عبر مبعوث الاتحاد الأوروبي إلى منطقة الشرق الأوسط ميغيل انخيل موراتينوس عن قلقه ازاء التصعيد الأخير في جنوبلبنان، في إشارة إلى الرد الإسرائيلي بقصف جنوبلبنان انتقاماً لمقتل الضباط الإسرائيليين الثلاثة في عملية ل "حزب الله". وقال في مقابلة مع "الحياة" إن التصعيد في هذه المرحلة من حملة الانتخابات الإسرائيلية سلبي وحساس. ودعا إلى ضبط النفس لتفادي مزيد من التصعيد، خصوصاً وان "لا أحد يستفيد من هذا التوتر، وان جهوداً تبذل حالياً على المستوى الميدانية لتهيئة أرضية لاستئناف الحوار بعد الانتخابات الإسرائيلية". وأوضح موراتينوس ان منطقة الشرق الأوسط تجتاز مرحلة حرجة في حاجة إلى إدارة الأمور بعناية كبيرة وحكمة وديبلوماسية وقائية لضمان استمرار عملية السلام على جميع المسارات. بيد أنه أضاف انه ليست هناك أي مبادرات يحملها الاتحاد الأوروبي حالياً ترمي إلى انعاش عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط "لكن هناك جهوداً حثيثة ومتواصلة لتمكين الأطراف المعنية من استئناف الحوار والتفاوض بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية". وأعلن موراتينوس عن عزمه القيام بجولة في منطقة الشرق الأوسط في نهاية آذار مارس المقبل تشمل سورية ولبنان "وقبل ذلك سأجري محادثات مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والحكومة الإسرائيلية لتقويم الوضع ورؤية ما يمكن عمله بعد مرحلة الانتخابات"، في إشارة إلى إمكان استئناف المفاوضات على المسارين السوري واللبناني، لكنه أضاف انه لا يحمل أي مبادرة إلى سورية لتحريك المفاوضات المجمدة مع إسرائيل "وسنواصل جهودنا للترتيب لاستئناف المفاوضات على المسار السوري - الإسرائيلي". وأشار موراتينوس أن جولته إلى منطقة الشرق الأوسط تشمل أيضاً الأردن للتباحث مع العاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين "وقد وعدت الملك عبدالله خلال زيارتي الأخيرة للأردن بتأكيد الدعم الأوروبي السياسي للأردن". وسئل موراتينوس عن الموقف الأوروبي من مسألة إعلان الدولة الفلسطينية، فأوضح أن الاهتمام مركز حالياً على الجهود داخل أوروبا لاتخاذ موقف أوروبي مشترك من موعد الرابع من أيار مايو "وأنا الآن بصدد اجراء مشاورات مكثفة طوال هذا الشهر وسأقوم بجولة في بداية آذار مارس المقبل إلى أوروبا للبحث في موقف أوروبي مشترك وواضح من مسألة إعلان الدولة الفلسطينية في أيار المقبل". وأكد موراتينوس ان الاتحاد الأوروبي يبذل جهوداً ديبلوماسية ويجري مشاورات مع الولاياتالمتحدة والأطراف المعنية، خصوصاً السلطة الوطنية الفلسطينية للوصول إلى أفضل السبل بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية لاتخاذ القرار الصائب في هذا الشأن. وأوضح ان الاتحاد الأوروبي لم يمارس أي ضغوط على الرئيس الفلسطيني لتأجيل موعد الاعلان عن الدولة الفلسطينية "وهذا قرار من اختصاص الرئيس الفلسطيني، وعلى الفلسطينيين وحدهم تقويم ايجابيات الموضوع وسلبياته، لكننا ندعم الجهود ونواصل المحادثات مع عرفات". وأضاف موراتينوس انه يجري اتصالات مستمرة مع الرئيس الفلسطيني لبحث تطورات الموقف و"أتصل مع عرفات كل أسبوعين وقبل يومين التقينا في بون وعرضنا لمستجدات الموقف من مسألة الاعلان عن الدولة الفلسطينية". وقال موراتينوس إن من السابق لأوانه التكهن بالموقف الأوروبي في هذا الشأن، "وما نعرفه وما قلناه للفلسطينيين هو أننا مستعدون لتحمل مسؤولياتنا السياسية تحديداً من خلال مساعدة الفلسطينيين والاستمرار في دعم مسلسل السلام، وحض جميع الأطراف على مواصلة العمل في إطار التعاون والحوار". وسئل موراتينوس عن طبيعة الدور الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط أمام الدور الأميركي في المنطقة، فقال إن مواقف الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة من الأوضاع في المنطقة مختلفة والدور السياسي الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي مخالف للدور الذي تلعبه الولاياتالمتحدة، لكنه أضاف ان القرارات السياسية الأوروبية تكتسي أهمية حيوية في المنطقة "والاختلاف في الدورين الأميركي والأوروبي يأتي من كون الولاياتالمتحدة لها ضغوط مستقبلية، لكن الاتحاد الأوروبي اتخذ موقفاً ازاء ضمان حقوق الشعب الفلسطيني". واستبعد أن يكون الدور الأوروبي محصوراً في عمليات التمويل أو تقديم المساعدة الاقتصادية للفلسطينيين وإنما سياسياً من خلال العمل على تقويم الهدف النهائي من المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلي "ولا يجب النظر إلى الدور الأوروبي على أنه غير قادر على تجاوز الدور الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، وإنما نسعى إلى إقامة نوع من التشارك في العمل" للوصول إلى الأهداف المطلوبة. وقال موراتينوس إن مساعدة الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين بين عامي 1993 و1998 وصلت بليوني وحدة أوروبية "وسنواصل مساعدتنا للفلسطينيين لدعم جهود إقرار السلام في منطقة الشرق الأوسط". وأضاف ان الاتحاد الأوروبي يرغب في أن يمكن الدعم المالي الشعب الفلسطيني من الاستفادة. وعبر المبعوث الأوروبي إلى منطقة الشرق الأوسط عن اعتقاده بأن السنوات المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة إلى عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط "واعتقد أن ما سنراه خلال الأعوام المقبلة سيكون في غاية الأهمية". وأوضح موراتينوس ان الانطلاقة ستكون بعد انتهاء الانتخابات العامة في إسرائيل "ويجب دفع المفاوضات للوصول إلى تسوية نهائية للنزاع الإسرائيلي - العربي". وأكد موراتينوس انه ليس من السهل محو المواجهات التي طبعت الصراع العربي - الإسرائيلي خلال خمسة عقود "ولا يمكن مسح التاريخ ومحو المواجهات بين الأطراف المعنية بمسلسل السلام في ثماني سنوات"، منذ بدء أعمال مؤتمر مدريد "هناك وقت طويل من السلام والحوار ويصعب تغيير العقليات في ظرف سبع أو ثماني سنوات". وعما إذا كانت هناك مساعٍ أوروبية للمساعدة في تسوية قضية القدس، قال موراتينوس إن موقف الاتحاد الأوروبي ازاء القدس معروف وهو موقف يدعم حل هذه المسألة في إطار مفاوضات الوضع النهائي الدائم، وفقاً لاتفاق أوسلو "ونحن نجري مشاورات مستمرة في الموضوع وتباحثنا مع الفاتيكان وأطراف أخرى معنية". لكنه أضاف انه "لا يجب اغفال البعد الديني والروحي للقدس، مما يتطلب ايجاد تسوية تراعي هذه الجوانب لكن الحل النهائي للقدس يبقى في يد الفلسطينيين والإسرائيليين وحدهم". وأكد ان المفاوضات حول القدس ستكون معقدة وشاقة بالنظر إلى طبيعة الوضع الحالي، في إشارة إلى عمليات الاستيطان ومصادرة الأراضي التي تنهجها إسرائيل في مسعى لتغيير الوضع لفائدتها. وقال موراتينوس إن من الصعب الوصول إلى الوضع الذي كانت عليه القدس قبل 1967 "ويجب ابداء كثير من التسامح والتعاون بين المجموعات المتعايشة في القدس لتسوية هذه المسألة". وأكد موراتينوس أنه لن يكون هناك سلام في منطقة الشرق الأوسط من دون ايجاد تسوية للوضع الدولي للقدس "ولا ينبغي أن تستخدم المرحلة الراهنة لتغيير واقع الأمور في المدينة المقدسة". وقال إن الاتحاد الأوروبي يتابع باهتمام كبير الانتخابات الإسرائيلية و"أنا مقتنع أنه أياً يكن رئيس الوزراء الجديد يجب أن يكون ملتزماً بمواصلة عملية السلام وليس هناك خيارات أخرى مطروحة غير تسريع المفاوضات".