئاً بعد". بكلمة اخرى فإن الكاتب الأميركي يتكهن بأنه لا يستطيع أن يتكهن. وهذه معضلة فلسفية كتلك التي أثارها الفيلسوف القرطاجي أبنميدس، حين قال: "أنا كذاب". فاذا كان أبنميدس صادقاً فهو كاذب، أو بتعبير آخر فان كل ما يقوله غير صحيح إلاّ إذا كان كذباً. وهذا هو اتجاه الاعلام الغربي منذ حرب الخليج، في رأي الدكتور حميد مولانا، استاذ المعلومات في الجامعة الأميركية في واشنطن. ويعتقد العالم الايراني الأصل أن العالم محكوم الى الآن بالصورة الموهومة الشاملة التي صنعتها دعاية الحرب وفق قاعدة "أخبار أكثر تعني أخباراً أقل". إنه قانون أبنميدس في التطبيق. أخبار أكثر عما ستحدثه الجيولوجيا والبيولوجيا والتكنولوجيا تعني أخباراً أقل عنها. فالحدث البيولوجي في المنطقة العربية ليس استبدال زعماء شباب بزعماء مسنين، بل قفزة في نسبة شباب المنطقة العربية الذين سيصبحون في القرن المقبل ثالث أكبر قوة شابة في العالم بعد الصينيين والهنود. وهذا ليس مجرد تحول ديموغرافي. ففي العقدين المقبلين سيصبح أكثر من بليوني انسان آسيوي في عداد الطبقات المتوسطة. وأطفال آسيا الذين يولدون في أكثر السنوات إثارة في التاريخ الحديث، يصبحون في رأي بيتر شفارتز، مؤلف كتاب "فن النظرة بعيدة المدى" قوة محركة جديدة تغير السياسات والتعليم والعمل والسكن وطراز الملابس والموسيقى. ولا يمكن استقراء التغييرات التي سيحدثونها على أساس ردود الفعل التقليدية لرفض القيم السائدة أو قبولها. هذا لم يحدث في الماضي ولن يحدث في المستقبل. توضح ذلك التحولات الأخيرة في روسيا وأوروبا الشرقية، حيث اتجهت ثقافة الشباب الى التفاعل مع تناقضات الأجيال القديمة وقيمها وليس مجرد تبنيها أو رفضها. والتوقعات أشد تعقيداً بصدد تأثير العامل التكنولوجي أو الانترنت الذي يتصور فريدمان أنه سينهي سيطرة الحكومات العربية على المعلومات. ففي الانترنت لا سيطرة لأحد. حتى اللغة الانكليزية التي تحتل حالياً 80 في المئة من المعلومات المخزونة في الانترنت ستنخفض الى40 في المئة خلال العقد المقبل وفق توقعات "الشركة الانكليزية". وتطور الانترنت بسرعة تقنيات تدعم استخدام صفحاتها في كل اللغات، وستتيح برامج الترجمة الآلية خلال سنوات قليلة استدعاء المعلومات وترجمتها فورياً الى أي لغة. الآن لا يمر يوم تقريباً من دون أن ينشئ صبيان وبنات عرب مواقع وصحفاً الكترونية يوزعونها بواسطة الانترنت عبر الكرة الأرضية.