استكملت الانتفاضة الطالبية التي أدت الجمعة الماضي الى فك الحصار الإسرائيلي عن بلدة أرنون في جنوبلبنان، والالتفاف الشعبي والسياسي حولها، خطوات استعادة البلدة الى المناطق المحررة أمس. فأعيد فتح الطريق الى أرنون المغلقة منذ اثنتي عشرة سنة، وتحولت البلدة محجاً لكل القوى السياسية فغصت ساحتها أمس بالوافدين اليها من كل المناطق وسط الأهازيج ومظاهر الابتهاج راجع ص 2. وأدى التدخل الأميركي لدى الجانب الإسرائيلي من أجل تجنب قمع التظاهرة الطالبية والانتفاضة الشعبية، الى تعهد بعدم اعادة الأسلاك الشائكة التي طوقت قوات الاحتلال بها البلدة. ونقلت "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية عن "مصادر ديبلوماسية في بيروت" ان "التكامل الذي برز بين التحرك الرسمي الذي قاده رئيس الجمهورية العماد اميل لحود في شأن قضية أرنون والتحرك الشعبي شكل سابقة مهمة في الحياة السياسية اللبنانية". وتابعت المصادر: "غالباً ما كانت المواقف الرسمية في واد والمواقف الشعبية في واد آخر، وأفرز هذا التكامل التصاقاً بين القاعدة ورأس الهرم وهو أمر لم يكن سهلاً التوصل اليه في السابق على رغم الظروف الصعبة التي عاشتها البلاد في السنوات الماضية نتيجة الممارسات الإسرائيلية". وتحدثت عن فاعلية تحرك رئاسة لجنة المراقبة المنبثقة من تفاهم نيسان ابريل والتي يتولاها حالياً المندوب الاميركي ريتشارد أردمان، بعد تبلغها موقف لحود تحميل اسرائيل مسؤولية أي اعتداء على الطلاب، حتى سارعت الى نقله الى الإسرائيليين وتأكيد أن قوات الاحتلال لن تعاود التضييق على البلدة. وأكدت المصادر أن لبنان "لم يتراجع عن موقفه تحت وطأة الضغوط الإسرائيلية، وان التكامل بين دور الدولة وموقف الشعب سيزداد رسوخاً". ونقل رئيس الحكومة السابق النائب عمر كرامي عن القائم بالأعمال الأميركي في لبنان ديفيد هيل ان "الأمور التي تمت في أرنون حصل اتفاق عليها ولن يعود الوضع السابق، وبعد الانتخابات الإسرائيلية ستكون هناك جهود أميركية مكثفة من أجل معاودة التفاوض خصوصاً على المسار اللبناني - السوري". وردمت جرافات تابعة للدولة اللبنانية أمس حفرة كبيرة وأزالت سواتر ترابية كان الإسرائيليون حالوا عبرها دون انتقال المواطنين الى البلدة بالسيارات منذ سنوات. وأرسلت الجهات الرسمية ما يلزم لتعبيد الطريق اليها، فيما تتبع لحود أنباء زيارات الرسميين لأرنون والإجراءات المتخذة لتكريس استعادة البلدة. وقالت مصادر رسمية لپ"الحياة" ان الانتفاضة الطالبية التي واكبتها الدولة وسعت الى تثميرها، بعد فك الحصار عن أرنون، أمنت مخرجاً لكل الأفرقاء المعنيين بقضية أرنون. فلبنان الذي كان محرجاً بسبب صعوبة التقدم بشكوى الى مجلس الأمن على ضم اسرائيل البلدة في ظل الاصرار الأميركي على عدم اللجوء الى المجلس، حقق مطلبه بتحرير أرنون بعدما عجزت لجنة مراقبة "تفاهم نيسان" عن اتخاذ موقف حاسم. والولايات المتحدة تجنبت لجوء لبنان الى المجلس والذي كان سيترك تعقيدات أقلها الطرح الإسرائيلي لآلية تنفيذ القرار 425 في شكل يؤدي الى فصل المسارين اللبناني والسوري. أما اسرائيل فضمها أرنون حوّلها الى قضية، صعّدت الموقف الإعلامي الخارجي ضد الدولة العبرية ازاء الحملة اللبنانية السياسية - الديبلوماسية على اجراءاتها.